يقع مثلث الحدود الأردنية -العرقية -السورية في المنطقة الصحراوية، التي تسمى تاريخياً “بادية  الشام”، الواقعة جنوب شرقي سوريا، وتضم شرق #الأردن وغرب العراق وجزءاً من شمال #السعودية. وتغطي مساحة 518.000 كم مربع.

يشكّل هذا المثلث  رأس حربة في غاية الأهمية، جيواستراتيجياً وأمنياً واستخبارياً، للعراق وسوريا والأردن، خاصة في ظل تواتر المعلومات الأمنية والاستخبارية عن عودة نشاط خلايا تنظيم #داعش في صحراء غربي العراق، ضمن محافظة #الأنبار، التي تعدّ أكبر محافظات العراق، وتشكّل ثلث مساحته تقريباً، وأُطلق عليها، بعد عام 2003، لقب “المنطقة الثائرة”، لكثرة ما شهدته من اضطرابات. ‏

ويكتسب المثلث الحدودي بين العراق وسوريا والأردن أهمية ‏استراتيجية، كونه يُشكل عقدة مواصلات إقليمية، تربط الأردن وسوريا والعراق ولبنان وإسرائيل ‏بدول الخليج  وإيران، ودول أسيا ‏الوسطى.‎ ‎ويقع على جانبيّ الحدود بين الأردن والعراق معبران حدوديان، هما مركز حدود “الكرامة”، بالقرب من بلدة “الرويشد” الأردنية، التابعة لمحافظة “المفرق”؛ ومجمّع “طريبيل” الحدودي، الذي يقع بالقرب في بلدة “طريبيل” العراقية، التابعة لمحافظة الأنبار. ويبعد حوالي 320 كيلومترًا عن العاصمة الأردنية #عمّان.

 

ارتفاع وتيرة الهجمات

ارتفعت وتيرة الهجمات الإرهابية، وازاد نشاط خلايا داعش، المتنقّلة في البادية السورية، بالشهور الماضية، فنفّذ التنظيم عدداً من العمليات الإرهابية، التي أكد “المرصد السوري لحقوق الإنسان” أنها «أدت  إلى مقتل واحد وعشرين عنصراً من القوات التابعة للحكومة السورية، والمليشيات الموالية لها. وبلغت حصيلة القتلى، على يد التنظيم، منذ أواخر مارس/آذار من العام 2019، وحتى الثامن عشر من تشرين الثاني/نوفمبر 2020، 986 عنصراً من #القوات_النظامية، والمسلحين الموالين لها، من جنسيات سورية وغير سورية، من بينهم اثنان من الروس على الأقل، إضافة لـمئة وأربعين عنصراً من المليشيات الموالية لإيران، من جنسيات غير سورية».

وأشار المرصد إلى أنّ «التنظيم شنّ هجمات متعددة، وكان مسؤولاً عن تفجيرات وكمائن في غرب #الفرات وبادية #دير_الزور والرقة وحمص والسويداء». كما وثّق “المرصد السوري” «مقتل أربعة مدنيين عاملين في حقول الغاز، وأحد عشر مدنياً من رعاة الأغنام، في هجمات داعش»، بينما وثّق «مقتل 532 من عناصر التنظيم، خلال الفترة ذاتها».

وتعطي هذه العمليات مؤشراً على تواصل خطورة التنظيم في المنطقة، وقدرته على العودة للنشاط، كلما أُعطي الفرصة للتحرك، وخفّ الضغط عليه من #التحالف_الدولي لمكافحة الإرهاب. كما تؤكد أن تنظيم داعش لم ينته بعد، على الرغم من إعلان أطراف عدة، مثل الإدارة الأميركية والحكومة العراقية، أنه لم يعد له وجود حقيقي في مناطق الصراع الرئيسة في سوريا والعراق.

 

استراتيجية جديدة للتنظيم

الخبير الاستراتيجي “عمر الرداد”، مدير عام “مركز الطريق الثالث للاستشارات الاستراتيجية” في العاصمة الأردنية عمان، أكد لموقع «الحل نت» أن «التنظيم غيّر من استراتيجيته في القتال، من حرب مفتوحة ومباشرة وانتحارية، إلى حرب عصابات وخلايا نائمة صغيرة».

فيما يؤكد خبراء عراقيون أن «الهجمات الإرهابية، التي ينفذها داعش داخل العراق، وفي المنطقة الصحراوية الغربية، على حدود الأردن وسوريا، مؤشر على أن للتنظيم حواضن وملاذات آمنة داخل المدن، توفّر له التنقل والترابط والتخطيط المريح».

وفي هذا المجال يرى الخبير العراقي “جاسم محمد”،  رئيس “المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات” في جمهورية #ألمانيا الاتحادية، أن «نشاط داعش المستقبلي سيكون على شكل مفارز متحرّكة، تتألف من عشرة أشخاص، تقوم بقطع الطرق، خاصة الطريق الدولي، وتحصيل الإتاوات من العابرين عليه، لتمويل التنظيم».

مضيفاً، في حديثه لموقع «الحل نت»، أن «عودة تنظيم داعش الى منطقة الحدود العراقية السورية كانت متوقعة جداً، خلال وجود القوات الأميركية، ومن ممكن أن تتصاعد مع الانسحاب الأميركي من العراق».

 

جديّة التهديد

بالنسبة لـ”عمر الردّاد” فإنّ «المثلث الحدودي الصحراوي، بين العراق وسوريا والأردن، يبقى إحدى المناطق ‏المرشحة لعمل داعش، وربما يشكل تهديداً للمصالح الأردنية في المنطقة، خاصةً وأن المناطق ‏التابعة لسوريا والعراق، من المثلث، هي مناطق صحراوية شاسعة، وتُعتبر خاصرة رخوة أمنياً، لضعف سيطرة #بغداد ‏ودمشق عليها، إلا أن هذا التهديد سيبقى مرتبطاً من جهة بحسابات داعشية، وهي توفر قدرات ‏عملياتية جديدة، تمكّن التنظيم من شن حروب خاطفة؛ ومن جهة أخرى يحسابات التوظيف السياسي لجهات “‏متواطئة” مع داعش، من حكومات وأجهزة استخبارات، لديها خبرات بالتعامل مع التنظيم، في سوريا والعراق».

بينما يرى الدكتور “زيد النوايسة”، المحلل السياسي الأردني، أن «عودة هجمات تنظيم داعش، بهذا الزخم والاندفاع، في منطقة البادية السورية، بعد حالة من الكمون، هي مؤشر على أن التنظيم يعيد تموضعه. ويبدو أنه تمكّن من تخزين الأسلحة، التي استولى عليها من القوات العراقية والسورية سابقاً».

وأكد “النوايسة”، في حديثه لموقع «الحل نت»، أنه «من المبكّر القول إن هناك إمكانية للقضاء على تنظيم داعش، دون تفاهم دولي واسع، لكافة الفاعلين في ملف مكافحة الإرهاب».

كل هذه المعطيات تؤشر إلى أن استمرار سياسة التراخي في مواجهة داعش، وانسحاب القوات الأميركية من سوريا والعراق، سيكون لهما نتائج كارثية على الأردن، الذي سبق أن اضطر إلى إغلاق معبر “الكرامة” مع العراق، بين عامي 2015 و2017، بسبب سيطرة تنظيم داعش على منطقة الرمادي؛ إضافة الى تأثيرهما السلبي على سوريا والعراق، أمنياً وعسكرياً، مع عودة إغلاق الحدود والمعابر مجدداً، التي ستؤدي إلى مزيد من تعطيل الحركة الاقتصادية، وإعاقة انسياب حركة التجارة والمسافرين بين الدول الثلاث، التي تعاني أصلاً من مشاكل اقتصادية هيكلية خطيرة جداً، خاصة في ظل استمرار جائحة #كورونا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة