فوضى المعابر والسلاح في ريف حلب الشمالي: هل بات “الجيش الوطني” السبب الأساسي لمعاناة الأهالي؟

فوضى المعابر والسلاح في ريف حلب الشمالي: هل بات “الجيش الوطني” السبب الأساسي لمعاناة الأهالي؟

بات النزاع على السيطرة والنفوذ بين فصائل #الجيش_الوطني المعارض، المدعوم من #تركيا، روتيناً يومياً، اعتاده سكان المناطق الخاضعة لسيطرتها شمال شرقي #حلب.

تصاعد النزاع حوّل المنطقة إلى مرتع للخطف والفوضى، وسط انفلات أمني روّع الأهالي. وقد رصد موقع «الحل نت» أربعة اشتباكات مسلحة، بين فصائل منضوية في الجيش الوطني، منذ بداية أيلول/سبتمبر الفائت وحتى مطلع كانون الأول/ديسمبر الجاري.

 

تواصل الاشتباكات

«في الأول من كانون الأول/ديسمبر اندلعت اشتباكات عنيفة، في قرية “التفريعة” شرقي مدينة حلب، بين فرقة #الحمزات و”لواء سمرقند”، نتيجة خلافات على معابر التهريب المحاذية للقرية، ما أسفر عن وقوع سبعة جرحى من الطرفين، وإصابة ثلاثة مدنيين، كانوا قريبين من مكان الاشتباك»، وفق ماصرّحت به مصادر محلية من القرية لـ«الحل نت».

وعلى خلفية الاشتباكات «حشدت فرقة الحمزات تعزيزات إضافية لها في محيط القرية، وهددت باقتحام  مقرات لواء سمرقند». وفقاً للمصادر ذاتها.

هذا الاشتباك ليس الأول من نوعه، ففي السادس عشر من تشرين الثاني/نوفمبر الفائت، «اندلعت اشتباكات بين عناصر “الجبهة الشامية” وفرقة الحمزة، التي كانت تحاول تهريب شاحنات محمّلة بالمواد الغذائية، من مناطق سيطرة #الحكومة_السورية إلى مناطق سيطرتها، عبر قرية “السكرية”، شرقي مدينة #الباب، وأدت الاشتباكات إلى  مقتل مدني، وجرح سبعة آخرين، بينهم أطفال»، وفقاً لناشطين إعلاميين من المنطقة.

كما «اندلعت معارك داخل مدينة الباب نفسها، بين كل من فرقة الحمزات، والشرطة العسكرية التابعة للجيش الوطني، في أيلول/سبتمبر الفائت، بسبب خلاف على عمليات تهريب من معابر غير نظامية، ما تسبب بمقتل شخصين، بينهم امرأة، وإصابة طفلة داخل خيمتها، بطلقة في الرأس، فيما اندلعت النيران في المحاصيل الزراعية، واحترقت إحدى محطات الوقود في المدينة»، بحسب المصادر نفسها، التي تحدثت أيضاً عن «اشتباكات بين عناصر من فرقة الحمزات وبعض المُهجّرين من #الغوطة الشرقية بريف #دمشق، نهاية تشرين الأول/أكتوبر الفائت، بسبب رمي عناصر من الفرقة قنبلة يدوية على أحد المحال التجارية، بعد رفض صاحب المحل بيع بضائعه لهم».

 

معابر التهريب نقمة على الأهالي

الناشط “محمد العيسى”، من مدينة الباب، قال لموقع «الحل نت» إن «معابر التهريب باتت مصدر رزق، ومورداً كبيراً لفصائل الجيش الوطني، بسبب ما تُدرّه من أموال للقائمين عليها، والمهربين المتعاونين معهم، وتسعى  جميع فصائل “الوطني”  للسيطرة عليها، ما أدى لحدوث اشتباكات ومعارك كثيرة».

وتابع “العيسى” حديثه بالقول: «محصلة كل اشتباك عدد من الضحايا المدنيين، سواء من أهالي المنطقة أو النازحين إليها، ولذلك باتت معابر التهريب كارثة على المدنيين، لما تتسبب به من نزاعات مسلحة شبه أسبوعية، عداك عن التفجيرات الكثيرة، المتعلقة بعمليات التهريب، والتي ذهب ضحيتها عشرات المدنيين أيضاً».

وأشار الناشط المحلي إلى أن «عدد معابر التهريب، الواقعة شمال وشمال شرق حلب، تجاوز الأربعة عشر معبراً، بعضها يُستخدم لعمليات التهريب بواسطة المركبات المتوسطة والكبيرة، وبعضها الآخر يُستخدم لعمليات التهريب الراجلة. ومن أهم تلك المعابر معبرا “عون الدادات” و”أبو الزندين”، اللذان كانا معبرين رسمين قبل إغلاقهما. فضلاً عن معابر التهريب غير الرسمية، مثل  “السكرية” و”أم الجلود”، المعروف باسم “الحمران”، و”توخار” و”تفريعة” و”براد”، وجميعها تحت سيطرة فصائل الجيش الوطني».

وأفاد “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، نقلاً عن مصادر وصفها بـ”الموثوقة”، أن «عمليات التهريب تتواصل بشكل متصاعد ومنظّم، من مناطق نفوذ الفصائل الموالية لتركيا، بريف حلب الشمالي الشرقي، نحو المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية»، وأضاف أن «عشرات الشاحنات، المحمّلة بمختلف أنواع البضائع، مثل المواد الغذائية والماشية، تتوجه  نحو قرية “السكرية”، قبل إدخالها لمناطق سيطرة الحكومة السورية، تحت حماية عناصر من فرقة الحمزة».

وأكد المرصد الحقوقي أن «عمليات التهريب تتم بشكل يومي، عبر الممرات والمنافذ، التي تخضع لإشراف فصائل الجيش الوطني، وتنتشر على طول خط التماس مع #القوات_النظامية وقوات سورية الديمقراطية (قسد)، في ريفي حلب الشرقي والشمالي الشرقي». وأوضح أن «فرقة الحمزة تسيطر على معابر التهريب في مدينة الباب، بينما يسيطر فصيل #أحرار_الشرقية على معابر جرابلس»، مؤكداً أن «”فرقة السلطان مراد” و”لواء الشمال” يشاركان بهذه الأعمال أيضاً، وتتقاضى هذه الفصائل مبالغ مالية كبيرة، تصل إلى أكثر من ألف دولار أميركي عن كل شاحنة».

 

تعليق من الجيش الوطني

قائد عسكري في “الفرقة 20″، التابعة للجيش الوطني،  فضّل عدم ذكر اسمه، أكد لـ«الحل نت» وجود «حالات تهريب من المعابر المنتشرة في المنطقة، يقوم بها مدنيون يعملون لصالحهم الخاص، أو يتعاونون مع قادة في الجيش الوطني، وهؤلاء القادة لهم سلطة على بعض المعابر، ويكون التهريب عن طريقهم أكثر أماناً، ولكن أكثر تكلفة».

وحول الإجراءات، التي تتخذها قيادة الجيش الوطني لوقف عمليات التهريب، لفت إلى أن «تعدد الجهات، التي تسيطر على تلك المعابر، وعدم التنسيق بين الفصائل القائمة عليها، جعل من الصعب السيطرة على حركة التهريب وضبطها، كما أن حملات التوعية، والدوريات المفاجئة، التي تم تنظيمها من قبل قيادة “الوطني”، لملاحقة كافة المتورطين، لم تجدِ نفعاً. لذا يتطلب الأمر مزيداً من الحزم والضبط. وقد أصدرت قيادة الجيش الوطني حزمة قرارات صارمة، بحق كل من يثبت تورطه بعمليات التهريب، سواء الراجلة أو من خلال الآليات».

 

مطالب بانسحاب الفصائل

«تعاني مدينة الباب، والنواحي التابعة لها، من فوضى السلاح، لكثرة  الفصائل المنتشرة داخلها»،  وفقاً لما صرّح به، لموقع «الحل نت»، أحد أعضاء المجلس المحلي في المدينة. واعتبر المصدر، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، أن « انسحاب الفصائل، من داخل المدن والبلدات، سيكون خطوة أولى لتحقيق الاستقرار الأمني في المنطقة»، وفق تعبيره.

وتابع المسؤول المحلي حديثه بالقول: «أي خلاف شخصي في المنطقة يتحوّل إلى اقتتال كبير، نتيجة تدخّل عناصر الفصائل، وانحيازها لأحد الأطراف، لوجود صلة قرابة أو معرفة شخصية به، ما يساهم في تطور الخلاف إلى معارك، ينتج عنها، في غالب الأحيان، قتلى وجرحى، وتخريب ممتلكات المدنيين، ناهيك عن النزاعات الأسبوعية على معابر التهريب».

وأشار إلى «عدم وجود سلطة قضائية، لمحاسبة المخالفين أو المسيئين في المدينة، فالسلطة لعناصر الفصائل فقط، ولا يستطيع أحد تجاوزهم أو معارضتهم».

وحول الدور التركي في المنطقة يؤكد عضو المجلس المحلي أن «الجيش التركي يتخذ من جبل “عقيل”، الواقع على أطراف مدينة الباب الغربية، قاعدةً له، ولا يتدخّل في الخلافات، التي تحدث بين فصائل المعارضة، تاركاً للشرطة العسكرية، التابعة للجيش الوطني، مسؤولية فضّ تلك النزاعات».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.