بعد قيام #القوات_النظامية، مدعّمة بالطيران الروسي، بشن حملة عسكرية على ريفي #حماة الشمالي وإدلب الجنوبي، تعرّضت القرى الأثرية في المنطقة لأضرار بالغة، نتيجة القصف الجوي، وتمركز قوات فصائل المعارضة فيها، ومن ثم تحولها إلى خطوط قتالية بين الطرفين.
وقد تمركزت القوات النظامية في منطقة “شنشراح” الأثرية بريف إدلب الجنوبي، فيما تمركزت قوات المعارضة في منطقة “سرجيلا” الأثرية، وثبّت الطرفان نقاطاً عسكرية، يتبادلان من خلالها القصف المدفعي، بشكل متكرر، ما ألحق أضراراً كبيرة ببنى القرى الأثرية، ناهيك عن عمليات حفر الخنادق في المنطقة.
مواقع عسكرية مغلقة
وتعتبر “شنشراح”، أو ما تُعرف حاليا بـ”خربة حاس”، قريةً كبيرة نسبياً، إذا ما قورنت بغيرها مما يُعرف بـ”المدن المنسية”، أو قرى “الكتلة الكلسية” في #إدلب، والتي تتكون من نحو ثمانمئة قرية وموقعاً أثرياً، بنيت في العصرين الروماني والبيزنطي، ما بين القرن الأول والسابع للميلاد.
“إياد يحيى”، الخبير في علم الآثار، يقول لـ«الحل نت» إنه «خلال عام ٢٠١٤، تحولت منطقتا “شنشراح” و”سرجيلا” إلى مأوى للنازحين، الذين قاموا بتحويل المواقع الأثرية إلى منازل للسكن، من خلال وضع شوادر فيها، وحفر آبار للمياه، وافتتاح بسطات تجارية. وكانت القوات النظامية تستهدف النازحين بالقصف المدفعي، بشكل مستمر، ما أدى إلى تضرر بعض القصور الأثرية».
وحول تمركز قوات المعارضة في المنطقة يشير “يحيى” إلى أن «فصائل المعارضة قامت بإخراج النازحين من “سرجيلا”، وغيرها من “المدن المنسية”، وتحويلها إلى معسكرات تدريبية، من خلال بناء مقرات عسكرية وأسوار وخنادق داخل القرى الأثرية، وكانت طائرات القوات النظامية، ومن ثم الطائرات الروسية، تستهدف تلك المعسكرات بغارات جوية مكثفة، ما أدى إلى دمار كبير في المعالم الأثرية، التي تهدّم بعضها بشكل كامل».
ويضيف الخبير الأثري أنه «بعد سيطرة #هيئة_تحرير_الشام على “سرجيلا”، وطرد حركة #أحرار_الشام منها، قامت بعمليات تنقيب واسعة عن القطع الأثرية، ومن ثم بيعها، ومنعت الأهالي من زيارة المنطقة، خشية كشف عمليات الحفر فيها، بحجة أنها منطقة عسكرية».
تهريب الآثار
«قبل سيطرة فصائل المعارضة على المناطق الأثرية كنا نقوم بعمليات تنقيب عن القطع الأثرية القديمة، مثل القطع الذهبية البيزنطية، والتي يصل سعرها إلى خمسمئة دولار للقطعة العادية، أما القطعة الفريدة فقد يصل سعرها إلى خمسة وعشرين ألف دولار، ولكن هذه الكنوز تم استخراج غالبيتها قبل اندلاع #الاحتجاجات_السورية، من قبل مسؤولين محسوبين على الحكومة السورية»، بحسب “يوسف الخضر”، أحد العاملين في مجال التنقيب عن الآثار.
ويضيف “الخضر” في حديثه لموقع «الحل نت»: «بعد سيطرة هيئة تحرير الشام على المنطقة الأثرية قامت بعمليات التنقيب، واستخرجت بعض الكنوز الأثرية، مثل العملات الذهبية القديمة، وقامت ببيعها، عن طريق وسطاء، في #تركيا، ومن ثم في دول أوروبية، مقابل مبالغ خيالية».
وحول الأضرار، التي تعرّضت لها القرى الأثرية، يشير “الخضر”: «هناك عديد من القبور الأثرية، تم نبشها وتخريبها، ناهيك عن تدمير القصور الأثرية، نتيجة القصف والحفر والتنقيب، وعمليات قطع الأشجار من أجل التدفئة، فقد كانت أشجار اللوز والسنديان تنتشر بكثافة في المنطقة».
مطالبات بتدخل دولي
الباحث التاريخي “مصطفى الخالد” تحدث، لموقع «الحل نت»، عن قرية “شنشراح”، التي كانت «تشكّل عامل جذب للسياح من كافة دول العالم، وخصوصاً السياح الأوروبيين، بسبب أهميتها التاريخية، وتمتعها بمناظر خلابة، كما كانت السلطات المختصة تهتم بتشجير المنطقة، وزرع أشجار السرو والصنوبر واللوز فيها، مما يعطيها شكلاً متجانساً وبديعاً».
ويسترسل بالقول: «تعد منطقة “الحمامات” إحدى أهم معالم القرية الأثرية، التي يعود تاريخ بنائها إلى نهاية القرن الخامس الميلادي، ومخططها يختلف عن مخطط البيوت السكنية، ويمثل نموذجاً للحمامات البيزنطية، إذ تتألف من مستطيل مقسّم إلى جزأين، يتضمنان أجزاء الحمام، وتربط بينهما ممرات، وبجوارهما خزان ماء ضخم، حُفر في الصخر، تغطيه بلاطات حجرية كبيرة».
وتضم قرية شنشراح عديداً من المباني الأثرية الدينية والسكنية، وكثيراً من معاصر الزيتون والعنب، وتوجد فيها كنيسة بنيت في القرن الرابع ميلادي، وُجدت فيها لوحات فنية، عليها كتابة باللغة اليونانية. كما تحوي سوقاً تجارياً، وديراً كبيراً، ومساكن للرهبان، ومسجداً صغير، تم بناؤه في العصور الإسلامية، ومدافن وتوابيت، بسقوف على شكل إهرامات، وبرجاً دفاعياً، كما يوجد فيها قبر يعود لأحد الفلاسفة اليونانيين، تميّز بنسق معماري فريد. وقد بنيت جميع هذه الآثار بأحجار كلسية كبيرة الحجم.
وعن الانتهاكات التي تعرضت لها القرية يقول “الخالد”: «يجب أن يكون هناك تدخل دولي، لإجبار كافة الأطراف على الحفاظ على القرى الأثرية، من خلال وضعها تحت حماية دولية، ومنع الانتهاكات المستمرة، وخصوصاً من طرف #الحكومة_السورية، التي كان لها الدور الأكبر في تدمير المنطقة، من خلال القصف الجوي، الذي دمر أغلب المعالم الأثرية».
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.