اعتقالات تُحرج الإدارة الذاتية: هل تستهدف الفرقة الرابعة المواطنين الكُرد على مشارف حلب؟

اعتقالات تُحرج الإدارة الذاتية: هل تستهدف الفرقة الرابعة المواطنين الكُرد على مشارف حلب؟

باتت الإجراءات الأمنية المكّثفة، التي اتخذها #الحكومة_السورية، منذ بداية شهر كانون الأول/ ديسمبر، على المداخل الشمالية لمدينة #حلب، في أحياء “الشيخ مقصود” و”الأشرفية”، وما بين المدينة وريفها الشمالي (منطقة الشهباء)، تضيّق الخناق على الأهالي، الذين ينتمي كثير منهم للمكوّن الكُردي، وتعرقل حركة التنقل بين المدينة وريفها.

وقامت قوات تابعة للحكومة السورية في مدينة حلب، مؤخراً، بحملة اعتقالات، طالت عديداً من الشبان، من مُهجري مدينة #عفرين، الذين يعيشون في مدينة حلب ومنطقة الشهباء. وتمت الاعتقالات على الطريق الواصل بين منطقة الشهباء ومدينة حلب، والطريق المؤدي إلى “الشيخ المقصود” و”الأشرفية”، وهي أحياء تديرها إدارة مدنية، لا تتبع للحكومة السورية، تم تأسيسها في نيسان/إبريل الماضي، وتضمّ مؤسسات ولجان خدمية وصحية وتعليمية واقتصادية، وقوى أمن داخلي.

لتقصّي الحقائق، ومعرفة حيثيات هذا الموضوع، التقى موقع «الحل نت» مع شخصيات إدارية من المنطقة، وعدد من المعتقلين، الذين تم الإفراج عنهم، إضافة لأحد ضباط #القوات_النظامية، وطرح أسئلة متعددة عليهم.

 

ما مدى حملات الاعتقال؟

“جمعة كالو”، الرئيس المشترك لمقاطعة الشهباء، التابعة للإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، أكد أن «هناك اعتقالات في جميع المناطق الخاضعة لسيطرة القوات النظامية، ويتم التركيز، في الآونة الأخيرة، على المناطق ذات الغالبية الكُردية، وتكمن وراء التصرفات أهداف كثيرة».

وأوضح، في حديثه لموقع «الحل نت»، أن «الاعتقالات طالت المتنقّلين، بشكل متواصل، بين مدينة حلب وبلداتها وقراها، وخاصة الأشخاص المتنقّلين بغرض العمل. وقد تم اعتقال عشرات الشبان على طريق حلب ـ الشهباء، خلال الأيام الماضية».

فيما يؤكد “رفعت خليل”، اسم مستعار لأحد الأشخاص العاملين في المجلس المحلي لحي “الشيخ المقصود”: «تم اعتقال أكثر من عشرة أشخاص، وهم في طريقهم إلى أحياء المدينة والسوق المركزي، ولم نعلم إلى الآن ماذا حلّ بهم»

ويضيف في حديثه لموقع «الحل نت»: «إلى جانب الاعتقالات هناك تدقيق أمني مشدّد، على الحواجز المنتشرة بين “الأشرفية” و”الشيخ المقصود”، بات يرهق المدنيين كثيراً، فهناك كثير من الأشخاص لم يعودوا يستطيعون الخروج من الحي، نتيجة تخوّفهم من حملات الاعتقال، التي تصاعدت مؤخراً».

“محمود خلف”، الضابط في #الفرقة_الرابعة، والمسؤول عن الحاجز المؤدي إلى حي “الشيخ المقصود”، قال، لموقع «الحل نت»، إن «ما يحدث أمر طبيعي بالنسبة لواقع سوريا، وما مرّت به من أعمال تخريبية وإرهابية. وهذه الإجراءات تتم في جميع المناطق السورية، فهناك أشخاص مطلوبون بسبب إشكاليات قانونية، متعلقة بالوضع الأمني، أو بسبب التهرّب من الخدمة الإلزامية والاحتياطية، وقد يتم اعتقال البعض بسبب تشابه الأسماء، ليتم الإفراج عنهم لاحقاً».

وحول الاتهامات، الموجهة للقوات النظامية، بالتضييق على أهالي المنطقة، وخاصة الكُرد، يردّ “خلف” بالقول: «لا نسعى بالتأكيد للتضييق على أي فئة من المواطنين، ولكن الأهالي في منطقتي “الأشرفية” و”الشيخ المقصود” كانوا، طوال الفترة الماضية، يعيشون خارج مناطق سيطرة الجيش العربي السوري، إما في عفرين أو الشهباء، ومن البديهي أن يتمّ التدقيق والتفتيش على العابرين من هاتين المنطقتين».

 

ما غاية الحكومة السورية من الاعتقالات؟   

“حسن رشو”، اسم مستعار لأحد الاشخاص، الذين اعتقلتهم قوات الفرقة الرابعة، قال لـ«الحل نت»: «تم اعتقالي بسبب وجود صورة لي، على هاتفي المحمول، مع أحد الشخصيات المعروفة في #الإدارة_الذاتية، فدفعت مبلغاً مالياً، قدره نصف مليون ليرة سورية، ليتم إخلاء سبيلي».

ويضيف: «لم يكن لاعتقالي علاقة بالخدمة الإلزامية، فأنا من الأشخاص الذين أدوا الخدمة قبل الحرب في سوريا، ولا يوجد اسمي ضمن قوائم الاحتياط».

وأفاد مصدر أمني خاص في الإدارة الذاتية، لموقع «الحل نت»، رفض الكشف عن هويته، أن «حواجز الفرقة الرابعة تقوم بإحالة الأشخاص، الذين ليس بمقدورهم دفع المبلغ المطلوب للإفراج عنهم، إلى المحاكم العسكرية».

وبحسب المصدر فإن «قوات الفرقة الرابعة عملت على تشكيل مجموعات مموّهة، لإبعاد الاتهامات والشبهات عنها، لمضايقة المدنيين، ومطالبتهم بالمال، فتعتقل الناس، وتجبرهم على دفع مبالغ معينة، مقابل الإفراج عنهم».

«محمود خلف» يردّ على هذه الاتهامات بالقول: «هناك تجاوزات، من قبل بعض عناصر الفرقة الرابعة، ولكن بعض المدنيين يتحمّلون جانباً من المسؤولية، بسبب تجاوزهم للقوانين السارية ضمن الحواجز، ومن ثم استغلال حاجة عناصر من الفرقة، ودفع الرشاوى لهم. لذلك قمنا مؤخراً بحملة تدقيق وتفتيش واعتقالات، بهدف ضبط الحالات غير القانونية، التي تحدث بشكل مستمر».

ويضيف الضابط في الفرقة الرابعة: «لا تتم إحالة الأشخاص إلى المحاكم العسكرية دائماً، وإنما يحوّل المتهمون إلى المحاكم المختصّة، حسب المخالفات التي ارتكبوها. ولا توجد ضمن الفرقة الرابعة أية مجموعات مموّهة، تعمل بمسمى آخر، لاستغلال ومضايقة المدنيين. أما بالنسبة للمطلوبين للخدمة العسكرية، فتتم إحالتهم إلى الشرطة العسكرية، كونهم مخالفين لقوانين الخدمة الإلزامية».

 

هل هي بداية لانتزاع المناطق التي تديرها الإدارة الذاتية؟

“جمعة كالو” يؤكد أن «القوات النظامية تهدف، من وراء هذه الإجراءات، لتحقيق أمرين: الأول فرض سيطرتها الأمنية، لتثبت للجميع أنها مازالت قوة مؤثّرة؛ والثاني ضمان ولاء المجموعات والميلشيات المتحالفة معها، والتي تعمل تحت مسميات مختلفة، ولا تأبه بأي قانون أو رادع أخلاقي، وترك المجال أمامها لابتزاز المدنيين».

وأضاف: «تسعى الحكومة السوية لتخويف المدنيين، لإبعادهم عن الإدارة الذاتية، وخلق فجوة وفتنة بين الإدارة الذاتية والأهالي، خاصة الكُرد منهم، ليتخذ النظام من ذلك مبرراً للسيطرة على منطقة “الشهباء”، وأحياء “الأشرفية” و”الشيخ المقصود”. وجميع المضايقات والاعتقالات، تهدف لاستعادة هذه المناطق، وإحكام القبضة الأمنية عليها».

من جانبه يقول “رفعت خليل” إن «بعض الأشخاص، الذين تم إخلاء سبيلهم، تعرضوا لشتى أنواع الشتم والإهانات، خلال فترة اعتقالهم، لكونهم ينتمون إلى مناطق ذات أغلبية كُردية، تم تأسيس الإدارة الذاتية فيها».

بينما يؤكد “محمود خلف” على وجود مساعٍ للحكومة السورية لـ«استعاد السيادة السورية كاملة، وهي مساعٍ علنية ومستمرة، ولكن الحكومة السورية تعلم جيداً أن إعادة السيادة السورية، على جميع المناطق، لا تتحقق من خلال الاعتقالات والحصار والضغط على الأهالي، بل لا بد من استمالتهم، من خلال توفير الأمن والخدمات».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.