مشهد لا يزال يشد أنظار المارة حولها وهي تقود دراجتها الهوائية في كل صباح بين شوارع حي “الهلالية” المتعرجة في مدينة #القامشلي شمالي #الحسكة، فدرجة الاندهاش تتأرجح من حي لآخر وهي تعبر أزقة مدينتها قاصدة مكان عملها.

حيث باتت قيادة الشابة العشرينية “ميديا غانم” والأم لثلاثة أطفال، لدراجتها مشهداً مألوفاً في شوارع المدينة بعد أن قررت تحدي شجاعة الرجال في التفرد بقيادة الدراجات الهوائية وكسر الصورة النمطية للمرأة في المجتمع المتنمر بعاداته وتقاليديه.

وسيلة رياضة ونقل

تقول “ميديا” إنها قررت أن تخصص جزء من وقتها لتعليم الفتيات قيادة الدراجة الهوائية بعد أن ذاع صيتها إبان إطلاقها لحملتها “بدي بسكليت” كأول بادرة منها لدفع الفتيات وتشجيعهن على قيادة الدراجات الهوائية وأضافت لـ(الحل نت): «أركن دراجتي قريباً من سوق الخضار فأشتري حاجتي من الخضرة والمواد الغذائية وأعود في أقصر وقت لمنزلي بعد أن كان وقتي يهدر سابقاً في انتظار حافلة تقلني إلى أقرب نقطة لمنزلي، كما كنت أنهك في حمل احتياجات عائلتي من الخبز واللحم والفاكهة والخضرة، وفي ذروة الازدحام كنت أضطر للانتظار طويلاً عند موقف السيارات العمومية، بانتظار سيارة أو حافلة تقلني للبيت».

هواية الطفولة

أحبت “ميديا غانم” ركوب الدراجات الهوائية منذ السابعة من عمرها، لكنها لم تكن تتوقع أن هوايتها ستصبح وسيلتها المريحة في التنقل لتغطية مهماتها الصحفية، وتوضح بحديثها: «لمعت الفكرة في مخيلتي حين انطلق مؤخراً ماراثوناً للدراجات الهوائية لإحدى الجمعيات بمدينة “القامشلي” لأجل سرطان الثدي، حينها فكرت أنه لا يجب أن تكون قيادتي للدراجة مجرد مشاركة في نشاط رياضي فقط بل يجب أن تصبح عادة صحية مفيدة، فتلقيت من صديقاتي وزميلاتي في العمل كل الدعم والتشجيع، والعديد منهم فكرن بالعمل بنصيحتي».

نظرة المجتمع

يطلق كثيرون على “ميديا” البالغة من العمر 27 عاماً اسم “فتاة البسكليت”، وهي تتنقل في الآونة الأخيرة على دراجتها الهوائية في مجتمع لا ينظر بعين الرضى إلى هذه الممارسات.

وأضافت: «بعد مدة قصيرة أصبح الأمر عادياً نوعاً ما بالنسبة لسكان الحي الذي أسكنه، وتوقفوا عن النظر إلي، ففهمت أنني إن كنت أريد القيام بشيء، ما علي إلا أن أبدأ بفعله وأستمر به».

تذكر “ميديا” أن ما جعلها تنسى مضايقات المستغربين لتنقلها بالدراجة، فهو تلقيها دعماً معنوياً من قبل الكثير من الأشخاص في محيطها، ولا سيما بعدما حققت شهرة، وتشير إلى أنه لا يمكن لأحد منعها من ممارسة هذه الرياضة، لكن استهزاء البعض يجعل الأمر مستفزاً بالنسبة لها، فالانتقاص من قدرة المرأة، واستبعاد خيار أنها قادرة على تحقيق ما تريد، جعلها تستمر في طريقها هذا حتى الآن.

العمل بوعي

“سهيلة نديم”، محامية من مدينة القامشلي أثنت تجربة “ميديا”، وقالت لـ(الحل نت): «للمجتمع عاداته وتقاليده، ويمكن وصف بعض شرائحه بالمُحافِظة، والتي تعتبر أن كسر حاجز العادات والتقاليد هو خرق للمبادئ التي تأسس عليها المجتمع».

وأضافت: «يجب العمل بجدية لتغيير نظرة المجتمع إلى المرأة، وخاصة تلك التي تصر على تحقيق ما يراه البعض ملكاً للرجال، والنساء هنا حققن الكثير على مختلف الأصعدة، كما يجب العمل بشكل واعٍ وتوعوي للحصول على دعم المجتمع، الأمر الذي سيساهم بالتقدم في كافة المجالات».

فوائد بيئة وصحية

تتعدد فوائد ركوب الدراجة الهوائية الصحية والبيئية، فمن أهم مميزاتها هي أنها غير ملوثة للهواء، ويحصي الأخصائي في الأمراض الداخلية، الطبيب “جوان علي” في معرض حديثه لـ(الحل نت)، بعض فوائد ركوب الدراجة الهوائية، لا سيما للسيدات بشكل خاص، ويقول: «تعزز هذه الرياضة صحة القلب والأوعية الدموية، وتخفض من نسبة التوتر والاكتئاب، كما تُعد رياضة مفيدة تحافظ على قوة العظام وتخفض مستويات الدهون بالجسم، بالإضافة إلى أنها تساعد على حرق نسبة كبيرة من السعرات الحرارية داخل الجسم، وتعمل على تحسين مستوى لياقة الجسم وقوامه».

وتتمنى “ميديا غانم” أن تستخدم النساء الدراجات النارية والهوائية، وخاصةً العاملات منهن، وتضيف: «أتمنى أن أرى شوارع مدننا مكتظة بالنساء اللواتي تقدن دراجتهن تماماً كبلدان الغرب، فالأمر لا يشمل فقط  في توفير المال والوقت فحسب، بل في تحسين صحتنا الجسدية، فقيادة الدراجة أثناء ذهابي للعمل هي بمثابة ممارسة رياضة يومية، بالإضافة إلى الحد من عوادم السيارات الذي يسبب لنا أمراض تنفسية، وهي أسلوب حياة إلى جانب كونها وسيلة نقل سهلة وموفرة ونظيفة».


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.