لاحظ عناصر أحد الحواجز العسكرية في سوريا محاولة الشاب “عامر” تجنّب المرور عبر حاجزهم، ما أثار ريبتهم، ودفعهم لملاحقته بين الحارات والأزقّة الضيّقة، قرب منزله في #دمشق، وانتهى الأمر به إلى الدخول إلى إحدى المباني السكنية، والصعود نحو السطح، ومحاولة الاختباء هناك، لمنع عناصر الحاجز من القبض عليه.

بعد فترة طويلة من استمرار هذه المطاردة البوليسية، استيقظ عامر على سريره، في منزله بالعاصمة الألمانية #برلين، حيث يعيش منذ خمس سنوات، لم تفارقه فيها كوابيس الاعتقال والهروب من الحواجز، على الرغم من أنّه بدأ حياةً جديدةً في #ألمانيا، وأتقن اللغة الألمانية، ووجد عملاً، ما جعله «يُثبّت قدمه في هذا البلد»، حسب تعبيره.

يقول “عامر” لموقع «الحل نت»: «هذه الكوابيس لا تأتيني بشكلٍ يومي، ولكنها تتكرر بين فترة وأخرى، وتجعلني استيقظ وأنا في قمة التوتر والانزعاج».

هرب “عامر” من سوريا عام 2015، بعد أن طُلب للخدمة الاحتياطية، ووصل إلى أوروبا، عقب رحلة شاقّة، ويُرجع الشاب الثلاثيني سبب الكوابيس التي يراها إلى الظروف الصعبة، التي عايشها في سوريا.

 

 كابوس عودة اللاجئين

بعد أسابيع من انعقاد “مؤتمر عودة اللاجئين السوريين”، وتركيز السلطات السورية وروسيا على ضرورة عودة اللاجئين، قابل موقع «الحل نت» عدّة لاجئين سوريين، تراودهم كوابيس مستمرّة، حول عودتهم إلى سوريا في ظروفٍ غامضة، حيث يواجهون أحداثاً قاسية، مثل الهرب والاعتقال والتعذيب.

وأكّد اثني عشر لاجئاً سورياً، تواصل معهم «الحل نت» إلكترونياً، في بقاع مختلفة من العالم، أنّهم «شاهدوا، بشكلٍ متواتر، كوابيس لها علاقة بالعودة إلى سوريا، دون أن يعرفوا سبب هذه الكوابيس، أو كيفية التخلّص منها»، حتى أن البعض منهم قرر الذهاب لطبيب نفسي، لمواجهة الآثار السلبية لتلك الأحلام المزعجة.

“عبد الرحمن”، شاب سوري يعيش في #تركيا، قال لـ«الحل نت»: «عندما أشاهد هذا النوع من الكوابيس أستيقظ وأنا متعب نفسياً وجسدياً، ولا أقوى على فعل شيء، في الساعات الأولى بعد الاستيقاظ، فأحاول تهدئة نفسي، لأتمكّن من مواصلة يومي بشكلٍ طبيعي».

أما “بلال”، المقيم في ألمانيا، «شاهد نفسه، في المنام، يُساق إلى السجن، عقب إلقاء القبض عليه، على أحد الحواجز العسكرية في سوريا، وبعد استيقاظه ظل يفكّر عدّة دقائق، في كيفية الخروج من السجن، أو حتّى في إيجاد طريقة للتعامل مع العناصر، الذين اعتقلوه، كي لا يتعرّض للعنف. ولم ينقذه من أفكاره السوداء إلا قيام شريكه في السكن بفتح باب الغرفة، وتوجيه الحديث له، فعاد له الشعور بالواقع، وأدرك أنه كان يشاهد كابوساً، استمرت آثاره إلى فترة ما بعد الاستيقاظ».

ويوضّح “بلال” أن «هذا النوع من الكوابيس يأتيه مرّة كل شهر أو شهرين، وأكثر ما يتمناه هو عدم تكرارها، لأنّها تؤثّر على طاقته، وتفسد يومه، فيصبح خمولًا وغير منتج».

«من المؤسف أن هذا كل ما نحلم به عن وطننا الذي هجرناه»، بهذه الجملة يختتم الشاب السوري حديثه.

 

 طبيعية ولكن مزعجة

“معتز أحمد”، اسم مستعار لطبيب نفسي يقيم في دمشق، يرى أن «هذا النوع من الكوابيس يكون مرتبطاً بعاملين، إمّا حوادث سابقة خبرها الشخص، أو أفكار تدور في خاطره باستمرار». وشدّد على أن «هذه الكوابيس ليست محصورة باللاجئين، بل يراها أيضاً السوريون الذين لم يغادروا البلاد».

وأضاف الأخصائي النفسي في حديثه لموقع «الحل نت»: «العنف مستمر في سوريا، وغالبية اللاجئين عانوا من الملاحقة لأسباب أمنية، أو لسوقهم إلى الخدمة العسكرية، وعليه فإنّهم خاضوا تجارب خطرةً وقاسيةً، خلال رحلتهم إلى خارج سوريا. ورغم أنهم باتوا في أمان نسبي، إلا أن الأثر النفسي للأحداث، التي عاشوها في البلاد، لم يزُل، وربما يحتاج زواله إلى وقت طويل».

وأكد أنّ «عدّة أشخاص، يعيشون داخل سوريا، تحدّثوا له عن كوابيس مشابهة، ولا سيما الأشخاص المُتخلّفين عن الخدمة، أو من لديهم مخاوف تتعلّق بنشاطهم في الاحتجاجات السورية». معتبراً أن هذه الكوابيس «طبيعية، ولكنها مزعجة».

وينصح الطبيب من يشاهدون  الكوابيس بـ«عدم التفكير بالأمور الأمنية والسياسية، والتوقف عن متابعة الأخبار الصادمة لهم، أو متابعة آخر التطورات عبر الهواتف المحمولة قبل النوم».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة