كشف “المؤشر العام للارهاب” لعام  2020، الذي يصدر سنويا عن “مركز الاقتصاد والسلام” في العاصمة الاسترالية سيدني، أن «الصراعات المسلحة  لا تزال  المحرّك الرئيسي للنشاط الإرهابي، في البلدان ‏الأكثر تأثراً بالإرهاب، وأكثر من 96% من الوفيات ‏الناجمة عن الإرهاب، وقعت في بلدان تشهد بالفعل صراعات. فالبلدان ‏العشر الأولى، الأكثر عرضة للارهاب، وهي : #أفغانستان، العراق ، نيجيريا، ‏سوريا، الصومال، اليمن، باكستان، الهند، الكونغو، الفلبين، تشارك في صراع مسلّح واحد على الأقل. وعلى الرغم من الانخفاض ‏العام في أثر الإرهاب، في جميع أنحاء العالم، فإنه لا يزال مشكلة خطيرة في عديد من ‏البلدان».

 

انخفاض وفيات الإرهاب

وكما هو واضح، من المؤشر، احتلت الدول العربية والإسلامية مركزاً متقدماً، في قائمة الدول العشر الأكثر تعرّضاً للإرهاب. وتُصنف خمس من الدول العشر على ‏أنها في حالة حرب، وهي أفغانستان ونيجيريا وسوريا والصومال واليمن. أما الدول الخمس الباقية  فقد تورّطت  ‏في صراعات طفيفة. ومن بين الدوافع الأخرى للإرهاب في هذه البلدان العشرة، حركات التمرد ‏طويلة الأمد في أفغانستان ونيجيريا والصومال، وتفاقم التوترات بين الجماعات الإرهابية المنشقة ‏والحكومات الوطنية في #اليمن، وتحولات نشاط تنظيم #داعش في العراق وسوريا.

الجانب الإيجابي، في نتائج  المؤشر، أن الوفيات، الناجمة عن الإرهاب، انخفضت للعام الخامس على التوالي، بعد أن بلغت ‏ذروتها في عام 2014، عندما ظهر تنظيم داعش. وانخفض العدد الإجمالي للوفيات بنسبة 15.5%، أي إلى 826 13 ‏حالة. وقد عكس انخفاض عدد الوفيات ضعفاً في تأثير الإرهاب، فقد سجلت مئة وثلاثة بلدان ‏تحسناً، مقارنة بـخمسة وثلاثين بلداً سجّلت تدهوراً.

وانخفضت الوفيات، التي تُنسب إلى تنظيم داعش، إلى 942 حالة وفاة، بعد أن كانت 1571 وفاة، في ‏مؤشر عام 2019. وهذا الانخفاض هو الأول من نوعه، منذ أن نشطت الجماعة المتطرفة في عام 2013،  والتي كانت ‏مسؤولة عما لا يقل عن ألف حالة وفاة بسبب الإرهاب، في كل عام من أعوام نشاطها. كما انخفض عدد الهجمات ‏الإرهابية، المنسوبة للتنظيم، إلى أدنى مستوى لها منذ تشكيله، فلم يزد عددها عن  339 هجمة‏.

وعلى الرغم من انخفاض نشاط التنظيم في الشرق الأوسط وشمال ‏أفريقيا، لا تزال الجماعات، التابعة لداعش، نشطة في جميع أنحاء العالم، وأصبحت بارزة بشكل ‏خاص في #إفريقيا، جنوبي الصحراء الكبرى، حيث زادت الوفيات، المنسوبة إلى الجماعات القريبة من داعش . وقد تعرّض سبعة وعشرون بلداً لهجمات إرهابية، بسبب داعش أو أحد فروعه.

 

إرهاب اليمين المتطرف في الغرب

إلا أن الإرهاب لا يقتصر على الجماعات الإسلامية، فإذا أخذنا الولايات المتحدة الأمريكية، على سبيل المثال، نلاحظ، كما يرى “بشار جرار”، عضو الحزب الجمهوري الأميركي، والخبير في الشؤون الأميركية، في تعليقه لموقع «الحل نت»، أن «قضية اليمين المتطرف أصبحت معضلة سياسية، تظهر حاجة أميركا للتصالح الداخلي، تفادياً لحرب أهلية ثانية. والخيار الآخر هو تفكك فردي أو جماعي لولايات، تريد لأميركا أن تبقى كما كانت في زمان الآباء المؤسسين».

أما في أوروبا فقد كشف “المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف” في هولندا، في السادس عشر من كانون الأول/ديسمبر، عن «تقرير للمخابرات البلجيكية، يؤكد أن اليمين المتطرف، في أوروبا الغربية، بدأ في تغيير نمط أنشطته، وأن قيادات بعض مجموعاته المتطرفة بدأت بتدريب عناصرها على الرماية، وحيازة أسلحة، بطرق قانونية أو غير قانونية».

وضمن هذا السياق يرى “حازم سعيد”، الباحث المختص  بالإرهاب الدولي في “المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات“، في حديثه لموقع «الحل نت»، أن «الإرهاب في أوروبا أصبح محلياً. وتزايد تهديدات اليمين المتطرف يأتي بالتوازي مع تقدم الإسلام السياسي والجماعات الجهادية في أوروبا».

 

كورونا والارهاب

منذ أن أعلنت #منظمة_الصحة_العالمية، في آذار/مارس 2020، فيروس #كورونا وباءً ‏عالمياً، تشير البيانات الأولية إلى انخفاض في مؤشرات عدد القتلى والعمليات الإرهابية.

لكن “محمد مختار قنديل”، الباحث المتخصص في شؤون الاسلام السياسي والجماعات المتطرفة، له رأيٌ آخر، فهو يعتقد أنّ «الاهتمام العالمي بجائحة كورونا دفع البعض للاعتقاد بانخفاض الإرهاب، عام 2020. والحقيقة أن المؤشرات المبدئية تفيد أن 2020 شهد عمليات إرهابية أكثر عددًا من عام 2019، وإن كانت أقل أثراً. فعلى سبيل المثال، ووفقًا لادعاء تنظيم داعش، فقد نفّذ التنظيم 1408 عملية إرهابية، في النصف الأول من عام 2020، من بينها 980 عملية بالعراق وسوريا، و428 عملية خارجهما».

وأضاف “قنديل” في حديثه لموقع «الحل نت»: «القادم أسوأ، وينذر بكون عام 2021 سيشهد ارتفاعًا في عدد العمليات الإرهابية. كما أن هناك فرصة دعائية أكبر للتطرّف العنيف. وهذا ما شاهدناه في تعامل التنظيمات الإرهابية، ذات الغطاء الديني، مع جائحة كورونا، وتبريرها بوصفها عقاباً من الله؛ وفي الدعوات نحو مزيد من كراهية المسلمين واللاجئين في الدول الأوروبية، وذهاب البعض  للدعوة بنقل العدوى للمسلمين واللاجئين».

قراءة “قنديل” السابقة تدعمها دراسة لوزارة الخارجية الألمانية، كشف عنها “المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف” في هولندا، أشارت الى ملاحظة خطيرة، وجديرة بالاهتمام والمتابعة، من قبل جهات مكافحة الإرهاب في العالم، وليس في أوروبا فقط، ألا وهي أن «جائحة كورونا أتاحت للمتطرفين اليمينيين إمكانية توسيع جهودهم التعبويّة، حول أساطير المؤامرة المناهضة للحكومة، والتي تهدف إلى انتقاد القيود الحالية للحكومات، التي تم تصويرها على أنها تأسيس لـ”دولة بوليسية” في أوروبا».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة