بطالة “مأجورة” في مؤسسات الدولة: هل لا يزيد عمل الموظف العراقي عن ست عشرة دقيقة يومياً؟

بطالة “مأجورة” في مؤسسات الدولة: هل لا يزيد عمل الموظف العراقي عن ست عشرة دقيقة يومياً؟

استمر تراجع إنتاج المؤسسات  الحكومية العراقية، في السنوات الأخيرة، رغم التحوّل الذي عرفته أنظمتها، سياسياً واقتصادياً. وهي ظاهره يفسرها كثير من الخبراء الاقتصاديين بـ«البطالة المقنّعة، والأعداد الكبيرة للموظفين داخل مؤسسات الدولة من جهة؛ والتدخّل السياسي، الذي فرضته الأحزاب المسيطرة، من خلال زجّ المقرّبين منها داخل المؤسسات، ما زاد الترهل الوظيفي، من جهة أخرى».

وبحسب الخبراء أنفسهم فإن «العراق يفتقر إلى الرؤى الاقتصادية والخطط الحكومية، فضلاً عن فشل الدولة العراقية في بناء وتهيئة البيئة ‏الاقتصادية المناسبة، لخلق فرص عمل جديدة، لاستيعاب البطالة ‏المليونية».

 

الكسل والفساد يسيطران على المؤسسات

«الحل نت» رصد معاناة بعض المراجعين العراقيين مع الموظفين الحكوميين، وقابل “لمياء حسين”، وهي سيدة أربعينية، تشكو مما ما رأته في إحدى المؤسسات الحكومية: «توجهت إلى المؤسسة، في الصباح الباكر، لإتمام معاملتي، ولكني لم أستطع إكمالها حتى انتهاء الدوام، بسبب قيام أحد الموظفين باستقطاع وقته، بين الحين والآخر، لأداء بعض المهام الشخصية، التي لا تتعلّق بالعمل، فضلاً عن الأحاديث الجانبية مع زملائه».

وتتابع “حسين”: «بعض الموظفين يضيّعون أوقاتاً طويلة، لتناول وجبة الإفطار وأداء الصلاة، وهذا يعدّ نوعاً من الكسل الوظيفي».

“سالم محمد”، مواطن  آخر، تحدث لـ«الحل نت» عن معاناته لإتمام معاملة ميراث: «عانيت، لأيام وأشهر، وأنا أتنقّل من مكتب لمكتب، ومن دائرة لأخرى. بعض الموظفين كان يقدم المساعدة، ويؤدي واجبه بالشكل الصحيح، وهناك من كان يركن اوارقي جانباً، ويكمل لعبته المفضلة على الهاتف».

ويضيف “محمد” أن «كثيراً من المراجعين يتخطون هذه المعاناة، عبر دفع الرشى، وهذا فساد صريح، لم أستطع ممارسته».

 

عجز حكومي في حل مشكلة التوظيف

“خالد بتال النجم”، وزير التخطيط العراقي، قال في تصريحات لوسائل إعلامية محلية، إنه «يجب على العراق، اليوم، إعادة النظر بسياسته السكانية، وأن يتوجه لتوظيف سكانه في القطاع الخاص، شرط أن يكون مضموناً. وهناك قانون شُرّع للضمان الاجتماعي في القطاع الخاص».

وأردف “النجم” قائلا: «لا ألوم الشاب، الذي يبحث عن العمل في القطاع الحكومي، إذا لاحظنا أن إنتاجية الموظف، في المؤسسات الحكومية، بحسب تقرير #البنك_الدولي، ست عشرة دقيقة فقط».

من جهته يرى المحلل الاقتصادي “عبد الحسن الشمري” أن «غياب الرؤى الاقتصادية والخطط الحكومية، التي تساهم في تطوير القطاعات التنموية، زاد من نسبة البطالة».

“الشمري” يؤكد لـ«الحل نت» أن «الدولة العراقية تعاني من البطالة المقنّعة، إذ بلغ عدد الموظفين فيها أكثر من أربعة ملايين موظف، كما أن منظمة #الأمم_المتحدة أشارت، في أحد تقاريرها، إلى أن إنتاج الموظف العراقي لا يتجاوز سبع عشرة دقيقة في اليوم، ما يعني أن دوائر الدولة تعاني من بطالة مقنّعة، بنسبة تزيد عن 66%».

ووفقاً لإحصاءات، صدرت مؤخراً، يأتي العراق في مقدمة دول الشرق الأوسط في انتشار البطالة، بنسبة تقدّر بـ59% من حجم قوة العمل، و31% بطالة مؤقتة، ونحو 43% بطالة مقنّعة، كما تقدّر نسبة النساء العاطلات عن العمل بنسبة 85% من قوة عمل النساء في العراق.

بينما يتحدث الخبير الاقتصادي “نبيل المرسومي” عن «زيادة كبيرة ولافتة بعدد الموظفين، خلال السنوات الأخيرة في العراق».

ويقول “المرسومي”، في حديثه لموقع «الحل نت»، إن «عدد ‏الموظفين، على الملاك الدائم، ارتفع إلى ثلاثة ملايين ومئتين وخمسين ألف موظف، بزيادة مقدارها 315 ‏ألف موظف، وبنسبة زيادة 11% عن عام 2019، منها 172 ألف درجة مستحدثة ‏عام 2019، و109 ألف درجة مستحدثة عام 2020، و 34 ألف درجة مستحدثة عام ‏‏2021».

ويضيف أن «هذا الارتفاع في عدد الموظفين يضع #الحكومة_العراقية في حرج كبير، لصعوبة سداد رواتبهم».

 

مجاملات سياسية وتدخلات حزبية

ولكنّ المسؤول الحكومي “موفق عبد الوهاب” يرى أن «الإحصائية، التي بينت أن الموظف العراقي يعمل ست عشرة دقيقة في اليوم، لا يمكن الجزم بصحتها، لا سيما من ناحية التوقيتات المدونة».

ويؤكد “عبد الوهاب”، في حديثه لـ«الحل نت»، أن «هناك موظفين يعملون لساعات طوال، تصل لأكثر من اثنتي عشرة ساعة، كلٌّ حسب موقع مسؤوليته، وبالمقابل هناك البعض الآخر لايعمل حتى ست عشرة دقيقة»، مشيراً إلى أن «هذه الإحصائية مجحفة بحق الموظف العراقي».

وعن سبب تكدس ذلك الكم الهائل من الموظفين يبيّن “عبد الوهاب” أن «المجاملات السياسية، والتدخلات الحزبية، التي يفرضها واقع الحال، جعلت مسألة التعيينات غير الضرورية تتزايد».

ويتابع أن «القطاع الخاص يعطي حرية أكبر، ومساحة أكثر للفرد في العمل، وعدم التقيّد بقيود المؤسسات الحكومية».

أما عن كيفية تقليل البطالة المقنّعة في العراق فيرى “عبد الوهاب” أن «دخول نظام الأتمتة الإلكترونية قد يساهم في القضاء على الفساد الإداري والمالي، ويحدد عمل كل موظف بشكل دقيق».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.