نحو تصفية الصراع في درعا: هل تنجح إيران والحكومة السورية بإنهاء دور روسيا في الجنوب السوري؟

نحو تصفية الصراع في درعا: هل تنجح إيران والحكومة السورية بإنهاء دور روسيا في الجنوب السوري؟

تسعى #الحكومة_السورية لصياغة مشهد جديد من التسويات في محافظة #درعا، جنوبي سوريا، ولكن هذه المرة بعيداً عن الحليف التقليدي #روسيا، فالمصالحة السابقة، التي عُقدت منذ أكثر من عامين، للسيطرة على محافظة درعا، جرت بوساطة روسية ودعم إقليمي، وهو ما آثار، في البداية، بعض الراحة بين أبناء المحافظة، لأن المصالحة قيّدت الحكومة السورية وأجهزتها الأمنية، فضلاً عن أنها منعت #إيران من وضع يدها على المنطقة.

وسرعان ما اكتشف الأهالي، والفصائل التابعة للمعارضة السورية، التي وافقت على التسوية الروسية، عدم التزام القوى الأمنية، التابعة للحكومة السورية، بتعهداتها، فالتسويات، التي كان من المُفترض أن تمنع ملاحقة المعارضين واعتقالهم، لم تكن أكثر من حبر على ورق، فنفذت الأجهزة الأمنية حملات اعتقال، طالت مئات الأشخاص، منهم من قضى تحت التعذيب، فيما عمّت الفوضى عموم درعا، وكان عنوانها الرئيسي حالات الاغتيال والاختطاف اليومية.

 

تسوية إيرانية بنكهة حكومية

بدأت القوى الأمنية، التابعة للحكومة السورية، بتسوية جديدة، منذ بداية كانون الأول/ديسمبر من العام الفائت، فباشرت بإجراء تسويات لثلاث فئات من أهالي درعا، في مبنى السرايا في منطقة “درعا المحطة”. أول هذه التسويات كانت من نصيب الموقوفين، المُطلق سراحهم حديثاً، والذين أُجبروا على توقيع ورقة تسوية جديدة، مغايرة للتي يوقع عليها عادةً من ينضمّ للتسوية في درعا.

وتنصّ التسوية الجديدة، بحسب “علي المحاميد”، القيادي السابق في “غرفة عمليات البنيان المرصوص” المعارضة، على «شطب أسماء المطلوبين من قبل الفروع الأمنية، وإعطاء مهلة شهر لالتحاق المنشقين السابقين بالقوات النظامية. وفي حال تخلّفهم، عن تسليم أنفسهم خلال الفترة المحددة، ستصدر بحقهم مذكرات فرار».

وأوضح “المحاميد”، في حديثه لموقع «الحل نت»، أن «لجنة المصالحة المركزية في محافظة درعا توصّلت إلى اتفاق تسوية جديد مع الحكومة السورية، يشمل ثلاث فئات من المطلوبين أمنياً: المنشقون، والمتخلّفون عن الخدمة الإلزامية، إضافة للمطلوبين أمنياً  لعدة قضايا، وتمت التسوية تحت تهديد المليشيات الإيرانية باقتحام المدينة، وبقية ريف المحافظة، تحت غطاء القوات النظامية».

«التسوية الجديدة جاءت بعد عامين ونصف من تسوية سابقة، لم تضع حداً لتجاوزات الأفرع الأمنية باعتقال المدنيين، أثناء مرورهم على الحواجز العسكرية، أو مراجعتهم للدوائر الرسمية، وتقضي التسوية الحالية بتسليم المنشقين، الذين لم يرضخوا للتسوية السابقة، لقطعاتهم العسكرية، وإلغاء المذكرات الأمنية بحق المدنيين، الذين عاشوا ضمن مناطق المعارضة، قبل عام 2018»، بحسب “المحاميد”.

وحول الفرق بين التسوية، التي أُجريت حالياً، وتسوية آب/أغسطس من عام 2018، يقول المحامي “وفيق أبو هواش”، عضو نقابة المحامين في محافظة درعا، إن «اللجنة الأمنية، التابعة للحكومة السورية، ادّعت أن التسويات السابقة أجراها فرع أمني واحد، لذلك أدت لأخطاء في بقية الفروع، بينما تشمل التسوية الجديدة الأفرع الأمنية كافة، وتأخذ صفة قضائية، بحضور قاضي الفرد العسكري من دمشق».

وأشار “أبو هواش”، في حديثه لموقع «الحل نت»، إلى أن «الموقعين على التسوية السابقة لم يروا فارقاً بين التسويتين، فكلاهما تضمنتا حضور قاضٍ يتبع للحكومة السورية، يمنح أوراق تسوية جديدة، مختومة من وزارة العدل السورية، تسمح لحاملها بالتنقّل بين الحواجز دون ملاحقته. أما الفارق بالنسبة لأعضاء اللجان الأمنية فكان حضور شخصيات من #الفرقة_الرابعة والأمن العسكري، التابعين ضمنياً لإيران، وهم ذاتهم من شن، مؤخراً، هجوما على مدينة درعا وريفها، برفقة ميلشيات إيرانية».

 

روسيا خارج اللعبة

وأفاد قيادي في #الفيلق_الخامس، المقرّب من روسيا، لموقع «الحل نت»، أن «الدور الروسي في جنوب سوريا، وخاصةً في محافظة درعا، تراجع أخيراً لمصلحة إعادة الدور الأميركي والأردني، والطرفان شركاءٌ للروس في اتفاق “خفض التصعيد” في الجنوب السوري. وما يزيد من مؤشرات استبعاد روسيا انسحاب “عماد أبو زريق” من الفيلق الخامس، والذي كان قائداً سابقاً في “جيش الثورة”، التابع لقوات المعارضة، وانضمامه لفرع الأمن العسكري».

ويوضح القيادي، الذي رفض الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، أن «تحرك الحكومة السورية، بدعم إيراني، جاء بعد إجراء تسوية جديدة في أيلول/سبتمبر الماضي، وبعد مرور عامين على التسوية الأولى، حين افتتحت روسيا مركزين لتسوية جديدة، الأول في مدرسة “ميسلون” ضمن مدينة درعا، والثاني في مدينة #بصرى الشام، مخصص لعناصر “اللواء الثامن”، التابع للفيلق الخامس، وبحسب الاتفاق، فإن أسماء المنضمين إلى اللواء شُطبت من قائمة المطلوبين للجهات الأمنية، ومُنحوا حرية الحركة والتنقّل، دون التعرّض للملاحقة والاعتقال، وهو ما حرّك الحكومة السورية والجهات الداعمة لها، مثل إيران وحزب الله، لمحاولة ضم أكبر عدد من الشباب إلى #القوات_النظامية، ضمن تسوية جديدة، وبالتالي إفراغ المحافظة من الشباب، والسيطرة عليها عبر سياسة قضم البلدات الواحدة تلو الأخرى، وإفشال مخططات الفيلق الخامس خارجياً وداخلياً».

 

تخوّف من القادم

ويرى عدد من المدنيين، الذين التقى بهم موقع «الحل نت» في مدينة درعا، أن التسويات الثلاث عبارة عن «خديعة تمارسها جهات مختلفة، لتهدئة الشارع، عندما تشعر أنه وصل إلى حد الانفجار، ثم تعيد تكرار انتهاكاتها، و أسباب هذه الممارسات تعود إلى تحرك أذرع إيران في المنطقة، برضى روسي، الأمر الذي سيُبقي التوتر في درعا، ويعطّل أية تسوية».

وأعرب الشاب “عبد الله المقداد” عن «تخوّفه، وعدم تصديقه مثل هذه التسويات، سواء التي أبرمتها القوات الروسية أو الحكومة السورية، فالتسويات السابقة، التي كانت تتم بضمانة روسية، تبدو بلا قيمة اليوم، بعد إقرار التسوية الأخيرة من الحكومة السورية، وهذا يشي أنه بعد فترة قصيرة ستعود الاعتقالات، وبصفة رسمية، دون أن يستطيع الضامن الروسي الوقوف بوجهها».

أما “معين أكراد”، فلديه وجهة نظر تختلف عن “المقداد”، فيرى أن «الأحداث السابقة في درعا تقف خلفها روسيا، لعدم تنسيقها مع الحكومة السورية، واعتبارها الحلفاء الدوليين، وخاصة في الدول المجاورة، أهم من السلطات السورية. وروسيا تريد أن تبقى درعا متذبذبة، فلا تثور ولا تهدأ، فتبقى تدور في محور تسويات غير مجدية، وفي المقابل يتم انهاكها بالتصدي للتمدد الإيراني، رغم أن روسيا هي من سمح بهذا التمدد أساساً».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة