الهجرة إلى كردستان: هل يتمتع الناشطون الكُرد في العراق بحريات أكبر من نظرائهم العرب؟

الهجرة إلى كردستان: هل يتمتع الناشطون الكُرد في العراق بحريات أكبر من نظرائهم العرب؟

يُعدُّ العراق واحداً من أخطر البلدان على حياة الناشطين، فيِ المجالات المختلفة، ففي بلد تعجز دولته عن ضبط الميلشيات المتمردة على سلطتها، تعرّض عشراتُ الناشطين للقتل والاختطاف والاختفاء القسري، منذُ انطلاق تظاهرات #انتفاضة_تشرين في العراق. وعلى الرغم من تعهدات #الحكومة_العراقية، ورئيسها مصطفى #الكاظمي، بتوفير الحماية للناشطين، وإنهاء حالات التعرّض لهم، إلا أن الاستهداف ما يزال مستمراً.

وبعد أنْ أعلن المتظاهرون عن إنهاء التظاهرات في #ساحة_التحرير بالعاصمة #بغداد، والساحات الأخرى في محافظات الوسط والجنوب، باتتْ حياةُ الناشطين في تلك الاحتجاجات في خطرٍ كبيرٍ، فالعشرات تعرّضوا للتهديد الشفوي، أو من خلال هواتفهم، أو مواقع التواصل الاجتماعي، فيما يستمر الاستهداف عبر القتل والاختطاف، وتفجير المنازل، وتهديد الأهل والأقارب.

 

تغيّرُ الأماكن

تقول “أميرة الجابر”، الناشطة في تظاهرات ساحة التحرير ببغداد، إنَّ «عدداً من الناشطين قاموا، في الفترة الأخيرة، بتغيير أماكن سكناهم، حرصاً على حياتهم من تهديد المليشيات».

مبينةً، في حديثها لموقع «الحل نت»، أنَّها «بسبب كتابتها لمنشور، على صفحتها في موقع “فيس بوك”، وصلتها تهديدات بالتصفية الجسدية. وغيرها العشرات ممن يتعرضون يومياً للتهديد المباشر بالقتل والخطف».

وأضافت: «قبل أيّام قامتْ مجموعةٌ من زملائها المتظاهرين بتغيير مواقع سكناهم، وتركوا العاصمة بغداد، واستقروا في مدن #إقليم_كردستان العراق، ومنهم من غادر العراق بشكلٍ نهائي».

وأشارتْ إلى أن «الناشطين كانوا يأملون بتعهدات رئيس الحكومة العراقية المتكررة بحمايتهم، ولكن تبيّن أنَّها تعهداتٌ فارغةٌ، ولاصحة لها، ولن يستطيع الكاظمي الإيفاء بتعهداتهِ إطلاقاً»، حسب تعبيرها.

 

مخاوفُ الميلشيات

“أحمد الغزي”، الناشط في تظاهرات “ساحة الحبوبي”، بمحافظة ذي قار جنوبي العراق، يشير إلى أنّ «المتظاهرين والناشطين أصبحت لديهم شعبيةً كبيرةً، ونزولهم في الانتخابات المقبلة قد يقلب المعادلة السياسية».

مضيفاً، في حديثه لموقع «الحل نت»، أنّه «بسبب التفاعل الشعبي، وخاصةً من فئة الشباب، مع مجموعة من الناشطين في مختلف المحافظات، فإن الأحزاب والميلشيات تخشى على نفوذها في الانتخابات المقبلة، لذلك تستمر بتصفية الناشطين المؤثرين شعبياً».

وبيّن أنّ «أكثر ما تخشاه الميليشيات هي الحملةُ التي يقوم بها الناشطون، من أجل الدعوة لتحديث سجلات الناخبين، والمشاركة الفاعلة في الانتخابات، فيما تريد تلك الأحزاب والميلشيات عزوف المواطنين عن المشاركة، كي يتمكنوا من التزوير براحة تامة»، حسب قوله.

 

حذرٌ وترقبٌ

فيما يؤكد الناشط “مصطفى حمدي” أنَّ «أغلب الناشطين في التظاهرات هم من الطبقات الفقيرة والمعدمة، ولا يستطيعون جميعهم تغيير سكناهم، والنزوح بإتجاه مدن إقليم كردستان».

لافتاً، في حديثه لموقع «الحل نت»، إلى أنّ «أغلب الناشطين مرتبطون  بأعمالٍ ووظائفَ، أو طلبة جامعات، ويعيلون عوائلهم، وتغيير مكان سكنهم يحتاج إلى أموال، لاتتوفر لدى معظمهم».

وأوضح أنَّ «استمرار التهديدات يدفع عدداً من الناشطين للنزوح الوقتي إلى مدن إقليم كردستان، أو تغيير المنطقة التي يسكنون فيها لأيّامٍ محددة، لحين هدوء الأوضاع، وتوقف الميلشيات عن ملاحقتهم».

وأضاف أنَّ «أغلب الناشطين في العراق يخرجون من منازلهم وهم يخشون ألا يتمكّنوا من العودة، فيودعون أطفالهم وعوائلهم، لأنَّ الميلشيات تتربص بهم. وأنا شخصياً تعرّضت لاستهداف، مع أحد أصدقائي، في سيارتي الخاصة، بإحدى مناطق بغداد، لكنني أصبت بجروح بسيطة فقط».

 

هجرة عكسية

ورغم أنَّ غالبية الناشطين، في محافظات الوسط والجنوب، يلجأون إلى إقليم كردستان، للعيش في مدنه، التي تنعم بالأمن والاستقرار، بنسبة تفوق مدن العراق الأُخرى، لكن الوضع لايبدو وردياً للناشطين الكُرد، الذين تعرَّض الكثير منهم للاعتقال والاختفاء.

“يسرى رجب”، عضو لجنة حقوق الإنسان، والنائبة الكردية في #البرلمان_العراقي، تقول إنَّ «أحزاب السلطة في الإقليم لا تقبل النقد ولا حرية الرأي، وهي تراقب مواقع التواصل الاجتماعي، وقامت باعتقال عشرات المُدونيين والناشطين في التظاهرات، التي شهدتها كردستان، ومن ينتقد الفساد المالي والإداري داخل الإقليم».

وتضيف، في تصريح خصّت به موقع «الحل نت»، أنَّ «الوضع لايبدو وردياً، فحكومة الإقليم تحتضن الناشطين العرب، القادمين من المحافظات الأخرى، لأغراضٍ سياسيةٍ واجتماعيةٍ، كي تسوّق الموضوع إعلامياً أمام المجتمع الدولي، باعتبار الإقليم واحةً للديمقراطية وحرية الرأي، إلا أن أجهزتها الأمنية والحزبية تحتفظ في سجونها بعشرات الناشطين الكُرد، الذين تم اعتقالهم، لمجرد كتابة رأيهم في مواقع التواصل الاجتماعي، أو دعوتهم لتظاهرات، يطالبون فيها بتحسين الأوضاع الاقتصادية السيئة داخل كردستان».

موضحةً أنَّ «أغلب الناشطين الكُرد، الذين تعرّضوا للتهديد، تركوا الإقليم، ونزحوا بإتجاه العاصمة بغداد، أو إلى أوربا، حفاظاً على حياتهم من القتل والاعتقال».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.