شهدت الأيام الأخيرة، من عام 2020، تطورات وتحولات متسارعة على الساحة الليبية، التى لم تستقر أوضاعها منذ سقوط نظام القذافي، مع موجة #الربيع_العربي الأول عام 2011 .

تصاعد الأحداث بدأ منذ يوم الثلاثاء، الثاني والعشرين كانون أول/ديسمبر من العام الفائت، مع مصادقة البرلمان التركي، على طلب من الرئيس التركي رجب طيب #أردوغان، بتمديد عمل القوات العسكرية التركية في #ليبيا، لمدة ثمانية عشر شهراً.

ولم تمر سوى ساعات قليلة على قرار البرلمان التركي، حتى شنّ المشير خليفة #حفتر، قائد “الجيش الوطني الليبي”، الذي يسيطر على الساحل الشرقي للبلاد، هجوماً شديداً على #تركيا، ودعا قواته إلى «حمل السلاح مجدداً، لطرد المحتل التركي»، بحسب وصفه.

الرد التركي على تصريحات حفتر جاء ربما أسرع مما توقعه الجنرال الليبي، ففي السادس والعشرين من كانون الأول/ديسمبر، وصل “خلوصي أكار”، وزير الدفاع التركي، إلى العاصمة طرابلس، في زيارة غير معلنة.

وفى كلمة ألقاتها أمام القوات التركية العاملة فى ليبيا، وصف وزير الدفاع التركي الجنرال حفتر بـ«المجرم»، وأكد أن «تركيا ستعتبر حفتر وداعميه أهدافاً مشروعة، إذا اعتدوا على قواتها».

تحذيرات وزير الدفاع التركي تزامنت مع زيارة قام بها وفد مصري رفيع المستوى إلى طرابلس، هى الأولي منذ عام 2014، حيث التقى مع مسؤولين أمنيين وسياسيين. ورغم أنه لم يصدر تصريح رسمي من #القاهرة، حول طبيعة زيارة الوفد المصري لطرابلس، إلا أن “أحمد معيتيق”، نائب رئيس المجلس الرئاسي في #حكومة_الوفاق الوطني الليبية، كشف، في تصريحات صحفية، أنه «تم، خلال الزيارة، الاتفاق على إعادة تفعيل العلاقات بين طرابلس والقاهرة، وأن تشهد المرحلة القادمة عودة السفارة المصرية إلى ليبيا، إضافة لملفات اقتصادية وأمنية أخرى».

#روسيا بدورها لم تغب عن مشهد التحولات المتتابعة فى الأزمة الليبية، فالتقى وزير خارجيتها “سيرجي لافروف” مع “محمد سيالة”، وزير خارجية حكومة الوفاق، في الثلاثين من كانون الأول/ديسمبر.

وبحسب مراقبين فإن «التحول فى مواقف #مصر وروسيا تجاه حكومة الوفاق، بعد دعمهما السابق لحفتر، يرتبط، بشكل كبير، بالتغيير الذى شهدته الإدارة الأمريكية، وفوز الرئيس الديمقراطي جو بايدن، في انتخابات الرئاسة الأميركية».

 

تحولات جذرية

ويري “د.إياد المجالي”، الباحث في العلاقات الدولية في جامعة “مؤتة” بالمملكة الأردنية الهاشمية، أن «هناك تحولات عميقة وجذرية، ستنقل تحالفات المنطقة إلى نقاط حرجة، بمجرد أن يتسلم الرئيس بايدن السلطات الدستورية في البيت الأبيض».

وقال “المجالي”،  لموقع «الحل نت»، إن «التغيرات، التي تشهدها علاقات تركيا بمصر، احدى هذه التحولات».

ويتفق الكاتب والمحلل السياسي الليبي “أحمد التهامي” مع هذه الرؤية، مشيراً إلى أن «ثمة مرحلة جديدة بدأت في شرق المتوسط»، موضحاً، لموقع «الحل نت»، أن «المرحلة المقبلة قد تشهد تعاوناً مصرياً تركياً، واتفاقاً في ليبيا»، لافتاً، فى الوقت نفسه، إلى أن «المصالح المتضاربة بين البلدين، قد تجعل العلاقة بين القاهرة وأنقرة فى ليبيا، تشبه العلاقة الروسية التركية، فمن جهةٍ ثمة تعاون، ومن جهة أخرى تندلع الحرب».

 

تراجع تركي

وبحسب “د.المجالي” فإن «الضغوط الدولية والإقليمية، وأزمة شرق المتوسط، وموقف الإدارة الأميركية المقبلة، أسباب لتراجع الدور التركي في ليبيا»، مشيراً إلي أن «انفتاح القاهرة وموسكو على حكومة الوفاق محاولة لاستثمار هذا التراجع  التركي، والبحث عن بدائل تعزز من حضورٍ روسي-مصري أكبر، وتوجيه ضربات متتالية للمشروع الأردوغاني التوسعي في ليبيا»، حسب تعبيره.

فيما يعتبر “أحمد التهامي” أن «زيارة الوفد المصري لطرابلس ليست مجرد انفتاح على حكومة الوفاق، بل خطة ديبلوماسية مصرية، كُللت بالنجاح»، موضحاً أن «مصر حققت انتصاراً ديبلوماسياً، بالتنسيق مع الجانب الروسي، ونجحت باستغلال حالة الضعف التي تمرّ بها تركيا، بسبب أزمتها الاقتصادية، ومخاوف أردوغان من سياسات بايدن، التي لم تتضح بعد».

«لا يمكن التنبؤ بنجاح مسار الحل السياسي فى ظل وجود تركيا، وبقاء ميلشياتها السورية بليبيا، ورغبتها بتحقيق انتصار، يخدم مصالحها بالمنطقة، خاصة بعد زيارة وزير الدفاع التركي لليبيا»، بحسب “د.المجالي”، الذي أضاف أن «زيارة الوزير التركي تأتي في اطار النزاع التركي اليوناني، وتكرار الاعتراضات المتبادلة بين الطائرات التركية ونظيراتها اليونانية، وسعي #أثينا إلى إحباط مخطط تركيا، الرامي إلى إقامة قاعدة عسكرية على ساحل ليبيا، في منطقة قريبة من جزيرة كريت اليونانية».

 

سوريا والكُرد

ويرى “أحمد التهامي” أن «الوجود التركي بليبيا يعتمد بشكل كبير على المصالح التركية في سوريا»، موضحاً أن «جانباً كبيراً من أهداف التدخل التركي في ليبيا مكرس لمساومة روسيا حول خط الحدود في الشمال السوري، وأن توافق #موسكو على امتلاك #أنقرة نقاط مراقبة متقدمة، تمكّنها من كشف تحركات القوى الكُردية، التي تعتبرها أنقرة خطراً على  الداخل التركي».

وأشار “التهامي” إلى أن «تركيا ستعمل على تعطيل أي مسار سلمي ليبي- ليبي، لأنه يضيّع عليها فرصة ابتزاز روسيا، لذلك كلما سار المسار السلمي خطوات إلى الأمام، عمدت تركيا إلى تأزيم الوضع وتصعيد الموقف».

وبحسب “رامي عبد الرحمن”، مدير “المركز السوري لحقوق الإنسان”، «يتواجد قرابة سبعة آلاف مقاتل سوري، ضمن الميلشيات، التى نقلتها تركيا لدعم حكومة الوفاق، ويعيش هؤلاء وضعاً صعباً، منذ وقف إطلاق النار، لدرجة أن تركيا قطعت عنهم الرواتب، ما دفعهم لتنظيم احتجاجات، داخل أحد المعسكرات بطرابلس، وهو ما قد يدفع الأجهزة الأمنية الليبية لاعتقالهم، والزجّ بهم في السجون».

وبحسب مراقبين فإن بقاء هؤلاء المرتزقة «يمثل ورقة ضغط تركية، يمكن استخدامها لإشعال الأوضاع بليبيا مجدداً»، وهو ما يستبعده “التهامي”، الذي يؤكد أن «الأمر لن يصل لمرحلة عودة المعارك من جديد، خاصة أن الميلشيات، التابعة لتركيا، أضعف من أن تحسم أي معركة، فما بالك وهي مضطرة لخوض حرب في وسط الصحراء الليبية، على امتداد آلاف الكيلومترات، مما يعني تبدد الأعداد القليلة لهذه القوى وسط ضخامة الصحراء، وهو ما يضع تركيا أمام مأزق مزدوج، فهي لا تستطيع تطوير الحرب، ولا صنع السلام»، حسب تعبيره.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.