في الوقت الذي يتعين فيه على البابا فرنسيس أن يذهب إلى #العراق أوائل شهر آذار المقبل، لا تزال هناك شكوك كبيرة حول هذه الرحلة، لكن وبالرغم من ذلك، بدأ المنظمون في الاستعداد لهذه الزيارة التي ستستغرق ثلاثة أيام.

نادراً ما اتسم التحضير لرحلة للبابا بعدم اليقين، لدرجة أن السؤال في روما بات مطروحاً بوضوح: هل سيتمكن البابا فرنسيس من الذهاب إلى العراق من 5 إلى 8 آذار؟ البابا نفسه ترك الشك في مقابلة أذيعت يوم الأحد 10 كانون الثاني الجاري على التلفزيون الإيطالي، حيث قال: “لا أعرف ما إذا كانت الرحلة القادمة إلى العراق ستتم أم لا”.

وفي حين أن هذه العبارة الصغيرة أثارت النقاشات بشكل كبير في #روما و #بغداد، تبقى الحقيقة أن التخطيط لهذه الرحلة، التي أُعلن عنها في أوائل الشهر الماضي مستمر، وهذا ما أكدته في الأيام الأخيرة لصحيفة (لا كروا) عدة مصادر مشاركة في تنظيمها سواءً في روما أو في العراق. ويؤكد أحد المنظمين ذلك قائلاً: “نحن نجهز الاجتماعات والخطب”. في حين قال منظم آخر: “يجري إعداد قوائم الشخصيات التي ستتم دعوتها، وسيتم تحديد الأماكن التي سيذهب إليها البابا قريباً”.

وفي العراق، حيث ذهب معاونو البابا قبل عدة أشهر، تمت زيارات أمنية مختلفة حتى وقت قريب جداً، في أماكن مختلفة حيث يخطط البابا الذهاب، وبطريرك الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية، الكاردينال لويس ساكو، هو صاحب اليد العليا في التخطيط لهذه الزيارة.

إلى جانب الأماكن التي تم الإعلان عنها سابقاً، مثل الموصل وقرقوش وبغداد وسهل أور ومدينة أربيل، يمكن أن يذهب البابا فرنسيس أيضاً إلى مدينة النجف، موقع الحج الشيعي الرئيسي على بعد 200 كيلومتر جنوب بغداد، وإذا ما تم تنظيم هذه الخطوة، وهي مجرد فرضية في الوقت الحالي، فقد تكون مناسبة لاجتماع غير مسبوق بين البابا وآية الله العظمى علي السيستاني. أما بالنسبة لمدينة أور، في وسط “سهول إبراهيم”، فيجب أن تكون مكاناً للّقاء بين الأديان، كما يمكن للبابا أيضا زيارة معبد لالش، وهو مكان مقدس رئيسي للأقلية الإيزيدية في شمال العراق.

في الانتظار، نشر منظمو الرحلة الملصق التقليدي للرحلة في أوائل شهر كانون الثاني الجاري، والذي يظهر حمامة تحمل غصن زيتون وترفع فوق أعلام الفاتيكان والعراق، وكذلك جملة “أنتم جميعاً إخوة” من إنجيل القديس متى باللغة العربية والكلدانية والكردية.

وفي جميع الاحتمالات، لن يتم الكشف عن الجدول الزمني المحدّد للرحلة، والذي يتم نشره عادة قبل شهرين من المغادرة، حتى اللحظة الأخيرة، إنها مسألة أمنية، ولكنها أيضاً طريقة للسماح للبابا فرنسيس بإمكانية تأجيل رحلة كان كل من البابا يوحنا بولس الثاني وبنديكتوس السادس عشر يحلمان بها حتى آخر أيامهم. وفي انتظار المغادرة، يجب على المنظمين التحضير لرحلة عالية الخطورة، لا سيما في المجالات الثلاث: الأمنية والسياسية والصحية.

فيجب أن تكون هذه الرحلة آمنة في المقام الأول. وفي هذه النقطة، تدّعي بغداد أنها قادرة على تأمين الرحلة بشكل كامل، لاسيما من خلال وحدات خاصة من الجيش العراقي، كما علمت صحيفة (لا كروا). وكل هذا على الرغم من الوضع غير المستقر في البلاد، حيث لا تزال الهجمات شائعة، لكن أكثر ما يخشى هو تصاعد عام في العنف، “لكن كلما اقتربت الرحلة، قلَّ احتمال ظهورها”، كما يقول خبير في الشؤون العراقية، حيث يذّكر بأن رئيس الوزراء العراقي لا يزال يسيطر على أجهزة المخابرات في البلاد، والتي كان رئيسها السابق.

كما أن هناك أيضا خطر التلاعب السياسي. “هنا، كل كلمة لها أهميتها”، يخشى مصدر في العراق، مذكّراً بالجدل العالمي الذي نجم عن خطاب بنديكتوس السادس عشر في ريغنسبورغ. وهي سابقة يدركها الفاتيكان جيداً ويريد تجنبها بأي ثمن، خاصةً وأن الزيارة البابوية ستتم قبل ثلاثة أشهر من الانتخابات الحاسمة للبلاد.

وأخيراً، هناك مخاوف تتعلق بالوضع الصحي، وهي أكثر ما يقلق المنظمين، حتى أكثر من الإرهاب، وفي هذا الصدد، وإن لم يسجّل العراق رسمياً سوى بضع حالات إصابة جديدة بفيروس كورونا منذ عدة أسابيع، فإن بعض المصادر تشكك بشدّة في البيانات الصحية الحكومية. وليس هناك شك في أن تسبب زيارة البابا هذه في عدوى على نطاق واسع، لذلك يدرس المنظمون، وفقاً لمعلومات (لاكروا)، عقد قدّاس في مكان يمكن أن يجمع عدة آلاف من الناس.

وفي سياق كل هذه الشكوك، هل ستتم الرحلة؟ “من المستحيل الإجابة على هذا السؤال في الوقت الحالي”، يعلق أحد المقربين من البابا. ويختتم حديثه للصحيفة قائلاً: “إذا كان البابا يريد حقاً الذهاب إلى العراق، فلا شيء يمكن أن يمنعه. الشيء الوحيد الذي يمكن أن يجعله يحجم عن هذه الزيارة هو خوفه من جعل حشود المؤمنين في خطر”.


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.