“عودة” النازحين العكسية: هل المخيمات أكثر أمناً من “المناطق المحررة” في العراق؟

“عودة” النازحين العكسية: هل المخيمات أكثر أمناً من “المناطق المحررة” في العراق؟

مرّت أكثرُ من ثلاث سنوات على إعلان #الحكومة_العراقية النصر الكامل على تنظيم #داعش، وتحرير جميع المناطق، التي كانت تحت سيطرته. وبعد إعلان النصر، بدأت خطة حكومية لإعادة العوائل النازحة، عبر توفير الأمن والاستقرار، وإعادة الإعمار، بالتعاون مع #الأمم_المتحدة والمنظمات  الدولية والمحلية.

وبعد تسلّم مصطفى #الكاظمي رئاسة الحكومة العراقية، أعلنت “إيفان فائق جابرو”، وزير الهجرة والمهجّرين العراقية، عن خطة حكومية لإغلاق جميع المخيمات في العراق، وإعادة كافة العوائل النازحة لمناطقها. وبدأتْ الحكومةُ بإغلاق مجموعةٍ كبيرةٍ من المخيمات، في محافظات #نينوى والأنبار وصلاح الدين وديالى، وإعادة مئات من العوائل النازحة لمناطقها.

لكن الحال لم يسرِ على مايرام، فكثير من المشاكل حدثت لتلك العوائل، بعد عودتها، أولها المشاكل الأمنية، نتيجة وجود عدد من أقارب عناصر داعش بين النازحين، الذين عادوا إلى مناطقهم، دون إجراءِ مصالحةٍ مجتمعيةٍ؛ وثانيها المشاكل المعيشية والاقتصادية، فأغلب العوائل، التي عادت، تعرّضت منازلها وممتلكاتها للدمار، دون وجودِ تعويضٍ من الحكومة العراقية، حتى الآن.

 

توقيتٌ غير مناسب

يرى الكثير من المراقبين، للشأن السياسي والمحلي في العراق، أن «الحكومة العراقية اختارت إغلاق المخيمات، بهذا التوقيت، لأسباب انتخابية وسياسية».

فبالنسبة للكاتب والمحلل السياسي “علي البيدر” «أخفقت الحكومة العراقية في اختيار هذا التوقيت، فهو غير مناسب لعودة النازحين، ولا يعدو كونه استغلالاً سياسياً للموضوع أمام المجتمع الدولي».

مبيناً، في حديثه لموقع «الحل نت»، أنَّه «كان الأجدر بالحكومة العراقية توفير مستلزمات العودة للنازحين، من جميع النواحي الأمنية والاجتماعية والاقتصادية، قبل المباشرة بإغلاق المخيمات».

«إجراء المصالحة المجتمعية، داخل المناطق المحررة، بين المكونات المختلفة، وأيضاً بين أبناء العشائر داخل المكون الواحد»، أمر أساسي للغاية، كما يرى “البيدر”، لأن «الاستعجال بإعادة النازحين، بوجود هذا الكمِّ الكبير من المشاكل، التي تعيشها البلاد، وعدم السيطرة على السلاح المنفلت، سيخلق حالةً من الفوضى داخل المناطق المحررة، ويجب عدم المتاجرة إعلامياً وسياسياً وانتخابياً بموضوع النازحين»، حسب تعبيره.

 

مخاوفٌ من الميلشيات

ويعتبر وجود الميلشيات، الموالية لإيران، عاملاً غير مشجّع على عودة العوائل النازحة، خاصة وأن تلك الفصائل تتحكّم بإدارة الملف الأمني، في أغلب المناطق المحررة من سيطرة تنظيم داعش.

وتعدّ محافظة نينوى أكثر المحافظات العراقية في عدد النازحين، نتيجة الخليط الكبير من المكونات التي تسكنها، فضلاً عن الدمار الهائل، الذي لحق بمناطقها، وعدم وجود مشاريع لإعادة الأعمار، وتعويض المتضررين، حتى اللحظة.

«عديد من العوائل النازحة ترفض العودة لمناطقها، فيما سجّلت المناطق المحررة نزوحاً جديداً للمئات من العوائل، باتجاه مدن إقليم كردستان»، بحسب ما يقول “محمد الحياني”، المراقب للشأن العراقي.

ولفت “الحياني”، في حديثه لموقع «الحل نت»، إلى أنَّ «العوائل، التي نزحت مجدداً، لديها خشية على حياتها، ولا تستطيع ممارسة نشاطها التجاري والاقتصادي بحرية، نتيجة الإتاوات الكبيرة، التي تفرضها الجماعات المسلحة».

وكانت تقارير صحفية، وأخرى معدّة من قبل منظمات دولية، تحدثت عن فرض «الجماعات المسلحة، التي تسيطر على محافظات نينوى والأنبار وديالى وصلاح الدين، إتاوات وضرائب مالية كبيرة، على التجّار ورجال الأعمال وأصحاب  المهن  المختلفة».

 

نتائجٌ كارثيةٌ

وأغلقت الحكومة العراقية أكثر من عشرين مخيماً في المحافظات المحررة، فيما تؤكد وزارة الهجرة والمهجرين العراقية على وجود خطة لغلق المخيمات بشكل كامل، نهاية عام 2012.

“أضحوي الصعيب”، عضو مجلس محافظة نينوى السابق، أشار إلى أنَّ «قرار إعادة العوائل النازحة، بهذه السرعة، هو قرارٌ غيرُ صحيحٍ ومستعجل، ولم يُدرسْ بشكلٍ منطقي».

ويُضيف، في تصريح خصّ به موقع «الحل نت»، أنَّ «هذا القرار له نتائجٌ كارثيةٌ، لاسيما أنَّ عديداً من المشاكل الأمنية حدثت بعد عودة تلك العوائل لمناطقها، نتيجة اعتراض كثير من العشائر على عودتها، لاتهام بعض أفرادها بالانتماء لتنظيم داعش».

ولفت إلى أنَّ «الحكومة العراقية لم تقمْ بتعويض المتضررين، لكي تتمكن تلك  العوائل من إعادة أعمار منازلها المدمرة، ولم تُوفرْ الاستقرار الكامل ولا الخدمات، فكيف تريد إرجاع العوائل بهذه الطريقةً؟ من المنطقي أنْ تحدثَ هجرةٌ عكسيةٌ مجدداً إلى #إقليم_كردستان، لأسبابٍ مختلفةٍ، أمنيةٍ واجتماعيةٍ، ولانعدام الخدمات في عديد من المناطق المحررة، نتيجة الإهمال الحكومي لهذه المناطق».

وتعرّضت محافظة نينوى إلى دمار شبه كامل للمشاريع الخدمية ومنازل المواطنين، وبلغت نسبة الدمار في مدينة #الموصل، مركز المحافظة، حوالي 70% بحسب تقارير حكومية، فيما ماتزال عملية إعادة الأعمار تجري ببطء شديد.

 

إحصائيةٌ رسميةٌ

ويعدّ إقليم كردستان الأكثر احتضاناً للعوائل النازحة، بسبب الوضع الأمني المستقر نسبياً فيه، فضلاً عن الخدمات التي تتمتع بها مدن الإقليم، ما شجّع العوائل على اختياره مكاناً للنزوح والاستقرار.

دائرة الإعلام والمعلومات في حكومة اقليم كردستان أكدتْ «تزايد أعداد النازحين، القادمين من داخل محافظات الوسط والجنوب، إلى مخيمات النزوح المنتشرة في محافظات الإقليم».

وقالت الدائرةُ في بيانٍ رسمي إنّ «هناك عدم استقرار في عدد النازحين في إقليم كردستان، فحتى منتصف العام الماضي كان عدد العوائل يتناقص بشكل كبير، ولكن مع بداية موسم الشتاء، نزحت مئات من العوائل مجدداً باتجاه مخيمات الإقليم، وشهدت أعداد النازحين ارتفاعاً، إلى 737،365 نازحاً، مسجلاً لدى حكومة كردستان، وموثّقاً مع الأمم المتحدة ووزارة الهجرة والمهجرين العراقية».

ونزح أكثر من مليوني مواطن من مناطقهم، التي سيطر عليها تنظيم داعش، إلى مدن إقليم كردستان، قبل أن يبداً آلاف منهم بالعودة لمناطقهم، التي تحررت من سيطرة التنظيم المتشدد، فيما يصرّ الآلاف على البقاء داخل الإقليم، لأسباب مختلفة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.