ماوراء الهدوء النسبي في السويداء: حرب طرق تهريب المخدرات بين “الحجاج الإيرانيين” وأبناء “شيخ الكرامة”

ماوراء الهدوء النسبي في السويداء: حرب طرق تهريب المخدرات بين “الحجاج الإيرانيين” وأبناء “شيخ الكرامة”

انسحبت #القوات_النظامية، والفصائل المتحالفة معها، من بلدة “عريقة”، في الريف الغربي لمحافظة #السويداء، دون أن تستطيع القبض على فرد واحد من المطلوبين الأربعة والثلاثين، الذين يشكلون، منذ سبع سنوات، “عصابة عريقة”، الشهيرة في المحافظة، بسبب تحصّنهم بمزار “عمار بن ياسر”، في التل المشرف على البلدة من جهة الشمال الشرقي.

العملية العسكرية، التي تابع تفاصيلها سكان المحافظة، بمختلف اتجاهاتهم، بدأت باشتباكات متقطّعة، وسط تهديد قائد الحملة باقتحام المزار، لكن احتماء العصابة برمز ديني أفشل الحملة بالكامل، وأكد الناشط المدني” ناهي عزام” أن «الحملة كانت استعراضية، ولا تأثير لها بالمطلق، وقد انسحبت إلى أطراف ومداخل البلدة، دون أن تحقق شيئاً»، مضيفاً أن «الجميع علم بقدوم الحملة  قبل ساعات، وهو ما يؤكد التنسيق الكامل بين مختلف الأطراف، لشن حملة استعراضية، هدفها إيهام الناس بأن القوات النظامية والأجهزة الأمنية متواجدة بقوة، في المكان والزمان المناسبين». لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن «هذه العملية لها أبعادها العسكرية والسياسية، بعيداً عن البلدة وعصابتها».

حديث “عزام”، المعتقل السياسي السابق، عن أبعاد أخرى للعملية، يطرح أسئلة عديدة عن التطورات السياسية والميدانية في السويداء، فإلى أين تتجه الأمور في المحافظة؟ وما دور مختلف اللاعبين، الإقليميين والدوليين، فيما يحدث؟

 

اكتشاف معسكر إيراني

بالنسبة لـ”عزام” فإن «ما يجري في السويداء، هذه الأيام، دعاية انتخابية ليس إلا، خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، لإيهام الرأي العام أن قوات #الحكومة_السورية تسيطر على الوضع، وقادرة على فرض الأمن بكل مكان».

أما الأبعاد العسكرية، التي أشار إليها الناشط المدني، فهي «سعي الحكومة السورية إلى قطع الصلات بين الفصائل المسلحة، المعارضة لها، وخاصة تلك التي تتمركز في الريف الغربي للمحافظة، لخوفها من ردود فعل المسلحين المحليين، بعد اكتشاف معسكر تابع لإيران، على تخوم بلدة “الثعلة”، مؤلف من البدو، الذين تم تجنيدهم مؤخراً، والضالعين بعمليات الخطف، التي جرت قبل نهاية العام، وراح ضحيتها ثلاثة مواطنين، واتُهم أهالي #درعا بالوقوف وراءها، لخلق مزيد من الكراهية بين أبناء السهل والجبل»، حسب تعبيره.

المعلومات، التي تسربت أثناء دخول القوات النظامية إلى بلدة “عريقة”، أكدت أن «هناك مخطوفين لدى العصابة، ومنهم نجل اللواء “بهجت سليمان”، وضابط لم يُعرف اسمه»، لكن الإعلامي “ريان معروف” ينفي صحة هذه المعلومات، ويقول لموقع «الحل نت» إن «الفترة المقبلة ستشهد تحركات أمنية، على نطاق محدود، بعد توجيهات من السلطات في #دمشق للأجهزة الأمنية في السويداء، بعدم استخدام القوة المفرطة ضد عصابات الخطف، قبيل انعقاد الانتخابات الرئاسية. وقد أجرت عصابة “عريقة” مصالحة، في شهر تموز/يوليو الماضي، برعاية “منصور عزام”، وزير القصر الجمهوري، الذي يحرص على عدم توتير الأجواء في تلك المنطقة تحديداً، مهما كان السبب، لأنها منطقة نفوذه ومسقط رأسه».

 

“ليث البلعوس” يشكّل فصيله المسلح الجديد

في السياق نفسه عاد “ليث البلعوس”، ابن “وحيد البلعوس”، مؤسس حركة #رجال_الكرامة، لتشكيل فصيل مسلح كبير، في بلدة “المزرعة” بالريف الغربي للمحافظة، بعد انسحابه من فصيل “الشريان الواحد”، والقضاء على مناصريه في فصيل “قوات شيخ الكرامة” بمدينة #صلخد، من قبل فرع الأمن العسكري، وفصيلين مسلحين مواليين لإيران، في نيسان/إبريل من العام الماضي، عقب معارك على النفوذ في المنطقة، واشتباكات للسيطرة على طرق تهريب المخدرات.

وأشارت مصادر محلية، لموقع «الحل نت»، إلى أن «”البلعوس” قام، خلال الأشهر الماضية، بتجميع شتات فصيله القديم، ونسّب إليه عدداً كبيراً من شبان الريف الغربي للمحافظة، ودرّبهم بشكل سري، بعد حصوله على دعم مادي كبير من عشيرة “البلاعسة” في #الأردن، وشخصيات سورية معارضة، تعيش في الخارج، متخذاً من بلدته “المزرعة” مقراً للفصيل، لتحقيق أهدافه السابقة نفسها، وهي الأخذ بثأر والده، المقتول على يد الأجهزة الأمنية؛ ومنع #إيران وحزب الله من التغلغل في المحافظة، لأسباب عقائدية؛ والترويج للمخدرات، ونقلها إلى الأردن».

وذكر الناشط “محمود الحسن”، القاطن في الريف الغربي للمحافظة، أن «الهدف الرئيسي لبناء التشكيل الجديد يعود لاكتشاف معسكر، تابع لإيران وحزب الله، غربي بلدة “الثعلة”، على الحدود الإدارية لمحافظة درعا. وأيضاً إنشاء خط سريع، لتهريب المخدرات من المنطقة إلى الحدود الأردنية، ومن ثم إلى دول الخليج»، مؤكداً أن «”البلعوس” سوف يتابع معركته القديمة، في محاربة تجّار المخدرات الآخرين، الذين انتصروا عليه، وعلى فصيله السابق “قوات شيخ الكرامة”، في “صلخد”، وسيطروا من جديد على طرق التهريب، بمساعدة من أبناء المنطقة، الذين باتوا قوة عسكرية مهمة على الحدود الأردنية». مشيراً إلى أن «الهجانة وحرس الحدود الأردني يتصدون لهؤلاء المهربين بالقوة المفرطة، لكن تهريب المخدرات يتم بنجاح».

 

عمليات عسكرية مرتقبة

وربط “الحسن” بين ما جرى في “عريقة” وبين تشكيل فصيل “البلعوس”، معتبراً أن «الأجهزة الأمنية، التابعة للحكومة السورية، لن تسمح لأي فصيل بالتحرك، عندما تقرر الهجوم للقضاء على “البلعوس”، الذي يشكّل خطراً حقيقياً على طرق التهريب، التي يعتمدها #حزب_الله والحجاج الإيرانيون في الجنوب، ولهذا سوف تشهد السويداء عمليات أمنية سريعة ومحدودة، لتثبيت نقاط عسكرية، وحواجز أمنية، لمنع المطلوبين من التجمّع لدعم “البلعوس”».

الأجواء العامة في “السويداء” توحي أن المحافظة تعيش حالة من الهدوء والأمان، خاصة بعد إلقاء القبض على عصابات صغيرة، متخصصة بسرقة أكبال النحاس، وعدد من سارقي السيارات، وتم تزيين الشوارع بصور الرئيس السوري بشار الأسد، وكأن المنطقة عادت لما قبل العام 2011، ولا شيء تغيّر. إلا أن «الليل يفضح هذا الأمان المزيف، فعدد القتلى، حتى السابع عشر من كانون الثاني/يناير الحالي، وصل إلى سبعة أشخاص، بحوادث متفرقة. وسرقات السيارات تتم كل يوم، وتجارة المخدرات، على أنواعها، تستمر بشكل علني، فضلاً عن الميلشيات، التي تتشكّل دوماً برعاية روسية أو إيرانية»، بحسب ناشط محلي، رفض الكشف عن اسمه.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة