هناك اتفاق، لدى خبراء الأمن والاستراتيجية، على أن #إسرائيل لا ترى في نفسها إلا قلعة محاصرة في محيط ٍعدائي، ولذلك فهي حساسة جداً تجاه أي نوعٍ من أنواع التهديد، مهما كان مصدره؛ وعلى أن الولايات المتحدة الأمريكية أكبر محدد وكابح في سياسة إسرائيل الخارجية.

وبناءً عليه يمكن مقاربة وفهم سلسلة العمليات العسكرية الإسرائيلية، ضد أهداف منتقاه بعناية في العمق السوري، في الآونة الأخيرة.  فقد أعلن الجيش الإسرائيلي، في تقرير خاص، عن تنفيذه خمسين عملية عسكرية في سوريا عام 2020، ما بين غارات وضربات صاروخية، وارتفعت الوتيرة، مطلع العام الحالي، إلى ثلاث غارات كل عشرة أيام، وآخرها في #دير_الزور، بحسب الصحافة الإسرائيلية، ويبدو أن الأهداف كانت مواقع انتشار الميلشيات الإيرانية، ومستودعات عسكرية، لها علاقة بمخزون مواد، كان يمكن أن تستخدم في المشروع النووي الإيراني.

 

دوافع العمليات العسكرية الإسرائيلية

«يشكّل التواجد العسكري الإيراني في سوريا أحد أبرز مهددات الأمن القومي الإسرائيلي»، بحسب تعليق “عمر الرداد”، خبير الأمن الاستراتيجي، ومدير عام “مؤسسة الطريق الثالث للاستشارات الاستراتيجية”، في العاصمة الأردنية #عمان.

ويضيف في حديثه لموقع «الحل نت»: «تؤكد على هذا المستويات الأمنية والعسكرية في إسرائيل، عبر تقاريرها الدورية، السنوية والنصف سنوية، خاصة وأن التواجد الإيراني في سوريا اتخذ أشكالاً عديدة، من بينها تشكيل ميلشيات ذات طابع مذهبي، مثل ألوية “زينبيون” و”فاطميون”، التي تضمّ عناصر شيعية من أصولٍ أفغانية وباكستانية، إضافة لقطاعات من فصائل #الحشد_الشعبي العراقي، ومن #الحرس_الثوري الإيراني. إلا أن التطور النوعي الأهم، الذي تتابعه إسرائيل، وتخشى منه، هو نقل أسلحة إيرانية، ومعدات تصنيع الصواريخ والطائرات المسيّرة، من #ايران إلى سوريا وحليفها #حزب_الله اللبناني».

ويبدو أن معظم الخبراء في الشأن الإسرائيلي يميلون الى ترجيح قيام إسرائيل بالرد على النشاط الإيراني من خلال الضربات الاستباقية، وبهذا الشأن يرى “د.وليد عبد الحي”، أستاذ العلاقات الدولية والدراسات المستقبلية في جامعة “اليرموك” في #الأردن، أن «السياسة الخارجية  الإسرائيلية تقوم على فكرة محددة، هي إجهاض أي مصدر تهديد أمني لها». لكن “عبد الحي” يتساءل: «لماذا تضرب إسرائيل حالياً حزب الله في سوريا، ولا تضربه مباشرة في #لبنان، مع أنه نفس الحزب ولديه نفس القدرة على التهديد، ورغم أن لبنان هو قاعدة الحزب وليس سوريا؟»، وفي الوقت نفسه  يستبعد “عبدالحي” «وجود منشآت نووية إيرانية في سوريا، فالتعاون الكوري الشمالي مع ايران، في الجانب النووي، هو الأكثر احتمالاً، ولا علاقة له بالتحالفات الإيرانية في سوريا».

في المقابل يرى الكاتب والصحفي الأردني “منصور المُعلاّ” أنّه «يمكن رصد حالة من التقاطع والتباين، بين الأطراف الرئيسية في الصراع على الأرض السورية، فمن جهة تقف الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل في خندق واحد، رافض للوجود الإيراني في سوريا، إلا أنّ الرفض الأميركي لا يبدو صلباً للغاية، لأن الوجود الإيراني يزاحم الوجود الروسي، وهذا ما كان واضحاً من خلال إغفال الأميركيين الإشارة للتواجد الإيراني في سوريا في الاتفاق النووي، أو المطالبة بخفضه، إضافة إلى أنّ هذا التواجد يُسهم، من جهة أخرى، في مراكمة وزيادة الأعباء على ايران داخلياً، وسط أزمة اقتصادية خانقة».

 

احتمالية تصاعد الصراع

هناك شبة إجماع لدى الخبراء في الشؤون الإسرائيلية والإيرانية بأن «المواجهة الواسعة بين الطرفين مستبعدة، على المدى القصير والمتوسط، لكثير من الاعتبارات الجيوسياسية، خاصة بوجود إدارة  الديمقراطيين الحالية في أمريكا».

وفي هذا السياق يرى “د.وليد عبد الحي” أنه «مع الإدارة الأمريكية الجديدة، وهي إدارة ذات توجهات أقل عسكرية، ويعطي فريقها السياسي الجديد الأولوية لشرق أسيا على الشرق الأوسط،، فإن دعم نزعات عدائية إسرائيلية تجاه إيران سيكون أقل. والرد الإيراني على إسرائيل سيكون بطرق جديدة، وفي أماكن وظروف غير معهودة، وبقدر كبير من الغموض والالتباس».

فيما يُقللُ “عمر الرداد” من احتمالات الاشتباك الإسرائيلي-الإيراني مستقبلاً: «إنّ احتمالات تطورات الصراع الإيراني الإسرائيلي على الساحة السورية، باتجاه وقوع اشتباكات واسعة بين الجانبين، تبدو ضعيفة في المدى المنظور، لإدراك الطرفين خطورة ذلك، خاصة وأن ايران لا تمتلك القدرة على ردع إسرائيل عسكرياً، كما أن سياقات التغيير في الإدارة الأمريكية، بعد مغادرة ترامب البيت الأبيض، ستحدُّ من قدرة إسرائيل، في ظل تحولات قادمة، يُتوقع أن تشهدها المنطقة، عنوانها تسويات كبرى مع إيران في سوريا والعراق، وستمتد لتصل للقضية الفلسطينية، وهو ما تعبّر عنه تحركات، عنوانها الاستعداد للتغير، الذي تنشده القيادة الأميركية الجديدة».

 

آفاق النشاط الإسرائيلي في سوريا

واذا كانت المواجهة المباشرة مستبعدة، فما الذي تبغيه إسرائيل فعلاً من نشاطها العسكري في سوريا؟
بالنسبة لـ”منصور المُعلاّ” فإن إسرائيل «تدرك أن الوجود الإيراني لا يشكل تهديداً حقيقياً لأمنها، إلا أنها تستخدمه ذريعة بهدف اقتناص دور أو حضور ما في مستقبل سوريا، ما بعد التسوية الإيرانية الأميركية، بهدف إنهاء حالة اللاحرب واللاسلم مع سوريا».

وفي ظلِ هذه الأوضاع يمكن طرح السؤال التالي: هل يمكن أن تستعين إسرائيل بأدوات أخرى لتحجيم النفوذ الإيراني، من قبيل تجنيد مجموعات مسلحة سورية، أو التقرّب من الأهالي في #درعا والقنيطرة مثلاً؟

يجيب “الرداد” بالقول: «استعانة إسرائيل بمجموعات عسكرية محلية في سوريا، وتقديم الدعم لها، سيكون احتمالاً مرجحاً، في اطار تعزيز جهودها الأمنية بمواجهة إيران، ودون أن يعني ذلك التوقف عن القيام بعمليات نوعية، لا يتم الإعلان عنها أو الاعتراف بها من قبل إسرائيل، وخاصة في حال واصلت إيران تزويد حلفائها في سوريا ولبنان بالأسلحة والصواريخ».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة