زيارة “آكار” لبغداد وإربيل: هل يدفع تخوّف أنقرة من إدارة بايدن إلى بناء تحالفات إقليمية جديدة ضد “العمال الكردستاني”

زيارة “آكار” لبغداد وإربيل: هل يدفع تخوّف أنقرة من إدارة بايدن إلى بناء تحالفات إقليمية جديدة  ضد “العمال الكردستاني”

شهدت المنطقة مؤخراً تحركات تركية قوية، يقودها “خلوصي آكار”، وزير الدفاع التركي، والرجل القوي فى النظام التركي الحالي، والمقرّب بشكل شخصي لرئيسه رجب طيب #أردوغان.

فبعد أقل من شهر من زيارته إلى #ليبيا، وصل “آكار”، برفقة وفد رفيع المستوى، إلى العراق، فى زيارة لم يُعلن عنها سابقاً، شملت العاصمة العراقية #بغداد، إلى جانب #إربيل، عاصمة #إقليم_كردستان.

تأتي زيارة وزير الدفاع التركي بعد أشهر قليلة من إلغاء وزارة الخارجية العراقية زيارة سابقة له، بعد مهاجمة #تركيا لحرس الحدود العراقي، في شهر آب/أغسطس الماضي، وهو الهجوم الذي اعتبرته بغداد، آنذاك، خرقاً لسيادتها وحرمة أراضيها.

وترتبط زيارة “آكار” لبغداد وأربيل بتغيرات مرتقبة، قد تشهدها المنطقة، مع تولي الرئيس الأميركي جو بايدن مقاليد الحكم، وسط مخاوف تركية من ضغوط، قد يمارسها البيت الأبيض، تجاه #أنقرة، وهو ما تحاول تركيا استباقه بتعزيز تحالفاتها الإقليمية.

ويرى مراقبون أن زيارة الوفد العسكري التركي قد تدلّ على رغبة أنقرة فى استنساخ تجربتها السورية فى العراق، بدعوى محاربة “الإرهاب”، وهو ما ركز عليه “آكار”، في تصريحات أكد فيها على أن هدف أنقرة هو «دحر #حزب_العمال_الكردستاني، والعيش مع جيرانها بأمان»، داعياً إلى «تعزيز التعاون بين تركيا والعراق بهذا الخصوص».

وبحسب الخبراء فإن تركيا تخطط إلى رفع مستوى التعاون مع بغداد وأربيل، لمرحلة تنفيذ عملية عسكرية مشتركة ضد حزب العمال الكردستاني، الذى يسيطر على مناطق جبلية شمالي العراق. بل ربما يكون هدف أنقرة تعزيز الوجود العسكري التركي فى عموم العراق، بما يضمن وجوداً تركياً دائماً، أسوة بالوضع فى سوريا.

وكانت صحيفة “لو فيغارو” الفرنسية قد حذّرت، فى وقت سابق، من أن أردوغان «بات يتطلع  نحو العراق، إذ لم يعد هناك ما يوقفه. كما أن تكثيف العمليات العسكرية التركية في العراق بقوة، في العام الماضي، يوحي بعملية أكبر في الأشهر المقبلة، واحتلال أراضٍ عراقية، وإقامة قواعد عسكرية تركية دائمة فيها، بحجة تطهير المنطقة الحدودية، بين تركيا والعراق، من أي وجود لمقاتلي حزب العمال الكردستاني، الذي تصنّفه أنقرة إرهابياً».

 

عزل التنظيمات الكردية

“د.خالد يايموت”، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة “الملك محمد الخامس”، في العاصمة المغربية الرباط، يركز، في حديثه لموقع «الحل نت»، على محاولات تركيا «تجذير التناقضات القائمة بين حكومة أربيل والتنظيمات الكردية، التي تصنّفها أنقرة فى قائمة التنظيمات الإرهابية»، مشيراً إلى أن السياسة التركية «حققت نجاحاً في إبعاد القوى الكردية، المعادية للأتراك، عن كُرد العراق الآخرين، الذين تربطهم علاقات اقتصادية قوية بأنقرة».

وأضاف “يايموت” أن «زيارة وزير الدفاع التركي لبغداد وإربيل تأتي في سياق سياسة تركية متجددة، لتمتين التحالفات مع أطراف معينة، داخل السلطة المحلية في إربيل، والسلطة المركزية في بغداد»، لافتاً إلى أن «التحرك الديبلوماسي التركي يصاحبه على الأرض مساعدات عسكرية واقتصادية تركية لإربيل وبغداد، وهي تُقدم لأغراض مختلفة، على رأسها عزل التنظيمات الكردية، المُشار إليها، عن محيطها المحلي».

وأشار الخبير المغربي إلى أن «نجاح السياسة التركية فى عزل التنظيمات الكردية المعادية لأنقرة، سيعني أن #قوات_سوريا_الديمقراطية “قسد”، وبعض التنظيمات المشابهة لها، ستتعرض، على المدى المنظور، لتفكيك دولي، يعيد بناء هيكل جديد للتنظيمات الكردية، يراعي التحولات العميقة، التي سيشهدها الوضع السوري والعراقي».

 

تحالف عسكري

ويرسم “يايموت” صورة دولية أوسع أوسع للمساعي التركية: «الرسالة، التى حملها “آكار”، تتلخص فى أن الوضع، الذي أفرزه تمدد تنظيم #داعش، وكرّسه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، ليس في صالح أنقرة ولا إربيل ولا بغداد،.وبما أن هناك وضعاً جديداً، فعلى الأطراف المركزية في المنطقة تعديل السياسة القديمة، واللجوء لأسلوب المبادرة الميداني، ما سيعزز من دور إقليم كردستان والعراق وتركيا في إنضاج حل دولي، يراعي مصالح الأطراف الثلاثة. بمعنى أن التصور التركي يريد الارتقاء بالتحالف مع إربيل وبغداد، من درجة التنسيق والتعاون الأمني والعسكري، إلى القيام بعمليات عسكرية ميدانية مشتركة، ضد التنظيمات، التي تصفها تركيا بالإرهابية، على أن تكون هذه العمليات العسكرية داخل التراب العراقي».

واعتبر أستاذ العلاقات الدولية أن «زيارة وزير الدفاع التركي، من الناحية النظرية، حققت كثيراً مما تريده أنقرة، في المجالين الأمني والعسكري»، معبّراً عن ذلك بالقول: «لن ننتظر كثيراً لمعرفة طبيعة التنسيق العسكري التركي- العراقي على الحدود، لمواجهة التنظيمات الموصوفة بالإرهاب، فذلك التنسيق في طريقه للتحقق قريباً».

 

مواجهات كردية كردية

وعن احتمالية حدوث مواجهات عسكرية كردية- كردية داخل العراق، توقع الخبير المغربي أن «تتوسع مساحة المعارك التركية-الكردية الاعتيادية داخل العراق، في المرحلة الاولى»، لافتاً إلى إن «المواجهة الكردية-الكردية قد تحدث إذا استعمل الجيش التركي نفس التكتيك العسكري، الذي انتهجه داخل التراب السوري، وهو أمر متوقع بشكل كبير، خاصة إذا نجح الجانب التركي في إجراء مساومات مع إدارة بايدن الجديدة».

إلا أن “مصطفى جمعة”، عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني بسوريا، استبعد حدوث مواجهات عسكرية بين الحزب الديمقراطي، وقوات #البشمركه التابعة لإقليم كردستان من جهة؛ وعناصر حزب العمال الكردستاني من جهة أخرى.

وقال “جمعة”، فى تصريحاته لموقع «الحل نت»، إن «البيشمركه لن تدخل في أية مواجهة مع حزب العمال، ولن ترضخ قيادة الإقليم للضغوطات التركية».

وأكد القيادي في #الحزب_الديمقراطي_الكردستاني أن «زيارة وزير الدفاع التركي لها علاقة غير مباشرة بمجيء الإدارة الأميركية الجديدة، وتخوّف تركيا من الكيفية التي ستتعامل بها مع الوضع الكردي»، مشيراً إلى أن «تركيا، في عهد ترامب، احتلت #عفرين ورأس العين وتل أبيض، أما في عهد بايدن فلن تكون حرة كما كانت في السابق، وربما جاءت الزيارة فى سياق استطلاع رأي القيادة الكردية في الإقليم، حول كثير من الملفات العالقة بين الطرفين، وملف حزب العمال أحدها بالتأكيد، وربما تكون هناك محاولة لإعادة العملية السياسية بين أنقرة وإربيل أيضاً». مشدداً فى نهاية حديثه على أنه «لن يحدث، في كافة الأحوال، اقتتال كردي- كردي».

 

ارتباك تركي

من جانبه يرى الكاتب الصحفي العراقي “فائق يزيدي” أن «زيارة وزير الدفاع التركي، إلى العراق واقليم كردستان، جزء من تحركات أنقرة، وحكومتها المرتبكة، بسبب مجيء الرئيس الديمقراطي جو بايدن إلى البيت الأبيض».

وقال “يزيدي” لـ«الحل نت» إن «قيام تركيا باحتلال بعض المناطق العراقية عسكرياً يجعل الجانب التركي فاقداً للمصداقية، وأي تحرك تركي تجاه العراق سيقابل بعدم ثقة من بغداد، لأن الوجود العسكري التركي  في اقليم كردستان، المتمثل فى ست وثلاثين قاعدة للجيش التركي، بمدن أربيل ودهوك، يعتبر خرقاً لسيادة العراق، وهو ما لا تعترف به تركيا، التي تعتقد أن علاقاتها مع أحد الأحزاب الكردية، يعطيها الحق في احتلال كردستان والعراق»، حسب تعبيره.

ودعا الكاتب العراقي حكومة بغداد لـ«عدم الإستعجال في التقارب مع تركيا، التى تعاني من عدة أزمات داخلية، سواء على المستوي السياسي أو الإقتصادي، وتسعي لتصدير هذه الأزمات»، معتبراً أن «صراع أنقرة مع حزب العمال الكردستاني يمثل أزمة داخلية تركية، تحتاج إلى معالجة في ديار بكر وأنقرة، وليس في بغداد وشنكال».

وشدد “يزيدي” على أن «تصورات الحكومة التركية خاطئة، إن كانت تعتقد أنها قادرة على الوقوف بوجه بايدن، عبر تعزيز التحالفات الإقليمية، لأن العراق بالأساس شريك استراتيجي للولايات المتحدة، كما إن #إيران أيضا تنتظرها فترة هدوء مع #واشنطن، وقد يعاد إحياء الاتفاق النووي، وهو ما يعني أن أردوغان سيبقى، بكل الأحوال، وحيدا في مواجهة بايدن».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة