“الهول” و”غويران” خارج السيطرة: هل باتت السجون والمخيمات في مناطق الإدارة الذاتية الموطن الأخير لـ”دولة” داعش؟

“الهول” و”غويران” خارج السيطرة: هل باتت السجون والمخيمات في مناطق الإدارة الذاتية الموطن الأخير لـ”دولة” داعش؟

اعتبر كثيرون أن مشروع تنظيم #داعش، بإقامة “دولة الخلافة”، انتهى بعد هزيمة التنظيم، في معقله الأخير ببلدة #الباغوز، شرقي محافظة #دير_الزور، لكن يبدو أن من تبقى من عناصر التنظيم وزوجاتهم، المحتجزين في مخيمات وسجون #الإدارة_الذاتية، مازالوا متمسكين بحلمهم بإقامة “الدولة”.

قسم “المهاجرات” في #مخيم_الهول، الواقع على بُعد خمسة وأربعين كيلومتراً من مدينة #الحسكة، والذي يضم 8965 شخصاً، موزعين على 2625 عائلة، يشهد حالياً مؤشرات أمنية واجتماعية مقلقة، فقد «بات أِشبه بدولة داعشية صغيرة»، بحسب “روجهات علي”، الإداري العام لمخيمات منطقة الجزيرة في شمال وشرق سوريا، والذي يضيف في تصريحاته لموقع «الحل نت»: «تعمل نساء المقاتلين الداعشيين على زيادة عدد أطفالهنْ، وتنشئتهم كقنابل موقوتة».

ورغم أن عملية نقل نساء مقاتلي داعش إلى مخيم الهول تمت بعد القضاء على التنظيم، في الرابع والعشرين من كانون الأول/ديسمبر عام 2018، أي قبل حوالي خمسة وعشرين شهراً، إلا أنه يوجد في المخيم أطفال لا تتجاوز أعمارهم العام الواحد، فمن أين أتت النساء الوحيدات بهؤلاء الأطفال؟

 

“نعيد تأسيس خلافتنا”

حاول موقع «الحل نت» الحصول على إجابة هذا السؤال من إحدى النساء في المخيم، المحتضنة لطفلٍ لا يتجاوز عمره عاماً واحداً، وهي تتجول وسط بسطات الخضار والمواد الغذائية، ضمن قسم “المهاجرات”، فكان جوابها أن «هذا الطفل ابني، وهو هبة من الله، فالله لا ينسى أحداً في الشدائد».

«جئنا إلى هذا المخيم لأن “البغدادي” أمرنا بذلك»، تقولها المرأة العراقية، التي ترتدي، مثل جميع نساء مخيم الهول، نقاباً أسود، يكشف فقط عن عينيها، وحسبما فهمنا من كلامها فإن «عائلتها في العراق، ولم ترها منذ ثلاث سنوات»، إلا أنها لا تبدو مستعجلة للعودة إلى منزل عائلتها، ورغبتها الوحيدة تتمثل بالرجوع مع أطفالها الثلاثة «إلى منطقة الخلافة» المزعومة، للاستقرار هناك، مؤكدةً: «نحن هنا لنعيد تأسيس خلافتنا، ولن ينال أحد من وجودنا، مهما مر الزمن».

 

“تجبرن قاصرين على الزواج منهنْ”

وكشف مكتب العلاقات العامة، في مخيم الهول، عن شكاوى يقدمها أطفال قُصّر، تتراوح أعمارهم بين خمسة عشر وسبعة عشر عاماً، لمكتب شؤون المرأة، المعني بمتابعة وضع النساء في قسم “المهاجرات”، مطالبين يإخراجهم إلى أقسام أخرى، والسبب، بحسب اطلاع “روجهات علي” على تلك الشكاوى، هو أن «زوجات عناصر داعش يرغمنهم على الزواج بهنْ، من أجل زيادة عدد الأطفال في المخيم».

«إنه مخطط ينفذ بدقة» يقولها “علي”، المتابع، بحكم عمله، لأحوال المخيم، ويضيف: «ما يشهده “الهول” اليوم من عمليات شغب مستمرة، ورفع أعلام داعش، مؤشرات على أن عملية تسليم نساء داعش أنفسهن لقوات سوريا الديمقراطية، لم تكن تعني الهزيمة بالنسبة لهن، إنما هو مخطط  يهدف إلى تأسيس مجتمع جديد، حاضن للتنظيم، وإعداد أجيال داعشية جديدة. فزوجات الأمراء في التنظيم ينصّبن أنفسهن أولياء على بقية النسوة، ويجبرهن على اتباع نمط الحياة القديم، قبل سقوط التنظيم، وعدم تغير معتقداتهن المتطرفة، ويتطابق النظام الذي تتبعه النساء في المخيم، مع نظام مماثل في السجون، بسود بين مقاتلي التنظيم الذكور، المحتجزين لدى قوات سوريا الديمقراطية».

ووفق معلومات خاصة لموقع «الحل نت»، من مصادر أمنية مطلعة على وضع السجون، «ينظّم مقاتلو “داعش” أنفسهم ضمن السجن، وفق تسلسل تراتبي، وتوزيع للمهام، وهو ما يُشير إلى أن خطر الفكر الداعشي لايزال قائماً. ويشرف منْ يصفون أنفسهم بـ”القادة” على تشكيل لجان تدريبية وطبية وعسكرية وغيرها، داخل المهاجع».

 

مخيم “الموت” دون حماية

من الناحية الأمنية يعاني مخيم الهول رخاوة عامة في ضبط الأمن، وما استغربناه، خلال زيارتنا للمخيم، خلو محيطه من كاميرات المراقبة أو الأضواء الكاشفة.

ويشهد المخيم، وبالأخص قسم “المهاجرات”، حالات قتل متكررة، وبحسب المعلومات، التي حصل عليها موقع «الحل نت» من سجلات المخيم، «قُتل واحدٌ وعشرون شخصاً، وجُرح خمسة آخرون، خلال عام 2019، فيما عثرت قوى الأمن الداخلي، التابعة للإدارة الذاتية، من خلال اتباع آثار بعض الجرائم المرتكبة، على جثث مقطّعة، مخفية داخل مجاري الصرف الصحي. في حين وصل عدد حالات القتل، خلال عام 2020، إلى واحدة وأربعين حالة، وكان رئيس مجلس قسم النازحين العراقيين ضمن القتلى. وخلال الستة عشر يوماً الأولى من العام الحالي، قُتل أربعة عشر شخصاً، من بينهم “أحمد شمر”، رئيس مجلس قسم السوريين في المخيم، ونجله».

“روجهات علي” يعلّق على هذا بالقول: «لا وجود للكاميرات، أو الإضاءة القوية، للكشف عن الجرائم وحالات الهروب، وحتى الأسلاك الحديدية، التي شيدتها بعض المنظمات الإنسانية، لمنع دخول الحيوانات المفترسة، تم اقتلاعها، وبالتالي يمكن الخروج والدخول إلى المخيم بسهولة».

ويُشير الإداري في المخيمات إلى أن «المنظمات الدولية والإنسانية، وبالأخص #الأمم_المتحدة، تمنع قوات الأمن من إقامة مفارز لها داخل المخيم، باعتباره مخيماً للمدنيين، ويقتصر الوجود الأمني على حواجز خارج المخيم»، ويتابع: «نحن نحترم قوانين هذه المنظمات، لكن عوائل التنظيم تستغلّ الفراغ الأمني، فخلال شهرٍ واحد، من العام الماضي، تم ضبط قرابة حوالي 1050 محاولة للفرار».

 

 جمعيات خيرية تركية تدعم محاولات الفرار

وكانت قوات مكافحة الإرهاب، التابعة لقوات سوريا الديمقراطية، قد القت القبض على عدد من الفارين والمهربين في مدينة #منبج، قبل مدة، وأكد “علي” هذه المعلومات، مبيّناً أن «وجهة الفارين كانت جرابلس، ثم #تركيا، كما ثبت تورّط عدد من عناصر الأجهزة الأمنية في شمال سوريا بهذه القضية».

ويتقاضى المهربون مبالغ مالية كبيرة، تصل لثلاثين ألف دولار أمريكي، لقاء تهريب عوائل التنظيم، ولكن كيف تصل هذه الأموال إلى نساء داعش؟

يجيب “علي” عن هذا السؤال بالقول: «تتبعنا سير بعض الحوالات المالية، التي تصل لنساء المخيم، والغالبية العظمى منها ترسل من بعض الجمعيات الخيرية الإسلامية في تركيا، التي تجمع التبرعات لأسر داعش، بشكل خاص، وتمولهما».

وتأكيداً لهذا الكلام كشف مصدر أمني، لموقع «الحل نت»، رفض نشر اسمه، عن «تلقي إحدى النساء في المخيم مبلغاً قدره أربعين ألف دولار، خلال شهرٍ واحد».

 

عناصر داعش يطالبون بتسليمهم إلى الانتربول

بالمقابل يقبع اثني عشر ألف مقاتل، من عناصر التنظيم، في سجون #قوات_سوريا_الديمقراطية، ويضم #سجن_غويران في الحسكة، وحده، قرابة سبعة آلاف عنصر، ينتمون إلى سبعين دولة أجنبية، وهم «الفئة الأخطر على الإطلاق» على حد تعبير قاضية، مختصة بقضايا الإرهاب في محكمة “الدفاع عن الشعب”.

ويشهد السجن، بشكل متواصل، عمليات شغب واستعصاء، في مساعٍ من عناصر داعش لتحقيق مطالبهم، والتي تتلخص، بحسب القاضية، التي رفضت نشر اسمها، بـ«تسليمهم إلى الشرطة الدولية “الانتربول”، أو تسليمهم لعوائلهم وإرجاعهم إلى بلدنهم، أو إجراء محاكمات مستعجلة بحقهم».

وتعلّق القاضية على هذه المطالب بالقول: «تقوم “محكمة الدفاع عن الشعب” ببحث ودراسة ملفات عناصر داعش السورين، لمحاكمتهم، أو إيجاد حلول محلية لتسوية أوضاعهم، إلا أن مسألة محاكمة عناصر التنظيم من الجنسيات الأجنبية، والبالغ عددهم سبعة آلاف عنصر، لا تزال عالقة، لأن المحكمة معنية بمقاضاة الإرهابيين السوريين فقط، والذين وصل عددهم إلى 1880 عنصراً، وقد وجّهت اللجنة القانونية في المحكمة، وكذلك الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، مراراً، نداءً إلى المجتمع الدولي، مطالبةً بإنشاء محكمة دولية، خاصة بالعناصر الأجانب لتنظيم “داعش”، أو قيام الدول المعنية باستلام مواطنيها، المعتقلين في مناطق الإدارة الذاتية، ولكننا لم نتلق أي رد حتى الآن».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.