بعدَ هدوءٍ ساد العاصمة العراقية #بغداد، منذُ قرابة ثلاث سنوات، على إثر إعلان #الحكومة_العراقية تحرير كامل المدن من سيطرة تنظيم #داعش، وتحقيق النصر على التنظيم المتطرف، عاد مشهد التفجيرات الدموية والأحزمة الناسفة ليهز قلب العاصمة، فوقع تفجيران انتحاريّان، استهدافا أحد أبرز الأسواق الشعبية، في “ساحة الطيران” بمنطقة “الباب الشرقي” في بغداد، أدّيا لسقوط عشرات من القتلى والجرحى في صفوف المدنيين.

مشهدُ التفجيرات أعاد للعراقيين الذكريات المأساوية، التي عاشوها في الأعوام الماضية، في وقتٍ تشهد فيه البلاد أزمات اقتصادية وسياسية، واشتداد الصراع بين الولايات المُتَّحدة الأميركية والميلشيات الموالية لإيران.

 

مدنٌ مستهدفةٌ

«تنظيم داعش استطاع إيصال رسالة، من قلب العاصمة العراقية، مفادها أنَّه موجودٌ على الساحة، واستعاد قوته، من خلال مجموعةٍ كبيرةٍ من المقاتلين، الذين ينتمون للجيل الرابع من التنظيم المتطرف»، بحسب ما قاله “هاوكار الجاف”، الخبير في شؤون الجماعات المتشددة، لموقع «الحل نت».

وبحسب مجموعةٍ من المختصين فإنَّ «تنظيم داعش بات يمتلكُ مجموعةً كبيرةً من المقاتلين، ممن يعرفون بـ”الجيل الجديد” أو “الجيل الرابع”، وغالبيتهم من أبناء المختطفين والمغيبين من المحافظات المحررة، ذات الأغلبية السنية، التي تعاني من سيطرة الميلشيات الشيعية، الموالية لإيران» .

وفي عام 2014، وأثناء العمليات العسكرية، لتحرير المحافظات من سيطرة تنظيم داعش، أقدمتْ مجموعةٌ من الفصائل المسلحة والميلشيات على اختطاف آلاف المواطنين، في مناطق #الأنبار ونينوى وصلاح الدين، وما يزال مصيرهم مجهولاً حتى الآن.

وبالعودة لـ”الجاف” فإنه «بعد تفجيرات “ساحة الطيران” في العاصمة بغداد، ربما ستكون محافظتا #كركوك ونينوى المناطق المستهدفة من قبل تنظيم داعش».

وأضاف أنَّهُ «في ظلِّ غياب الجُهد الاستخباري، وانشغال الأجهزةِ الأمنيةِ بمواضيعَ مختلفة، سياسية وأمنية، استطاع داعش تكوين ملاذاتٍ آمنةٍ، في مناطق “حمرين” و”الحويجة” و”قراجوغ”، شرقي مدينة الموصل».

ويؤكد أنَّ «محافظتي كركوك ونينوى ستكونان من  أكثر المحافظات عُرضةً لهجمات التنظيم المتطرف، لأن داعش استطاع اختراق الأجهزة الأمنية في المحافظتين، مستغلاً عدة عوامل، يسعى من خلالها لتحقيق ضربةٍ أمنيةٍ كبيرةٍ، تخدمه إعلامياً وأمنياً».

 

تفعيلُ الاتفاقاتِ الأمنيةِ

وعلى إثر تفجيرات “ساحة الطيران” أعلن رئيس الحكومة العراقية مصطفى #الكاظمي عن اتخاذ سلسلة من الإجراءات والقرارات المختلفة، من بينها إعفاء مجموعة من القيادات الأمنية، وتحميلها مسؤولية الخرق الأمني الأخير.

وأبرز القادة الذين تم إعفاؤهم “أبو علي البصري”، قائد “خلية الصقور” الاستخباراتية، و”جعفر البطاط”، قائد الشرطة الاتحادية، و”قيس المحمداوي” قائد عمليات بغداد.

ويرى الكاتب والمحلل السياسي “أحمد الخضر” أنَّ «قرارات الكاظمي جاءتْ متأخرةً جداً، وهي تعبّر عن فشل الحكومة العراقية في قراءة المشهد الأمني، قبل وقوع تفجيرات “ساحة الطيران”».

مبينّاً، في حديثه لموقع «الحل نت»، أنَّ «عديداً من القيادات الأمنية فشلتْ في إدارة المسؤوليات المناطة بها. فيما يمكن اعتبار التعيينات الجديدة، التي أعلن عنها الكاظمي، بدلاً عن المقالين، عبارةً عن عملية تدوير وترقيع، لا فائدةَ منه، لأنَّ  الاختيار يجب أنْ يقع على شخصيات مهنية، وعدم تدخل الكتل والأحزاب السياسية في القرار الأمني»، حسب تعبيره.

وبالرغم من أنَّ رئيس الحكومة العراقية الحالية لديه خلفية أمنية، فقدْ شغل منصب رئيس جهاز المخابرات، قبل ترشّحه لرئاسة الوزراء في العراق، فضلاً عن أنَّ وزيري الدفاع والداخلية، ورئيس جهاز الأمن الوطني، جميعهم من الضباط والقيادات العسكرية، إلا أن “الخضر” يؤكد أنَّ «الحكومة العراقية الحالية فشلتْ في الجانب الأمني فشلاً ذريعاً، ولذلك عليها تفعيل الاتفاقيات الأمنية مع دول الجوار، وأيضاً الاستفادة من الخبرات الأميركية في الجانب الأمني، لما تمتلكه الولايات المتحدة من خبرة تقنية واستخباراتية كبيرة في هذا المجال، خاصةً والعراق لديه اتفاقيةُ تعاونٍ طويلةٍ الأمد مع الأميركيين، لحماية البلد من أي خطر خارجي».

ورغم وجود اتفاقية أمنية بين العراق والولايات المتحدة، لحماية البلد من المخاطر المتعددة، إلا أن القوَّات الأميركية المتواجدة في القواعد العسكرية المختلفة، بدأتْ، قبل أشهر، بتقليص أعدادها، وتسليم تلك القواعد للجيش العراقي، بسبب الاستهداف المتكرر لسفارتها وقوَّاتها، من قبل الفصائل المسلحة الموالية لإيران.

 

دعوةٌ كُرديةٌ

“هدايت طاهر”، القيادي في #الاتحاد_الوطني_الكردستاني، كشف لموقع «الحل نت» أنّ «وزارة #البيشمركه، التابعة لحكومة #إقليم_كردستان العراق، قدمتْ تقاريرَ عديدةً للحكومة العراقية والأجهزة الأمنية، عن تحركات تنظيم داعش، في المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل».

لافتاً إلى أنَّ «الفراغ الأمني الموجود في تلك المناطق، نتيجة عدم الاتفاق السياسي، لإعادة قوات البيشمركه، ونشرها بشكل مشترك مع الجيش العراقي، مكّن تنظيم داعش من إنشاء مناطق آمنة، يتجول فيها بكلِّ سهولةٍ».

وعن كيفية إيجاد الحلول، بعد عودة تنظيم داعش، وتنفيذهِ هجمات دموية في بغداد، يدعو القيادي الكُردي إلى «ضرورة الابتعاد عن الصراع السياسي، وعقد اتفاق سريع مع حكومة إقليم كردستان، لإعادة قوات البيشمركه، وتفعيل غرف العمليات المشتركة، في المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل، للتصدي لتحركات التنظيم المتطرف».

وفي السادس عشر من تشرين الأول/أكتوبر عام 2017، انسحبتْ قوَّات البيشمركه الكردية من مدينة كركوك، وباقي المناطق المتنازع عليها، على إثر تقدم القوات العراقية، وفرض سيطرتها على تلك المناطق.

وبحسب المادة 140 من #الدستور_العراقي فإنَّ المناطق الممتدة من “مندلي” في محافظة #ديالى، إلى #سنجار في محافظة #نينوى، تعد مناطق متنازعاً عليها بين بغداد وأربيل، كونها مناطق متعددة المكونات، على أنْ يعالج وضعها وفقاً لاستفتاء شعبي، لم يجرِ حتى الآن.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.