«لو كنت في فرنسا، كنت سأذهب إلى المدرسة، وتعلّمت الكثير من الأشياء، أريد فقط المغادرة، فأنا لم أرغب في القدوم إلى سوريا». كانت تلك آخر ما قاله الطفل “أسد” خلال لقاءٍ أجرته معه (قناة فرانس2) في مركز إعادة تأهيل أطفال #داعش يديره الأكراد شمال شرقي سوريا.

فحكاية “أسد” لا تختلف عن حكايات العديد من أطفال الجهاديين الأوروبيين، ممن أُجبِروا في معظمهم للقدوم إلى سوريا مع آبائهم الجهاديين والعيش في كنف التنظيم.

فقد غادر الطفل عام 2015، وهو في التاسعة من عمره، من إقليم “ايسون” الفرنسي، بعد أن اصطحبه والده الجهادي معه إلى سوريا. واليوم، يجد “أسد” ذو 15 عاماً نفسه محتجزاً في مركزٍ شمال شرقي سوريا منذ ثلاث سنوات.

ففي ذات يوم من عام 2015، أعلمه والده، وهو لاجئ شيشاني في فرنسا منذ عام 2008، أنهم ذاهبون في إجازة إلى تركيا مع أخويه الأكبر منه سناً. ووجد أسد، نفسه في سوريا، وتحديداً في #الرقة عاصمة تنظيم داعش.

وبذلك، عاش “أسد” في الرقة لمدة ثلاث سنوات، حتى قُتِل والده وإخوته في غارةٍ جوية، وبناءً على نصيحة النساء المحليات، قرر الصبي الصغير الاستسلام للمقاتلين الأكراد.

برنامج إعادة التأهيل و“إزالة التلقين” 

القوات الكردية تلقت الفتى ووضعته في هذا المركز التربوي المغلق منذ شهر شباط 2018، وأبلغ الأكراد فرنسا عن وجود هذا الطفل الذي يدّعي أنه من باريس، لكن لا جواب من الجانب الفرنسي.

في هذه المؤسسة التي ترحب بالشباب السوري والجزائري ـوالفرنسي والتركي وجميع أبناء مقاتلي تنظيم داعش، يطبق المعلمون برنامج “إزالة ما تم تلقينهم إياه” تتخلله دروس في علم النفس ومباريات كرة قدم.

لكن في الوقت الحالي، لا تزال الخطوات التي اتخذتها والدته في فرنسا لإعادة ابنها عبثاً كون القضية معقدة للغاية.

المشكلة هي أن إعادة أبناء الجهاديين مسألة حساسة بالنسبة للحكومة الفرنسية، فقد أعادت  35 طفلاً فرنسياً إلى وطنهم بمفردهم، ولا يزال هناك 250 شخصاً، معظمهم في مخيمات #روج و #الهول الكردية، ضمن سياق لا يزال الرأي العام فيه متردداً في عودة هؤلاء الأطفال “المخيفين”.

أما وضع “أسد”، فهو أكثر تعقيداً وإن كان لا ينفصم عن الوضع العام لأطفال الجهاديين! فهو شيشاني، ووضع والديه كلاجئين سياسيين موضع تساؤل بسبب رحيل والده الجهادي إلى سوريا، لذلك فإن قضيته بعيدة كل البعد عن أن تكون ذات أولوية.

وبحسب مسؤولي المركز الكردي، لدى هذا المراهق القدرة على إعادة الاندماج بسهولة في فرنسا.

«إنه متزن وهادئ وطموح، لم يعد يريد أن يسمع عن الحياة في ظل تنظيم داعش»، هذه الحياة التي لم يخترها، هو يحلم بالعالم الممنوع عليه اليوم، على الجانب الآخر من جدران هذا المركز.


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.