تهريب المحروقات من لبنان إلى سوريا: هل تفضّل الدولة اللبنانية خسارة الملايين على مواجهة حزب الله؟

تهريب المحروقات من لبنان إلى سوريا: هل تفضّل الدولة اللبنانية خسارة الملايين على مواجهة حزب الله؟

بينما تعاني مناطق سيطرة #الحكومة_السورية من أزمة محروقات خانقة، تعزوها للعقوبات الأميركية، تشهد الحدود المتداخلة، والتي يبلغ طولها نحو 350 كم، بين سوريا ولبنان، سوقاً حرة لتهريب الوقود، تصل أرباحه لملايين الدولارات.

وتعدّ أعمال التهريب بين لبنان وسوريا، التي بدأت قبل #الأزمة_السورية، وازدادت بعد اندلاعها، تجارةً مربحةً  لميلشيا #حزب_الله اللبناني، ومصدر رزق لفئة كبيرة من اللبنانيين والسوريين، الذين يشكّلون عصابات، تستخدم معابر متعددة، وصهاريج مختلفة الحجم، ومعدات ضخمة، من حفارات وجرافات، ضرورية لتمهيد وصيانة الطرق الجبلية الوعرة، التي تسلكها لنقل بضائعها.

 

“سوق حرة” للمهربين

فضحت الانفجارات، التي وقعت في كانون الثاني/يناير 2021، عند الحدود السورية، قرب قرية “مطربا”، في ​منطقة “القصر” بمحافظة بعلبك – الهرمل، شمال شرقي #لبنان​، والتي ضربت جزءاً من خزانات الغاز والمازوت، العائدة للمهربين المحترفين، أعمال تهريب الوقود غير الشرعية بين البلدين.

وأفاد عضو في بلدية #جيرود، في حديثه لموقع «الحل نت»، شريطة عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية، أن «هذا الانفجار، الذي أدى إلى نشوب ألسنة لهب، وصل ارتفاعها إلى عشرة أمتار، يؤكد أن للمهربين بنية تحتية، يستعملونها في نشاطهم، وأنهم يملكون مخازن ضخمة، في منطقة #القصير السورية، حيث يخزنون البضائع المُهرّبة، ما يعني أن هنالك سوقا حرة غير شرعية بين البلدين».

وعلى الرغم من أن لبنان يشهد إغلاقا كاملا، للحد من تفشي فيروس #كورونا، لم تتوقف عمليات التهريب، فوفق عضو بلدية جيرود «نشطت حركة التهريب بشكل ملحوظ مؤخراً، ويتم نقل أكثر من مئة صهريج من الوقود يومياً إلى سوريا، عبر ممرات غير شرعية، وغير خاضعة للرقابة الأمنية».

من جهته يوضح “محمد الحاجي”، مالك محطة وقود في مدينة قارة، أن «أكثر من مليوني ليتر من المازوت، أي ما يقارب مئة ألف صفيحة، تُهرّب يومياً من خلال عصابات لبنانية، بالشراكة مع عصابات الحدود والمعابر داخل سوريا، ويحقق المهربون مكاسب كبيرة، بسبب فارق الأسعار بين البلدين، فسعر صفيحة البنزين الرسمي، المدعوم في لبنان، يبلغ حوالي ثلاثة دولارات، أما في سوريا فيصل إلى خمسة عشرة دولاراً، ما يعني أن الحكومة اللبنانية تخسر رسوماً وضرائب، تبلغ قرابة سبعة دولارات أمريكية عن كل صفيحة، أي ما يوازي واحداً وعشرين مليون دولار شهرياً».

ويشير “الحاجي”، في شهادته لموقع «الحل نت»، إلى أن «حركة تهريب للأشخاص والمحروقات والبضائع تنشط بين لبنان وسوريا، عبر منطقة “وادي خالد”، بقضاء عكار شمالي لبنان، التي تقابل  مدينة “تل كلخ” بريف #حمص الجنوبي الغربي، وأيضا عبر معابر جبلية عدة في البقاع الشمالي»، منوهاً أن «الجميع يرى صهاريج التهريب، التي تحمّل خزانات معبّأة بمادة البنزين، تتجه نحو الحدود».

 

حزب الله يدير التهريب

“أبو طلال العجم”، أحد وجهاء منطقة عرسال اللبنانية، أكد لـ«الحل نت» أن «عمليات التهريب العلنية، وبكميات هائلة، لم تكن ستتم لولا وجود حماية وغطاء من حزب الله اللبناني، ومن أشخاص متنفذين في الحكومة السورية، الأمر الذي يرفد خزينة الطرفين بمبالغ هائلة، لا سيما في ظل وجود أزمة وقود في البلدين».

وأوضح “العجم” أن «حزب الله مسيطر على القرار السياسي في الدولة اللبنانية، ومتغلغل في أجهزتها الأمنية، وهو ما ساهم في عدم قدرة الجيش اللبناني على ضبط الحدود. كما أن تدخّل الحزب في الشأن السوري تسبب في ازدياد عمليات التهريب، التي يقوم بها تُجّار محسوبون عليه».

حديث “العجم” يوافق ما نقلته صحيفة “اندبندنت عربية”، عن مصدر أمني لبناني، أكد أن «عصابات التهريب، وتداخلها مع بعض العشائر في البقاع، يشكل قنبلة موقوتة، قابلة للانفجار بأي لحظة، نتيجة الخلافات، التي تحصل بين فرقاء التهريب على تقاسم الحصص. وتأتي الاشتباكات، التي تدور على الحدود اللبنانية ـ السورية، لا سيما في بلدة “القصر” الحدودية، على خلفيات التهريب، والصراع على المعابر غير الشرعية في المنطقة، والتي تسيطر عليها العائلات الإجرامية، بحماية حزب الله».

وبخصوص المظاهر الأخرى لعلميات التهريب يشير “العجم” إلى «التهريب بالجالونات على دراجات نارية، يمكنها أن تحمل حوالي مئتي لتر من المحروقات، خلال رحلتها من الداخل اللبناني إلى الداخل السوري، والتي برزت مؤخراً، بعد عمليات الجيش اللبناني، ضد بعض الصهاريج المعدة للتهريب».

 

تجاهل من حكومة البلدين

“ماري حايك”، عضو تجمع “Lebanese DNA”، تقول إن «الفيديوهات، التي تُظهر عملية التهريب من لبنان إلى سوريا، تدلّ على استهتار تام، وخروج عن القانون، بينما ​الشعب اللبناني​ يعاني من الغلاء الفاحش، فضلاً عن أن عمليات التهريب ستسهم في انخفاض سريع للاحتياطي النقدي للبلاد، في ظل غياب خطة ​الحكومة​ اللبنانية لترشيد الدعم».

وتابعت “حايك”، في حديثها لـ «الحل نت»، أن «القضاء اللبناني لم يتحرك، ولا الأجهزة الأمنية، رغم الدعوات التي تقدّم بها عديد من نواب البرلمان اللبناني، لا بل توسع موضوع التهريب غير الشرعي، ليشمل البنزين والدواء والمواد الغذائية، وكأن البلد ملكٌ لحزب الله»، حسب تعبيرها.

وحول إعلان الجيش اللبناني، بين الفينة والأخرى، عن عمليات لإحباط تهريب المحروقات، كان آخرها في نهاية كانون الثاني/يناير، تؤكد “الحايك” أنها «تحركات خجولة بالقياس بالكميات التي تُهرّب»، فيما أشارت إلى أن «الانفجارات الأخيرة فتحت الأعين حول ملف تهريب جديد، هو قوارير الغاز، التي فُقدت من مناطق الهرمل الحدودية، شمال شرقي لبنان، ووجدت تُباع في مدينة حمص السورية».

وحول عمليات التهريب الممنهجة، نشر النائب #وليد_جنبلاط، رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” اللبناني، عبر حسابه في “تويتر”، مقطع فيديو، يُظهر عدداً من الشاحنات، على طريق “اللبوة”، تحمل محروقات مُهرّبة من لبنان إلى سوريا. وقال: «عبرت طريق “اللبوة”، نحو سوريا، خمسين شاحنة مازوت في النهار، مع مواد غذائية، أين أصبح ترشيد الدعم؟».

ونوّه النائب اللبناني إلى أنه سيتقدم بإخبار ثانٍ إلى القضاء عن هذه العمليات، مشدداً على أن «الوقود يهرّب بكميات كبيرة إلى سوريا»، وقال إن «التفرج هو مشاركة في الجريمة، لن أسكت، وسأتحرك مجدداً باتجاه القضاء».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.