مع نقص “الاستعدادات اللوجستية”: هل يستطيع بابا الفاتيكان زيارة العراق والمساهمة بحماية أقلياته من الانقراض؟

مع نقص “الاستعدادات اللوجستية”: هل يستطيع بابا الفاتيكان زيارة العراق والمساهمة بحماية أقلياته من الانقراض؟

يستعد البابا فرانسيس، الزعيم الروحي للكنسية الكاثوليكية في العالم، لزيارة العراق، تلبية لدعوة رئاسة الجمهورية العراقية والكنيسة الكاثوليكية المحلية،  بحسب “ماتيو بروني”، الناطق باسم #الفاتيكان، والذي أكّد أن «الزيارة ستكون من الخامس وحتى الثامن من آذار/مارس المقبل، وستشمل العاصمة #بغداد ومدينة “أور”، التي ترتبط بذكرى النبي إبراهيم، وبعدها مدينة #أربيل عاصمة #إقليم_كردستان، ومن ثم محافظة #نينوى، وتحديداً منطقة سهل نينوى، ذات الأغلبية المسيحية».

ورغم الترحيب المُعلن من الجانب العراقي إلا أن احتمالية تأجيل الزيارة مازالت قائمة، لضعف الترتيبات والاستعدادات. وقد أقرّ الأب “أمير ججي”، عضو مجلس الحوار الإسلامي المسيحي في الفاتيكان، بـ«عدم جهوزية العراق لاستقبال البابا من الناحية اللوجستية»، مطالباً #الحكومة_العراقية بـ«ضرورة الجدية والاهتمام بالترتيبات الأمنية والرسمية واللوجستية من الآن فصاعداً»، مُعرباً عن تخوّفه، في ذات الوقت، «من عدم قدرة العراق على ذلك».

وفي العاشر من كانون الثاني/يناير الماضي قال بابا الفاتيكان إنه «غير متيّقن من قدرته على زيارة العراق»، عازياً السبب إلى انتشار جائحة #كورونا، مضيفاً في مقابلة مع القناة الإيطالية الخامسة: «لا أعرف الآن إذا كانت زيارتي إلى العراق ستحدث… الحياة تغيّرت». إلا أنه عاد مجدداً ليؤكد زيارته للعراق، في مقابلة له مع وكالة “كاثوليك نيو سيرفيس” (سي.إن.إس)، التابعة لمؤتمر الأساقفة الأميركيين، أُجريت مطلع شهر شباط/فبراير الجاري، «حتى إذا لم يستطع كثير من المسيحيين العراقيين رؤيتي شخصياً»، حسب تعبيره.

 

موقف العراق

الرئيس العراقي “برهم صالح”، أكد بدوره زيارة البابا فرنسيس إلى البلاد، في الموعد المعلن عنه، واصفاً الزيارة بأنّها «تاريخية». وجاء في تغريدة للرئيس “صالح”، على حسابه في موقع “تويتر”، أن «قداسة البابا فرنسيس سيقوم بزيارة إلى العراق في شهر آذار/مارس المقبل». مضيفاً أن زيارته ستكون «تاريخية إلى بلاد ما بين النهرين، أرض الرسل والأولياء، وموطن سيدنا إبراهيم أبو الأنبياء، وستكون رسالة بليغة لدعم العراقيين بمختلف أطيافهم، وتؤكد وحدة الإنسانية، في التطلّع إلى السلام والتسامح ومجابهة التطرف».

من جانبها استخدمت وزارة الخارجية العراقية عبارات شبيهة، في بيان لها، أكدت فيه أن «زيارة البابا إلى العراق، بلاد ما بين النهرين، وأرض الرسل والأنبياء، وموطن “أور” والنبي إبراهيم، تمثّل حدثاً تاريخياً، ودعماً لجميع العراقيين». مشيرةً الى أن الزيارة تمثّل «رسالة سلام إلى العراق والمنطقة بأجمعها، وتؤكد وحدة الموقف الإنساني في مجابهة التطرف والصراعات، وتعزز التنوّع والتسامح والتعايش».

الدكتور “ليث مجيد حسين”، رئيس هيئة الآثار والتراث العراقية، أكد، في حديثه لـ«الحل نت»، أن «وزارة الثقافة العراقية جهّزت بيت النبي إبراهيم عليه السلام». في إشارةٍ منه إلى احتمالية أن يقيم البابا في مدينة “أور”، إلا أنّ «مسار الزيارة غير معلوم للوزارة»، بحسب “حسين”، الذي يحصر مهمة وزارته بـ«توفير الاحتياجات واللوازم اللوجستية، نظراً لتكفّل رئاسة الجمهورية العراقية والكنيسة الكلدانية ببرنامج الزيارة».

 

أهمية الزيارة

الأب “ججي” يوضح لـ«الحل نت» أن «الزيارة تأتي في إطار دعم البابا فرنسيس للعراق، والمصالحة بين مكوناته، ودعم عملية السلام فيه، إضافةً لحقوق الإنسان والأقليات الدينية. كما سيُجري لقاءات مع القيادات الروحية المختلفة، المتواجدة في العراق، في مدينة “أور”، ضمن محافظة ذي قار جنوبي البلاد»، مبيناً أن «لقاء البابا مع المرجعية الشيعية العليا غير مؤكد إلى الآن، رغم أن الكاردينال “روفائيل ساكو”، بطريرك الكلدان، قال، الأسبوع المنصرم، إن البابا سيجتمع، خلال الزيارة، مع السيد علي #السيستاني، المرجع الأعلى لشيعة العراق».

بدوره يرى “د.سعد سلوم”، خبير التنوع العراقي، أن أهمية الزيارة «تتجاوز الأبعاد الرمزية والروحية، إلى الجوانب السياسية والاقتصادية. وقد تم إرجاء هذه الزيارة لأكثر من عقدين من الزمن، فقد كان من المُفترض أن تتم في بداية الألفية الجديدة، ولكنّ الأوضاع السياسية والاقتصادية أخّرتها لسنوات، رغم إعلان أكثر من بابا كاثوليكي نيته زيارة العراق».

ويتابع “سلوم”، في حديثه لموقع «الحل نت»، أن «هذه الزيارة ستساهم بإعادة مكانة العراق، باعتباره بلداً ذي تاريخ عريق من الناحية الدينية، فالنبي إبراهيم عليه السلام، أب جميع الأنبياء، خرج من مدينة عراقية، كما أن التنوّع العراقي يختلف عن باقي بلدان الشرق الأوسط، وجذب الانتباه لهذا التنوّع أمر مهم».

ويلفت الخبير العراقي إلى أن «الزيارة ستكون لها دلالات عديدة، بعد أن شهد العراق انقسامات إثنية ودينية، وكذلك تحوّله إلى ميدان للصراعات الإقليمية، عقب تدخلات #تركيا وإيران، وغيرها من الدول. ومن المرتجى أن تساهم الزيارة بقلب هذا الصراع إلى نوع من الوحدة والحوار، وتقديم العراق بوصفه جسراً بين القوميات والديانات المختلفة».

 

أهميتها لمسيحيي العراق

بالنسبة للأب “ججي” فإن الزيارة «تشكّل دعماً كبيراً لمسيحيي العراق، ومساندتهم للبقاء في أرضهم التاريخية، وكذلك ستساهم في إبراز معاناتهم في وطنهم. وسيُظهر البابا، خلال زيارته، دعماً كبيراً لمناطق تواجد المسيحيين في #الموصل وأربيل وسهل نينوى، وهذا يُظهر مدى اهتمام البابا بمسيحيي العراق».

ويتفق “سلوم” مع الأب “ججي” في أن الزيارة ستكون مهمة لمسيحيي العراق، وخاصةً «بعد نزوحهم الكبير، جرّاء اجتياح تنظيم #داعش لمناطقهم، والذي يمكن اعتباره ضربة قاصمة للتنوّع العراقي. والزيارة ستكون فرصة لإعادة ثقة المسيحيين ببلدهم، بعد أن اقتربوا من الانقراض فيه، بسبب الأوضاع الأمنية منذ عام 2003».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.