أئمة من الصناعة الفرنسية: هل تنجح فرنسا بإيقاف التأثير السياسي لدول إسلامية على أراضيها؟

أئمة من الصناعة الفرنسية: هل تنجح فرنسا بإيقاف التأثير السياسي لدول إسلامية على أراضيها؟

«نحو دين إسلامي، تحترم شريعته خصوصيات مبادئ الجمهورية الفرنسية، وتتوافق معها، وتحقيق مبدأ المساواة بين الرجال والنساء، ومعاقبة المحرّضين على الكراهية عبر الإنترنت، وتشديد الرقابة على تمويل الجمعيات الممثلة للجاليات الإسلامية»، هذا ما تهدف إليه الحكومة الفرنسية من إقرار مشروع قانون “مكافحة التطرف الاسلامي والنزعة الانعزالية”، بحسب تصريحاتها المعلنة.

ومن أولى خطوات تنفيذ مشروع القانون موافقة “المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية”، الممثل للجاليات المسلمة، لميثاق ينظّم شؤون المسلمين، مثل تشكيل “مجلس وطني للأئمة”، من مهامه الإشراف على إعداد رجال الدين المسلمين، وسحب التراخيص الممنوحة لهم، لمزاولة نشاطهم الديني، في حال خرقوا مبادئه. إلا أن هذا الميثاق، رغم إقراره رسمياً، أحدثت انقساماً بين رؤساء الجاليات المسلمة، داخل “المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية”، ما يشير إلى صعوبة مهمة الدولة الفرنسية، في سعيها لتأسيس ما تسميه “إسلام الأنوار”، أو “النسخة الأوروبية من الإسلام”.

 

إنهاء الفوضى الإسلامية

«فكرة إسلام يحترم مبادئ الدولة الفرنسية، وثقافة شعبها، ليست جديدة، وقد تم طرحها لأول مرة في عهد الرئيس الفرنسي الأسبق “نيكولاي ساركوزي”، ولم تأخذ مجراها للتشريع، أو الطرح تحت قبة البرلمان الفرنسي، إلا بعد تنفيذ الإسلاميين المتشددين لأعمال إرهابية في البلاد»، بحسب الباحث بالشأن الفرنسي “توفيق قويدر”.

وأضاف “قويدر”، في حديثه لـ«الحل نت»، أن «مضمون قانون “مكافحة التطرف الإسلاموي” يتضمّن تشكيل مجلس وطني للأئمة، يصوغ استراتيجية للجاليات المسلمة في فرنسا، خاضعة للخصوصيات الفرنسية، في المساجد والمدارس، وجميع المؤسسات التي يتواجد بها المسلمون».

مبيّناً أن «هناك من المسلمين من يرفض إرسال أبنائه إلى المدارس الفرنسية، بسبب اختلاف العادات والتقاليد، وكذلك عدم توافر الطعام الحلال فيها».

وأوضح الخبير في الشأن الفرنسي أن «ما يذهب إليه الرئيس الفرنسي ايمانويل #ماكرون، لتشكيل مجلس وطني للائمة، يُراد منه القضاء على الإسلامين المتطرفين، والفوضى في تمثيل الجاليات المسلمة»، مشدداً على أن «قانون مكافحة التطرف، وتشكيل مجلس وطني للأئمة، لا يُراد منه ضرب الإسلام أو المسلمين، كما يروّج البعض».

 

رفض تركي وقبول عربي

وقد رفضت ثلاث هيئات، من أصل تسعة، في “المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية”، توقيع ميثاق مبادئ تنظيم شؤون المسلمين في فرنسا، بصيغته الحالية.

واطلع موقع «الحل نت» على بيان هذه الهيئات، الذي ورد فيه اعتراضها على وجود فقرات وصياغات في النص، «من شأنها أن تضعف أواصر الثقة بين مسلمي فرنسا وبقية الأمة الفرنسية، فبعض العبارات، الواردة في الميثاق، تمسّ شرف المسلمين، ولها طابع اتهامي وتهميشي»، حسب تعبير البيان.

الهيئات الثلاث المعترضة هي “اللجنة التنسيقية للمسلمين الأتراك في فرنسا”، و”الاتحاد الإسلامي في فرنسا” (مللي غروش)، وهما منظمتان تركيتان، وحركة “إيمان وممارسة” المتشددة، ذات الأصول الباكستانية.

ويحوي المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، إلى جانب الهيئات المعترضة، ست هيئات أخرى، أغلبها ممثلة للجالية الإسلامية ذات الأصول العربية، خاصة الجزائرية.

 

حماية المسلمين من التطرف

ولدى اتصال موقع «الحل نت» بـ”المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية”، لأخذ رايه بشأن “ميثاق المبادئ”، واعتراض بعض مكوناته عليه، كان الرد أن «الموقف الرسمي للمجلس تعبّر عنه تصريحات رئيسه “محمد الموسوي”، ولا توجد أية إضافات، يمكن الإدلاء بها، حول هذا الموضوع».

وكان “الموسوي” قد قال، في تصريحات منشورة على موقع المجلس، إن «مبادئ ميثاق تنظيم شؤون مسلمي #فرنسا يتناسب مع الشريعة الإسلامية، والاتفاقيات الدولية، المتعلّقة بحقوق الإنسان»، مبيناً أن «إقرار الميثاق سيحمي الشاب المسلم من المتطرفين، الذين تشكّل أعمالهم انكاراً للإسلام ومبادئه».

 

إيقاف الأئمة المستوردين

«تشكيل هذا المجلس فرصة للأئمة المسلمين المعتدلين، كي يعطوا صورة إيجابية للإسلام في المجتمعات الاوربية، وكذلك لمنع تدخلات دول إسلامية، وخاصة #تركيا، في شؤون الجاليات المسلمة في فرنسا»، هذا ما أكده المراقب للشأن الأوروبي “أسامة الخفاجي”.

وأضاف “الخفاجي”، في حديثه لـ«الحل نت»، أن «على أئمة المساجد أن يتبنّوا هذه المجالس، التي تشكّلها الدول الأوروبية، بغرض إيضاح أن الدين الاسلامي هو دين التسامح والتعايش السلمي مع كافة الأديان، وكذلك مع الأفراد اللادينيين»، مشدداً على ضرورة «إيقاف الأئمة الموفدين من الدول الإسلامية لأوروبا، الذين لا يعرف كثير منهم شيئاً عن الحياة في المجتمعات الأوربية، أو يلقون خطباً تدعم الإسلام السياسي».

مشيراً إلى أن «نجاح فرنسا بتشكيل مجلس وطني للأئمة، وإقرار قانون مكافحة التطرف، سيجعل دولاً أخرى، مثل #ألمانيا وبلجيكا وبريطانيا، تخطو الخطوة نفسها».

وفسّر الباحث بالشأن الاوربي اعتراض الهيئات الإسلامية المتشددة على هذه القوانين والمجالس، بـ«تقاطع مصالحها، ومصالح الدول والجهات الداعمة لها، مع سعي العناصر المتطرفة لتنفيذ الأعمال الإرهابية».

ويوجد نحو 2260 مسجداً في فرنسا، ستون منها تحوي مآذن، وأغلبيتها مراكز أو جمعيات ثقافية بسيطة، وقاعات صلاة دون مآذن، وتُدار دور العبادة هذه من قبل ثلاثمئة إمام موفد لفرنسا، من دول مثل تركيا والمغرب والجزائر.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.