ملفات الفساد في محافظة بغداد: تشهير إعلامي أم معركة سياسية ضد بقايا “دولة المالكي العميقة”؟

ملفات الفساد في محافظة بغداد: تشهير إعلامي أم معركة سياسية ضد بقايا “دولة المالكي العميقة”؟

تولى محافظ #بغداد “محمد جابر العطا” منصبه بتاريخ الرابع عشر من تشرين الأول/أكتوبر عام 2019، ضمن صفقة أعادت لـ”ائتلاف دولة القانون”، بزعامة رئيس الوزراء العراقي الأسبق “نوري المالكي”، الاستحواذ على محافظة بغداد، بعد فترة تولى فيها “فلاح الجزائري” المنصب، وهو المعروف بقربه من ميلشيا #حزب_الله_العراقي. وفي البداية لم يواجه “العطا” اتهامات بالتقصير أو الفساد، سوى اتهام وجهه له “حسن الكعبي”، النائب الأول لرئيس #البرلمان_العراقي، بتاريخ السابع والعشرين من أيلول/سبتمبر الماضي، بهدر المال العام، وعدم إكمال مشروع “حي المنتظر”، على الرغم من المصادقة على المشروع من قبل مجلس الوزراء ووزارة التخطيط العراقية، وهو ما دُعم بطلب استضافة المحافظ نيابياً.

وعلى ضوء الاستضافة، التي لم يتخذ البرلمان العراقي أي إجراء بعدها، أوعز محافظ بغداد إلى الدوائر والجهات ذات الصلة، بتحريك آلياتها الخدمية فوراً، لمعالجة معاناة أبناء “حي المنتظر”، الذي يقع شمال شرقي العاصمة، من انهيار شبكات الصرف الصحي.

وعادت اتهامات الفساد للمحافظ، عبر النائب “مناهل الحميداوي”، عضو لجنة التخطيط الاستراتيجي النيابية، التي طالبت باستضافة المحافظ مجدداً، ومعه ثلاثة عشر مديراً لدوائر بلدية، بدعوى “مناقشة واقع الخدمات المتردي، وملفات فساد”، وتمت الاستضافة في الخامس والعشرين من شهر كانون الثاني/يناير الماضي.

الاستضافة لم تأت بجديد، لكن “الحميداوي” أعلنت بعدها، عبر بيان رسمي، «إحالة عدد من ملفات الفساد، ضد المحافظ، إلى هيئة النزاهة النيابية»، ما دفع موقع «الحل نت» لتحرّي محتوى هذه الملفات من النائب نفسها.

 

لائحة اتهامات

“الحميداوي” أكدت للموقع أن «لديها ملفات عدة ضد المحافظ، أولها قيامه ببيع أراضٍ، تابعة لمحافظة بغداد، تُقدر قيمتها بمليارات الدنانير، دون إعلام أو مخاطبة الدولة العراقية، بصفتها مالك تلك الأراضي، في مخالفة قانونيةٍ واضحة».

وتضيف أن «هناك ملفاً آخر، تمت إحالته لهيئة النزاهة من قبلها، يتضمّن قيام “العطا” بتأجير مدير مكتبه عقاراً، تابعاً للدولة، في إحدى مناطق “المنصور”، الحي الراقي جنوب غربي العاصمة بغداد».

ولفتت إلى ملف ثالث وهو «قيام “العطا” بمنح عقد استثمار أراضٍ لأحد موظفي المحافظة، لإنشاء سبع مدارس في أطراف العاصمة، يعود حق التصرّف بملكيتها إلى محافظة بغداد. وفي الواقع فإن ما منحه المحافظ للمستثمر كان مبانٍ قيد الإنشاء، وليست مجرد قطع أرض، ولن يبدأ المستثمر ببنائها من الصفر، وهو ما وفّر له كثيراً من الأموال».

وتسترسل “الحميداوي” في سرد لائحة اتهاماتها ضد المحافظ: «المحافظة وفّرت فرصة استثمارية لهدم مكتبة “المأمون”، في حي “اليرموك” الراقي غربي بغداد، وإعادة انشائها، وقدّم أحد المستثمرين طلباً للاستثمار، وفتح مدرسة دولية في المكتبة، وهو ما رفضه المحافظ، وتعاقد مع شركة، يديرها شخص مقرّب منه. وبعد فترة قصيرة تحوّلت المكتبة إلى كلية أهلية، باسم “الحكمة الجامعة”، مع أنه لا يوجد أي عقد استثماري، يشير إلى منح فرصة استثمارية لتحويل المكتبة، التي تُعتبر مُلكاً عاماً، إلى كلية أهلية».

وكشفت “الحميداوي” عن «إلقاء القبض على شخص مقرّب من المحافظ، اسمه “محمد متعب”، بتهم فساد، مرتبطة بالملفات، التي ذكرتها،  وهو يعمل مديراً لقسم الحسابات في محافظة بغداد»، موضحةً أن «”متعب” اعترف بتورّط المحافظ، وأربعة مدراء عامين، وعشرين موظفاً، في عدة ملفات فساد، وهو الآن بعهدة هيئة النزاهة البرلمانية، والتحقيق جارٍ معه، بانتظار اتمامه وعرضه على الرأي العام».

وحاول موقع «الحل نت» الحصول على رد من مكتب محافظ بغداد على هذه الاتهامات، وبعد عدة وعود بالإجابة، جاء الرد الأخير من المكتب بأنه «سيُصدر بياناً، في وقت لاحق، للرد على ما أدلت به “الحميداوي”»، ولم يصدر البيان حتى ساعة نشر هذا التقرير.

 

 ائتلاف المالكي يرد على تصريحات الحميداوي

 إلا أن “ائتلاف دولة القانون”، الذي ينتمي له “العطا”، ردّ على الاتهامات بشكل مباشر، معتبراً إياها «اتهامات سياسية ذات أهداف انتخابية».

ويقول القيادي في الائتلاف “رسول أبو حسنة”، في تصريح خاص لـ«الحل نت»، إن «مهاجمة محافظ بغداد “محمد جابر العطا” بسيل من الاتهامات، يأتي ضمن الصراع السياسي والانتخابي، خصوصاً مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية، وهذه الأمر غالباً ما يحصل بين عدد من القوى السياسية، عند أي استحقاق انتخابي في العراق».

وتساءل باستنكار: «أين كانت هذه الملفات طيلة الفترة الماضية؟ ولماذا خرجت بهذا التوقيت، ولم يتم تحويلها إلى الجهات القضائية المختصة؟».

واعتبر ما أدلت به “الحميداوي” «تشهيراً إعلامياً، لن يقدّم أو يؤخر».

 

 هل سيفلت “العطا” من المحاسبة؟

يخشى عدد من المراقبين أن تخضع ملفات الفساد في محافظة بغداد، التي باتت الآن بعهدة هيئة النزاهة الانتخابية، للمساومات السياسية، خاصة أن «”الدولة العميقة”، التي زرعها رئيس الوزراء الاسبق “نوري المالكي”، بجسد الدولة العراقية، تنفيذياً وقضائياً، خلال فترة توليه المنصب، بين عامي 2006 و 2014، ما زالت ذات سطوة وتأثير، وهو ما أفشل مراراً أية محاولات لمحاسبة ومحاكمة مسؤولين فاسدين، ينتمون لائتلاف “المالكي” نفسه، وعلى رأسهم “حسين الشهرستاني”، نائب رئيس الوزراء ووزير النفط العراقي الأسبق، و”عبد الفلاح السوداني”، القيادي في “حزب الدعوة” برئاسة “المالكي”، ووزير التجارة الأسبق»، بحسب محلل سياسي عراقي، رفض كشف هويته.

يُذكر أن “الشهرستاني” اتُهم بفضيحة “أونا أويل”، وهو اسم لشركة بريطانية، دفعت خمسة وعشرين مليون دولار، على الأقل، رُشىً، عبر وسطاء، لضمان نيل دعم مسؤولين نافذين في العراق، بينهم “الشهرستاني”، للحصول على عقود  نفطية، وفق ما نشره موقع “فيرفاكس ميديا” الإخباري الأسترالي.

في حين أصدرت محكمة “الرصافة” ببغداد، في تشرين الثاني/نوفمبر من العام 2018، حكماً بالإفراج عن “عبد الفلاح السوداني”، بعد ثمانية أشهر من الحكم عليه بالسجن، لمدة واحد وعشرين عاماً، في ثلاث قضايا فساد، تتعلق بالفساد المالي والإهمال والاستغلال الوظيفي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.