المنع من السفر في السويداء: هل بات الحرمان من الحقوق الأساسية أسلوباً لرفد الميلشيات بالمقاتلين وإخضاع أهالي المحافظة؟

المنع من السفر في السويداء: هل بات الحرمان من الحقوق الأساسية أسلوباً لرفد الميلشيات بالمقاتلين وإخضاع أهالي المحافظة؟

يبدو أن #الحكومة_السورية، والأجهزة الأمنية التابعة لها، وجدت حلاً عملياً لمشكلة نقص العناصر القتالية في صفوف #القوات_النظامية، بعد عزوف آلاف الشبان، في محافظة #السويداء، عن الالتحاق بالخدمة الإلزامية، أو فرارهم من قطعاتهم العسكرية، منذ بداية #الأزمة_السورية في العام 2011، وحتى الآن.

الحل، الذي يؤرّق أهالي المحافظة، هو المنع من السفر، داخلياً وخارجياً، للمعارضين للحكومة السورية، أو لكل من تسوّل له نفسه اتخاذ موقف محايد من #الحرب_السورية.

 

إجراء غير دستوري

المحامي “سليمان. ش” يسرد، لموقع «الحل نت»، الوقائع الأساسية لمشكلة المنع من السفر في السويداء: «بدأ الجوع والبطالة يضغطان على كافة العائلات في السويداء، خاصة بعد أن بات عشرات الآلاف من شبابها مطلوبين للخدمة الإلزامية، وغير قادرين على السفر والهجرة، وهما الحل الأساسي، الذي يلجأ إليه أهالي الجبل، منذ “السفر برلك” في آواخر العصر العثماني. وعملت الأجهزة الأمنية على تأسيس فصائل تابعة لها، مع بطاقات أمنية، تقي حامليها من المحاسبة، فانتشرت مظاهر الخطف والسرقة وعمليات التهريب، وتجارة السلاح والمخدرات، ما حوّل السويداء إلى محافظة غير آمنة. وضمن هذا الشرط الصعب ضاقت سبل الحياة على أهالي المحافظة، فلا هم قادرون على الحياة الآمنة والكريمة في بلدهم، وليس بإمكانهم تركه إلى العالم الواسع».

ورغم تحفّظ المحامي والناشط الحقوقي على الدستور السوري، إلا أنه يؤكد أن «الدستور كفل، في باب الحريات العامة، حقوق المواطنين، وحرياتهم بالتنقّل في أراضي الدولة وخارج حدودها، في المادة الثامنة والثلاثين منه، والتي تنصّ على أن “لكل مواطن الحق بالتنقّل في أراضي الدولة، أو مغادرتها، إلا إذا مُنع من ذلك، بقرار من القضاء المختص أو النيابة العامة، أو تنفيذاً لقوانين الصحة والسلامة العامة”. لكن الذي يحدث أن مئات آلاف الأشخاص في سوريا، وُضعوا في القائمة السوداء، لأسباب متعددة، وحُرموا من أبسط الحقوق، في التنقّل ونقل الملكية والسفر. والحلول، التي يتبعها هؤلاء المحرومون من حقوقهم، تتلخص بالرشوة، أو التعاقد مع #روسيا وحزب الله وإيران والفروع الأمنية، للتخلّص من الفقر والحصار، والسفر خارج الحدود، حتى لو كان إلى #ليبيا، بصفة مقاتلين مرتزقة».

موقع «الحل نت» التقى الناشط الممنوع من السفر “ش. بلان”، لسؤاله عن أوضاع أقرانه، من المحرومين من حقوقهم الأساسية، فقال: «إذا كنت مطلوباً لأي فرع أمني، من أجل مراجعة ما، فهذا يعني عملياً أنه لا يمكنك الحصول على أية موافقة أمنية، حتى تراجع الفرع المطلوب، أي أن مجرد تلقيك لاستدعاء أمني يعني منعك من السفر. إلا أن الدستور السوري نصّ، بشكل صريح، على حرية المواطن بالتنّقل داخل حدود الدولة وخارجها، ولا يجوز سلبه حريته هذه إلا بموجب مذكّرة قضائية. ولما كان الاستدعاء الأمني ليس أمراً قضائياً، فهذا يعني أن الجهات الأمنية، ودائرة الهجرة والجوازات، تخالف الدستور السوري، عند منع المواطن من السفر، وإعادته من الحدود، بسبب استدعاء أمني، يكون، في غالب الأحيان، كيدياً».

من جهته اعتبر المحامي “أيمن شيب الدين” الموافقات الأمنيّة «غير شرعيّة دستورياً، فهي تقييد لحريّة وحقّ المواطن في التّملك والتّنقل والاستئجار، وكثير من الأعمال، التي رُبط إنجازها بالحصول على الموافقة الأمنيّة»، وأكد أن «القرارات القضائيّة، الصادرة باسم الشعب العربي في سوريا، يُضرب بها عرض الحائط، ولا تُنفّذ، حتى الحصول على الموافقة الأمنيّة، وهذه أبشع صور الاستبداد والتّغوّل الأمني على الحياة المدنيّة للشعب السوري»، حسب قوله.

 

شراء الحقوق الأساسية

«تٌباع الموافقات الأمنية بطرق عدة، وبأساليب مختلفة، وبات المطلوبون لقضايا أمنية، تتعلق بالخطف والقتل والسرقة، زبائن دائمين لسماسرة الموافقات الأمنية، وبعيداً عن الطرق المعتادة للتسوية والمصالحة مع السلطات السورية، ظهرت، في الأشهر الأخيرة من العام الماضي، طريقة جديد للحصول على الموافقات الأمنية، من خلال تعاقد الشبان مع #إيران أو روسيا، للعمل بصفة مقاتلين داخل وخارج الحدود، وبات لهذه العملية سماسرة متخصصون، متعاملون مع شركات أمنية تابعة للبلدين؛ أو مرتبطون بأحد الأجهزة الأمنية»، بحسب الشاب “حمزة المعروف”، الذي حصل على موافقة أمنية لبيع أملاكه، بعد دفعه مبلغ مئة دولار أمريكي، لأحد الفروع الأمنية.

وأضاف “المعروف” أنه «فوجئ بأنه مطلوب أمنياً دون أي سبب، فهو قد أنهى خدمته العسكرية منذ زمن، ولم يقم بأي فعل ضد الحكومة السورية، كما لم يرتكب أية مخالفة للقوانين. وعندما سُدّت الطرق بوجهه، لجأ لسيدة تعمل سمسارة للموافقات الأمنية، فحصل خلال يومين على الموافقة». وأشار إلى أن «ثلاث سيدات، يقطنّ في المحافظة، معروفات بقدرتهن على التعاقد مع روسيا، وميلشيات #الحرس_الثوري الإيراني، وهن “رهام. ش”، و”رشا المفعلاني”، و”لينا النمر”، التي تستخدم موقع “فيس بوك” للإعلان عن نشاطاتها بشكل علني، مع أرقام هواتف للاتصال بها، ولها مساعدون كثر».

“سامي غزلان”، شاب آخر أراد السفر إلى ليبيا، ويقول إنه «صُدم أنه مطلوب للخدمة الاحتياطية، وعن طريق وسيط، لأحد الفروع الأمنية، حصل على الموافقة، بعد دفع ما يعادل مليون ليرة سورية، ثمناً لعبارة “مع الموافقة”، التي تمكّنه من السفر».

 

الحسكة باتت أرضاً محرّمة!

الحرمان من الحقوق الأساسية في التنقّل لا يقتصر على حظر السفر إلى خارج الحدود السورية، بل يحوّل مناطق سورية معيّنة إلى أراضٍ محرّمة على أبناء السويداء، لأسباب قد تكون طائفية وسياسية،  فيبدو أن جهات كثيرة، في الحكومة السورية، حريصة على إبقاء أهل الجبل في عزلة عن بقية السوريين.

«في الحادي والعشرين من آذار/مارس من العام 2019 قام عدد كبير من ناشطي المحافظة بالسفر إلى محافظة #الحسكة، لتقديم التهاني لأهلها بعيد النيروز، جرياً على عادة قديمة في السويداء، انقطعت بسبب الحرب السورية، وبعد عودتهم بيومين بدأت المشاكل تنهال عليهم، بدءاً من منعهم من السفر لخارج الحدود، وانتهاء بمنعهم بشكل شخصي من السفر نحو الحسكة، لأي سبب»، حسب الناشطة “ر. س”، التي تضيف أن «فرع فلسطين في #دمشق طلب كل من ذهب للحسكة، لمعرفة تفاصيل الرحلة، واللقاءات التي تمت هناك. وانتهت هذه المراجعات بحرمان الجميع من السفر الخارجي، والاقتراب من المحافظات الشمالية والشرقية».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة