بعد “خطف” التيار الصدري لميناء الفاو: هل سيتحوّل الصراع على ثروات الجنوب العراقي إلى حرب بين القوى الشيعية؟

بعد “خطف” التيار الصدري لميناء الفاو: هل سيتحوّل الصراع على ثروات الجنوب العراقي إلى حرب بين القوى الشيعية؟

أصبحت موانئ ومعابر العراق الحدودية ميداناً للتنافس السياسي والميلشياوي، وهي حقيقة باتت واضحة لكل العاملين في الشأن العام العراقي، بعد أن أنكرتها #الحكومة_العراقية طويلاً.

ويعتبر الصراع على مشروع #ميناء_الفاو، في محافظة #البصرة، أحد أهم فصول الصراع على مقدرات البلاد، فقد شهد مواقف متصارعة بشأن عقد إنشائه، ما بين مؤيدين لمنحه لشركة “دايو” الكورية، محسوبين على الحكومة العراقية والتيار الصدري، وقوى مرتبطة بشكل مباشر بإيران، أرادت أن يُعطى المشروع لشركات صينية. الأمر الذي يفتح الباب لصراع شيعي-شيعي، قد يتصاعد في الجنوب العراقي بشكل خطير.

ويؤكد كثير من الخبراء أن شركة “دايو”، التي مُنح لها المشروع، في كانون الأول/ديسمبر الماضي، تتمتع بالمؤهلات الفنية اللازمة، على عكس الشركة الصينية المنافسة، التي اتضح، بحسب وزارة النقل العراقية، أنها لم تعمل في قطاع الموانئ أبداً، بل اقتصر عملها على قطاع الكهرباء، إلا أن سعي التيار الصدري لمنح العقد للشركة الكورية لا ينبع، بحسب عديد من المحللين، من مجرد حرصها على كفاءة إنجاز المشروع.

 

 «ميناء الفاو حصة التيار الصدري من المحاصصة»

المحلل السياسي “كريم بدر”، والمعروف برصده لمخالفات وتجاوزات #التيار_الصدري، أكد أن «ميناء الفاو خارج سلطة الدولة فعلياً، وسيطرة الحكومة العراقية عليه شكلية فقط، لأن مقتدى #الصدر هو المسيطر الفعلي على الميناء».

ويوضح في حديثه لموقع «الحل نت» أن «”أسعد العبادي” و”مظفر الفضل”، وهما نائبان تابعان لكتلة “سائرون” في #البرلمان_العراقي، وهي الذراع السياسي للتيار الصدري، اقتحما، مع قوة من ميليشيا “سرايا السلام”، التابعة للتيار أيضاً، مقر شركة الموانئ العراقية، في حزيران/يونيو من العام الماضي، وأجبرا مديرها السابق، “أثيل عبد علي الكناني”، على كتابة استقالته، بهدف تنصيب شخصية مقرّبة من التيار للمنصب، هو الرئيس الحالي للشركة “فرحان الفرطوسي”، ما مهّد عملياً لتمدد أتباع الصدر في ميناء الفاو، وغيره من الموانئ».

وحول أسباب ميل التيار الصدري للشركة الكورية أكد “بدر” أن «دعم شركة “دايو”، لنيل عقد إنشاء ميناء الفاو، ضروري للتيار، لإنه يحفظ بهذا حصته من المحاصصة السياسية والطائفية، بالاتفاق مع الحكومة العراقية. وكتلة “سائرون” أكثر من شجع الحكومة على إبرام العقد، كي لا يذهب لشركات صينية، أقرب لمنافسي الصدريين من القوى الشيعية الأخرى. وقد غرّد مقتدى الصدر نفسه، على موقع “تويتر”، بشأن ميناء الفاو، حين ضعف موقف الحكومة العراقية، في مواجهة قوى سياسية شيعية، أرادت دفع المشروع بعيداً عن شركة “دايو”».

وتعقيباً على الخرق الكبير، الذي ذكره “بدر”، بتعيين رئيس جديد لشركة الموانئ باستخدام القوة المسلّحة، يؤكد الخبير القانوني “أحمد العبادي” أن «اقتحام مركز الشركة  في البصرة، من قبل نائبين عن المحافظة، بهدف تغيير مديرها، يعاقب عليه القانون، كونه يعدّ إساءة استخدام للوظائف العامة».

ويوضح أن «الدستور العراقي أشار إلى أن وظيفة #مجلس_النواب_العراقي تشريعية ورقابية فقط، وأي تصرّف خارج هذه المسؤوليات يعدّ تجاوزاً لحدود الوظيفة، ويُعاقب وفق قانون العقوبات العراقي، رقم 111 لسنة 1969، بالمادة 331، التي غالباً ما تقضي بالسجن على مرتكبي مثل هذه الأفعال، وبالتالي يمكن تحريك دعوى جزائية، من قبل الادعاء العام، أو الجهة المتضررة، على النائبين، لتحصل بعدها التحقيقات، ومفاتحة مجلس النواب العراقي، لرفع الحصانة عن المتورّطَين، لينالا جزاءهما العادل، وفقاً للقانون».

 

 «الحرب الأهلية قادمة، وشراراتها من البصرة»

ويذهب “اليكس واركيس”، المستشار السابق لرئاسة البرلمان العراقي، في توقعاته لمستقبل الصراع على ميناء الفاو، إلى ما هو أبعد من الحديث عن سيطرة هذه الجهة أو تلك على مقدرات العراق، فـ«ما يحدث في البصرة، من تنازع وتنافس على المغانم، يمهّد لحرب أهلية في العراق، والشرارة ستكون من البصرة».

ويوضح، في حديثه لـ«الحل نت»، أن «هناك توجهاً، منذ العام  2006، لإعلان البصرة إقليماً إدارياً مستقلاً، وهذا الموضوع، إن حصل، ستتدخل فيه إرادات اقليمية وطائفية. وقد تراجع المحافظ السابق للبصرة “محمد مصبح الوائلي” عن هذا الخيار، لأننا حذرناه من حرب شيعية – شيعية».

وأضاف أن «إعلان البصرة اقليماً، الذي تدعمه قوى سياسية مرتبطة بدول إقليمية، هدفه الاستفراد بأغنى محافظات العراق، وهناك مخطط لبيع الثروات والموانئ، تحت عنوان الاستثمار، وأولها ميناء الفاو وحقل “الرميلة”، والقوى الشيعية تتصارع، منذ الآن، لضمان حصتها من الكعكة».

 

«لا نردّ على الأكاذيب»

وحرصاً على عرض كافة المواقف حول الموضوع حاول «الحل نت» التواصل مع النائبين المتهمين باقتحام شركة الموانئ في البصرة، أو الحصول على رد من “سرايا السلام”، أو أحد قيادات التيار الصدري، وهو ما رفضته الأطراف الثلاثة، مكتفيةَ بجملة واحدة فقط:  «لا نردّ على الأكاذيب».

المحلل السياسي “كريم بدر”علّق على هذا بالقول: «التيار الصدري يتهرّب من الحديث عن ملف سيطرته على ميناء الفاو، لأنه مدان، وغير قادر على تقديم ما يثبت ما هو عكس الاتهامات».

ويرى مراقبون أن تمدد التيار الصدري، والميليشيات العراقية المرتبطة بإيران، في المؤسسات الحكومية، وصراعها للسيطرة على خيرات العراق، سيتنامى يوماً بعد أخر، ويتصاعد في فترة ما قبل الانتخابات. أما احتمالات تطوّره إلى حرب أهلية فتبقى رهناً بالمواقف الإقليمية، خاصة موقف #إيران، وحساباتها السياسية في التعامل مع الإدارة الأميركية الجديدة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.