دعم صور الرئيس وفروع الحزب: هل تنفّذ المنظمات الإغاثية الفرنسية في درعا غايات الحكومة السورية؟

دعم صور الرئيس وفروع الحزب: هل تنفّذ المنظمات الإغاثية الفرنسية في درعا غايات الحكومة السورية؟

في وقت تتصدّر فيه سوريا قائمة الدول الأكثر احتياجاً للمساعدات الإنسانية، وفقاً لتصنيف #الأمم_المتحدة، التي قدّرت حاجة السوريين إلى المساعدات بستة ملايين دولار، تعاني محافظة #درعا من غياب شبه تام لأية مشاريع لمساعدة الأسر الفقيرة والمتضرّرة، من أجل إعانتها على مواجهة الظروف المعيشيّة الصعبة، وتعزيز قدرتها على العمل، والمشاركة في الحياة الاقتصاديّة.

وبعد انخفاض وتيرة الأعمال الحربية في درعا وصلت عدة منظمات مدنية فرنسية، للعمل على أراضيها، وأقامت عدداً من المشاريع. إلا أن كثيراً من أهالي المحافظة لا يبدون ارتياحهم لعمل هذه المنظمات، ويؤكدون أن المشاريع التي أقامتها لا تخدم المجتمع المحلي، بل تحقق أجندات #الحكومة_السورية، وتساهم في التطبيع معها.

 

تمويل “إنساني” لوضع صور بشار الأسد

وكشف موظف مسؤول عن أعمال الترميم، في بلدية بلدة “انخل”، لموقع «الحل نت»، شريطة عدم كشف اسمه، عن «قيام منظمة “Triangle Génération Humanitaire”، ذات المنشأ الفرنسي، بتمويل تركيب قوس على الشارع العام في مدخل المدينة، وضعت عليه صورة رأس هرم السلطة في سوريا بشار الأسد».

وحول أسباب قيام المنظمة بتمويل قوس المدينة أوضح الناشط المدني “عبد الرحمن القاسم” أن «رئيس بلدية انخل “ياسين الزامل” تقدّم بطلب تمويل بناء القوس للمنظمة، وأدرج المشروع تحت مسمى “مبادرات للمجتمع المحلي”، لاستكمال مشاريع المنظمة داخل المدينة».

وتنشط المنظمة، التي تأسست عام 1994، ومقرّها مدينة “ليون” بفرنسا، في ريف درعا، وتقوم «بتوفير المياه والصرف الصحي والنظافة، والدعم النفسي الاجتماعي، والتعليم غير الرسمي، وتأهيل المدارس»، وفق ما تفيد على صفحتها الرسمية.

لكن “القاسم” أكد لموقع «الحل نت» أن «المنظمة الفرنسية عملت على مشاريع أخرى، من شأنها خدمة الحكومة السورية، مثل ترميم المخافر الأمنيّة، ومقار فرق #حزب_البعث. كما ترعى نشاطات فرق الكشافة في الحزب، وحفلاتهم الترفيهيّة، وفي المقابل يقوم مكتب الشؤون المالية، في بلدية المدينة، بتسجيل النفقات بالليرة السورية، على أنها مبادرات مجتمعية، دون كتابة أسماء المنظمات المساهمة».

 

منظمات فرنسية تنشط في كنف الحكومة السورية

ليست منظمة “Triangle Génération Humanitaire” المنظمة الفرنسية الوحيدة التي تنشط في مناطق جنوب سوريا، وخصوصاَ محافظة درعا، وفق “محمد المحاميد”، المسؤول السابق في مكتب الإغاثة في “الحكومة المؤقتة”، التابعة للمعارضة السورية.

ويفيد “المحاميد”، في حديثه لموقع «الحل نت»، أن «منظمتي “SOS Chrétiens d’Orient”(إغاثة مسيحيي المشرق)، و”Secours Islamique France” (الإعانة الإسلامية في فرنسا)، تعملان في الجنوب السوري، بدعم من #الاتحاد_الأوروبي، ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، والصندوق الانساني السوري (SHF)، التابع له».

وبدأت هذه المنظمات غير الحكومية عملها، بعد سيطرة #القوات_النظامية على محافظة درعا، في آب/أغسطس 2018، ويرى “المحاميد” أن هدفها «إعادة تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين الحكومة السورية وبلدان الاتحاد الأوربي».

وسبق أن ذكرت صحيفة “Mediapart” الفرنسية أن «منظمة “SOS Chrétiens d’Orient” تدّعي تقديم المساعدات لمسيحيي سوريا، دون التدخّل في الحرب الداخلية في البلاد، لكنها في الواقع تدعم مليشيا #الدفاع_الوطني، التابعة للقوات النظامية، منذ عام 2013».

 

تحرك المنظمات مرتبط بموافقات أمنية

انسحبتْ غالبية المنظمات المحلية والدولية من درعا، بعد فرض اتفاقية التسوية والمصالحة في الجنوب السوري، عقب نشاطها الواسع، أثناء سيطرة المعارضة السورية على المنطقة، وذلك بإيعازٍ من المانحين، بحجة الحالة الأمنية، وخوفاً على العاملين في هذه المنظمات، من خطر الاعتقال أو الاختطاف، نتيجة عملهم.

وبخصوص ماهية أعمال المنظمات الفرنسية، التي وصلت مؤخراً إلى المحافظة، كشف “عبد الرحمن القاسم” أن «أغلب أعمالها الخدمية منحصرة في إصلاح المدراس المدمّرة في المحافظة، ولكنها لا تخلو من محسوبيات وولاءات في تقديم خدماتها، على مستوى قرى بأكملها، فتحرم بعض المناطق من المساعدات، مقابل دعم مناطق أخرى بقوة»، مبيناً أن هذه المنظمات «لا تستطيع تنفيذ أي مشروع، في هذه البلدة أو تلك، إلا بموافقات من مكاتب أمنية».

ويوضح “محمد المحاميد” نظرة السلطات السورية للمنظمات، التي تعمل حالياً في الجنوب السوري، مقابل موقفها من المنظمات الأخرى، التي كانت تعمل سابقاً في المنطقة: «استمرار عمل المنظمات الدولية منوط برضى الحكومة السورية عليها، فأصبح من المستحيل عودة المنظمات التي كانت تعمل سابقا في جنوب سوريا، وذلك بسبب حالة الخوف لدى العاملين فيها. فمهما كان العمل، الذي كانت تقوم به، حتى لو كان خدمياً محضاً، فإنها، بنظر الأجهزة الأمنية السورية، تعاونت فيما مضى مع المعارضة السورية، وحتى لو كان ذلك في مجال الصحة والتعليم فقط».

ويبيّن تقرير لمنظمة “هيومن رايتس ووتش”، نُشر تحت عنوان “نظام مغشوش”، أن «القيود الحكومية المنتظمة على وصول المنظمات الإنسانية إلى المجتمعات المحلية، المحتاجة أو المتلقية للمعونة في سوريا، مرتبطة بالموافقة الانتقائية على المشاريع الإنسانية. كما أن الحكومة السورية تشترط مشاركة الجهات الفاعلة المحلية، التي خضعت لتدقيق أمني، وتُحوَّلها بشكل مركزي لصالح أجهزة الدولة، فيكون الثمن هو منع المساعدة من الوصول إلى السكان بدون عوائق».

كما أكدت المنظمة الإنسانية الدولية أن «المنظمات والوكالات الإنسانية، العاملة في سوريا، قد استجابت غالباً لمطالب الحكومة السورية، خوفاً من فقدان إمكانية الوصول أو الإغلاق، ما يُهدد قدرتها على خدمة السكان، بطريقة تحترم حقوقهم».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.