سرير ضخم مصنوع من الخشب الأسود ومغطى بالفحم و قماش التول الأسود، الأرض مفروشة بسجادة دائرية، الجدران مغطاة بالخطوط المائلة والزوايا حادة، هكذا عبرت الفنانة السوريّة “آلاء سنديان” عن العنف المنزلي الذي تعيشه النساء العربيّات، والذي تضاعف بعد فرض الحجر المنزلي في معرضها الثالث في “بافيليون بدوان” (Pavillon Carré de Baudouin) في العاصمة الفرنسيّة “باريس”.

“آلاء” رمزت بالسرير الأسود المحترق، إلى احتراق العلاقات وأحلام النساء، وبالسجادة الدائرية إلى حبس المرأة داخل دائرة العنف، وبالخطوط والزوايا إلى الفراغ واللا نهاية اللذين تعيشهما النساء المعنفات، كما زينت “آلاء” غرفة نوم المرأة المعنفة بصور لفنانة أخرى تتكلم عن جرائم العنف في فرنسا.

تحكي “آلاء سنديان”، خريجة كلية الهندسة المعمارية في سوريا، الحاصلة على ماستر في هندسة المدن الذكية في ألمانيا، لـ(الحل نت)، أنها تعمل على سلسلة مشاريع حول قضايا المرأة ومشاكلها، وأنه قدمت العام الماضي أولى حلقات هذه السلسلة من خلال عمل يحكي عن جرائم القتل التي اُرتكبت ضد النساء، وكيف قام المجرمون بعرض جرائمهم على السوشال ميديا.

غرفة النوم محرقة المرأة المعنفة

تقول “سنديان”: «يُفترض أن تكون غرفة النوم المكان الأكثر أمناً وحرية، إلا أنها بالنسبة للمرأة المعنفة مكان خطير وساحة جريمة ومحرقة تلتهم كل أحلامها وحياتها، ولذلك اخترت أن أجسد كيف ترى المرأة المعنفة غرفة نومها».

وتتابع: «خلال فترة الحظر عانى أغلبنا من مشاعر سلبية متنوعة كالاحباط أو الملل أو الخوف أو الاكتئاب، لكن إضافة إلى هذه المشاعر، تتعرض العديد من النساء إلى العنف من أقرب الناس إليهن، سواءً من العائلة أو الشريك، الكثير منهن فقدن حياتهن أو انصبن بإعاقات دائمة، لذلك اردت أن أسلط الضوء على معاناتهن».

نعم.. الفن قادر على التغيير

وتُضيف الفنانة والمعمارية: «أي نشاط تقوم به الحركة النسوية له أثر كبير قد يحدث تغيير، وللفن دور مهم في إحداث التغيير، كما أن الفن في وقتنا الحالي قادر على الوصول إلى جمهور واسع، وبالتالي على بث رسائله، سواءً من خلال تسليط الضوء على المشاكل أو إعطاء الصوت للضحايا، وهذا ما أهدف إليه».

تُشير “سنديان” إلى دور مهم قد يلعبه الفن “النسوي”، وتقول: «يشجع الفن بعض الأفراد الخائفون من ردة فعل المجتمع على تبني الأفكار النسويّة، وربما يكون للفن وللسوشال ميديا دوراً في أن الحركة النسوية أصبحت تستقطب الكثير من الأشخاص في الآونة الأخيرة من مجتمعنا السوري».

تشرح “سنديان” آلية العرض الإلكترونيّة التي اُعتمدت في معرضها، فتقول: «عند الانتهاء من التجهيز للمعرض، فرضت السلطات الفرنسيّة فترة حجر منزلي جديدة في البلاد، وتم عرض صالات المعرض على الإنترنت من خلال فيديوهات، وكذلك قامت إدارة المعرض بإنشاء زيارات افتراضية من خلال تقنية 360 إلى موقع مخصص للمعرض»، حيث أن طريقة العرض الإلكترونية قد تتيح لـ”آلاء” إيصال فكرتها إلى الداخل السوري وبقية الدول العربيّة.

بدأت الفنانة السوريّة “آلاء سنديان” مشوارها الفني في أوروبا ببناء مجسمات “كروكي” اسمتها (ما بين دمشق مدينتي وباريس)، جسدت فيها شوارع دمشق المحملة بثقل الذكريات وشوارع باريس التي بدأت تتآلف معها. ثم اتجهت إلى الأعمال المركبة بمشروع (ركام و رحيل) والذي عرض الألم والدمار الذي يسكن في السوري .

في عام 2019، طلبت إدارة مؤسسة فنانين بالمنفى من “سنديان” تصميم السينوغرافيا للصالة الرئيسية لمدينة الفنون في “مونت مارت”، حيث تقام فعالية للفنانين من اختصاصات مختلفة (غناء ومسرح ورسم)، كان الموضوع الرئيسي للفاعلية اللغة، “سنديان” صممت مركب اسمه (الأسماك ليست مشروبات LES POISSON NE SONT PAS DES BOISSONS)، يتكلم عن معاناة اللاجئين المتعلمين والحاصلين على شهادات عليا عند انتقالهم إلى بلد جديد، وكيف أن اللغة تقف عائق في طريق حياتهم المهنية.

اعتمدت “سنديان” لتقديم فكرتها على الأوراق الرسميّة التي يُطلب من اللاجئ أن يقوم بتعبئتها، بالإضافة إلى بعض الكلمات التي تُشكل صعوبة للمتحدثين باللغة العربيّة.

حالياً، تُحضّر “سنديان” لعمل جديد مكون من ثلاثة أجزاء، انستليشن، وبورتريهات، وفيلم قصير يحكي عن النساء اللواتي تم قتلهن خلال السنوات الأخيرة، ويشرح قصصهن، إضافةً إلى مشروع آخر له علاقة بتخصصها في المدن الذكية، حيث تصمم “سنديان” فرش عمراني بخصائص ذكية.


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.