الرقابة الدولية على انتخابات العراق: اعتداء على السيادة أم وقاية من تجاوزات أصحاب السلاح المنفلت؟

الرقابة الدولية على انتخابات العراق: اعتداء على السيادة أم وقاية من تجاوزات أصحاب السلاح المنفلت؟

لا يعود طلب #الحكومة_العراقية من مجلس الأمن الدولي التدخل والإشراف على الانتخابات المبكرة بالنفع على عديد من القوى السياسية، المشاركة في السلطة، خصوصاً تلك التي تُتهم بتوظيف السلاح المنفلت، لتزوير الانتخابات والتلاعب بنتائجها.

وما بين رفض بعض القوى، الفاعلة في الساحة السياسية، للتدخل الدولي، بزعم مساسه بالسيادة، وبين تأييد من يراه ضمانة دولية لانتخابات، قد يشوبها كثير من التزوير وعمليات شراء الأصوات وغياب الشفافية، أثار الدور الأممي في البلاد جدلاً سياسياً.

ووفقاً لخبراء قانونيين فإن الرقابة هي «ملاحظة ومتابعة سير الانتخابات في بلد ما، من طرف منظمات دولية متخصصة، تُصدر تقارير غير ملزمة للدول التي تراقب فيها»، بينما الإشراف يتضمّن «قيام منظمات خارجية وداخلية بالإشراف المباشر والتام على عملية الاقتراع. وتملك هذه المنظمات القدرة على التأثير في نتائج الانتخابات، وضبط سلوك المرشحين، وهو ما يجرى في الدول المستقلة حديثاً، أو تلك التي تشهد فراغاً تشريعياً أو انهيارات أمنية».

 

قوى شيعية: «رقابة لا إشراف»

تبدو القوى السياسية العراقية متفقة على الموافقة على الرقابة، ولكن الإشراف يثير كثيراً من الخلافات. ووفقاً للنائب “حامد الموسوي” فإن تحالف “الفتح”، وهو من أكبر التحالفات الشيعية، «مع الرقابة الدولية على الانتخابات، لكن شريطة أن لا تمسّ السيادة العراقية»، محذّراً من «حرب أهلية، في حال تحوّل الموقف الأممي من المراقبة إلى الإشراف، لأن من شأن هذا إثارة اللغط والشكوك حول الجهة التي ستفوز».

ولا ينكر “الموسوي”، في حديثه لموقع «الحل نت»، دور العامل الدولي، وتأثيره في المشهد السياسي المحلي، إلا أنه يرفض الحديث عمّا يسميه «دوراً ملائكياً لمجلس الأمن في العراق»، معتقداً أن الإشراف الدولي من شأنه «العودة لوصاية للدول الاستكبارية، التي دمرت العراق فيما سبق».

وأضاف: «لدينا شكوك حول تزوير نتائج الانتخابات في مناطق متعددة، وبواسطة السلاح المنفلت، في مناسبات سابقة، ولذلك نحن مع سعي الحكومة العراقية لإنجاح الانتخابات، لكن ليس على حساب السيادة، وتغييب دور القوى العراقية الفاعلة».

وكان وزير الخارجية العراقي “فؤاد حسين” قد قال إن «العراق أرسل طلبا إلى #مجلس_الأمن الدولي بشأن الرقابة الانتخابية»، مؤكداً أن «الحكومة العراقية ماضية بإجراء الانتخابات، التي تُعد أحد أهم الأهداف الرئيسة في منهاجها الحكومي، وهي على استعداد لتوفير كل المتطلبات التي تقع على عاتقها، وتوفير الأجواء الآمنة، لإجراء انتخابات نزيهة، تلبي المعايير الدولية».

 

القوى السنية: «الإشراف لا يمسّ السيادة مطلقاً»

القوى السياسية السنية لديها رأي آخر، فهي لا تمانع الإشراف الدولي على الانتخابات، التي تريدها «حرة ونزيهة، وتتميز بالمشاركة الشعبية الفعّالة».

ويقول “يحيى المحمدي”، النائب عن “تحالف القوى العراقية”، وهو من أكبر الكتل البرلمانية السنية: «لا نمانع إشرافاً دولياً على الانتخابات، ونعتقد أن ذلك لا يؤثر على السيادة  مطلقاً».

واضاف في حديثه لـ«الحل نت»: «السيادة مبدأ دستوري، وهي أحد اركان الدولة، لكن العلاقة مع المجتمع الدولي يجب أن تكون متينة وقوية، والإشراف على الانتخابات لا يخرق السيادة»، موضحاً بأن من شأن الإشراف «وضع حد لعمليات التزوير والتلاعب، التي طالت عمليات الاقتراع في الممارسات السابقة».

ومن المقرر أن تُعقد انتخابات برلمانية مبكرة، أواخر العام الحالي، كانت الدعوة إليها أحد أهم  مطالب الاحتجاجات الشعبية، التي انطلقت في تشرين الأول/أكتوبر، وشاركت بها  قطاعات واسعة من الشعب العراقي.

 

“الصدر” و”المالكي”: حلفاء الأمس وأعداء اليوم

إلا أن موقف القوى السياسية الشيعية لا يبدو موحّداً للغاية، فإصرار مقتدى #الصدر، زعيم #التيار_الصدري، على منع التزوير في الانتخابات المقبلة، يدفعه لقبول الإشراف دولي عليها، مشترطاً «عدم تدخّل الدول الإقليمية والدولية في شؤون العراق الداخلية».

الصدر، الذي اعتبر الإشراف الدولي «خطوةً مهمة لمنع حدوث التزوير والتلاعب بنتائج الانتخابات»، حذّر في مؤتمر صحفي، عقده في مقر اقامته في #النجف، من «محاولات تزوير قد تتعرّض لها النتائج، من قبل الأحزاب المتنافسة للسيطرة على مقدرات الدولة».

لكنّ نوري #المالكي، زعيم “حزب الدعوة الإسلامية”، ورئيس الوزراء العراقي الأسبق، أعلن رفضه للإشراف الدولي على الانتخابات العراقية المنتظرة، وأبدى موافقته على المراقبة فقط، موضحاً أنه «لا توجد دولة تقبل بإشراف دولي على انتخاباتها».

وأبدى المالكي، في تصريحات متلفزة، تخوّفه من «انعكاسات السلاح المنفلت على الانتخابات»، مؤكداً أنه «لا يمكن إجراؤها دون وجود أمن انتخابي».

 

رغبة دولية بالمشاركة

“جمانة غلاي”، الناطقة الرسمية لمفوضية الانتخابات في العراق، أكدت أن «المفوضية استقبلت عديداً من طلبات مراقبة الانتخابات، من منظمات عربية وأجنبية».

وقالت “غلاي” في اتصال هاتفي مع موقع «الحل نت»: «استقبلنا عدداً من الطلبات لمراقبة وقائع الانتخابات، من الكويت ومصر والسعودية وإيطاليا واليابان وفنزويلا وفنلندا والفلبين ولبنان واليونان والهند وفرنسا»، كاشفة عن «تلقي واحدة وسبعين دعوةً دولية، للمشاركة في مراقبة العملية الانتخابية، جاءت اثنتين وخمسين منها من سفارات عربية وأجنبية، وتسع عشرة دعوة من منظمات دولية».

واختتمت تصريحاتها بالقول: «سنبذل قصارى جهدنا لإجراء انتخابات تتميّز بالشفافية والنزاهة، ولن ندّخر جهداً في فضح أي محاولات تنال من هذه الغاية».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.