تزوير سجلات العقارات في نينوى: كيف “ورث” الحشد الشعبي أملاك النظام السابق والمسيحيين وتنظيم داعش في الوقت نفسه؟

تزوير سجلات العقارات في نينوى: كيف “ورث” الحشد الشعبي أملاك النظام السابق والمسيحيين وتنظيم داعش في الوقت نفسه؟

شهدت مدينة #الموصل، مركز محافظة #نينوى في العراق، حملة اعتقالات واسعة، طالت موظفين حكوميين، متهمين بتزوير مستندات عقارية، مملوكة للدولة ومواطنين مسيحيين، وأخرى مسجلة بأسماء عناصر في تنظيم #داعش.

وأصدرت وزارة العدل العراقية، مطلع العام الجاري، قراراً بإغلاق “دائرة التسجيل العقاري الأيسر” في الموصل، لإجراء التحقيقات، وجرد العقارات التي زُوّرت ملفاتها، وتم بيعها لأشخاص مرتبطين بميليشيات متنفّذة في الموصل، بحسب مسؤولين محليين.

 

سندات آلاف العقارات مفقودة

النائب “عبد الرحيم الشمري” قال إن «عمليات اعتقال المتورطين في القضايا العقارية جرت بناءً على مذكرات قبض، أصدرتها محكمة الإرهاب بحقهم، شملت موظفين في التسجيل العقاري، ودوائر حكومية أخرى، منها بلدية الموصل».

ولفت “الشمري” الى أن «تزوير المستندات والسجلات لم يشمل فقط عقارات تعود ملكيتها إلى الدولة، بل كذلك إلى مواطنين، اكتشفوا أن عقاراتهم أصبحت مسجّلة بأسماء آخرين، وكثير من هؤلاء مسيحيون، كانوا قد تركوا الموصل بسبب الظروف الأمنية، التي سادتها قبل وخلال سيطرة داعش على المدينة».

وكانت تصريحات قد صدرت عن “حسن العلاف”، النائب الثاني لمحافظ نينوى، أفادت أن «التزوير، في السجلات العقارية، تسببت بضياع خمسة آلاف دونم من الأراضي التابعة للدولة العراقية في مدينة الموصل».

وحمّل “العلاف” موظفي التسجيل العقاري، في جانب مدينة الموصل الأيسر، أو “طابور الزهور”، كما يُعرف شعبياً، مسؤولية «تزوير السجلات وسرقة الأراضي».

واتهم نائب المحافظ قائمقام المدينة “زهير الأعرجي” بـ«التواطؤ، لعدم إزالته تجاوزات تم الإبلاغ عنها، على أراضٍ تعود ملكيتها للدولة، حسبما يقتضي عمله».

“الأعرجي”، الذي كان قد أوقف عن العمل، في حزيران/يونيو 2020، وخضع لتحقيقات قضائية، بشأن ما نُسب إليه، أكد أن «جهات سياسية تستهدفه، وأن مساحة الأراضي، المُعلن عن تزوير أورقها، مُبالغٌ بها كثيراً، لأنها قد تفوق مساحة مدينة الموصل نفسها».

واتهم “الأعرجي” بدوره “دائرة التسجيل العقاري العامة” في #بغداد بـ«الاشتراك في عمليات التزوير، التي جرت في فرعها بمدينة الموصل».

 

«لا أحد يجرؤ على تسمية المستفيدين» 

مصدر في “مديرية التسجيل العقاري الأيسر” في الموصل، ذكر لموقع «الحل نت» أن «وزارة العدل العراقية أصدرت قراراً، مطلع كانون الثاني/يناير2021، يقضي بإغلاق الدائرة لشهرين، لحين إكمال التحقيقات اللازمة، بخصوص التلاعب بالسجلات العقارية».

وأضاف المصدر، الذي فضّل عدم الإشارة إلى اسمه، أن «متنفذين في #الحشد_الشعبي، المتواجد في المدينة، منذ تحريرها من داعش عام 2017، هم المستفيدون الأساسيون من تزوير الأوراق الرسمية، وبيع الأراضي التابعة للدولة، ويجبرون الموظفين على القيام بذلك».

واستدرك بالقول: «لكن لا أحد يجرؤ على ذكر أسمائهم، لأنهم يسيطرون على كل شيء، وبوسعهم أن يوجهوا لأي شخص تهماً كيدية بالانتماء الى داعش، مما يعني أحكاماً قضائية، قد تصل إلى الإعدام».

وكشف عن «فقدان الدائرة أكثر من 9522 ملفاً عقارياً، تعود لعقارات عامة وخاصة، تقع في الجهة الشرقية لمدينة الموصل، التي تُسمى “الجانب الأيسر”».

وكانت قوات الأمن العراقية قد اعتقلت “فرحان حسين طه”، مدير “دائرة التسجيل العقاري  الأيسر”،  في السادس والعشرين من آذار/ مارس 2019، وصدر حكم قضائي بحقه بالسجن لخمس سنوات وشهر واحد، وفق المادة (340) من قانون العقوبات العراقي، المتعلّقة بإحداث الموظف أضراراً بأموال عامة موكلة إليه.

وقبل نهاية عام 2019، اعتقلت القوات الأمنية “محمد حسين الأعرجي”، المدير الثاني لذات الدائرة، وبالتهمة نفسها، أي التلاعب بسجلات عقارات مملوكة للدولة، لكن «تم الإفراج عنه لاحقاً، بعد تدخّل فصائل مسلحة»، حسبما أفاد مصدر في ديوان المحافظة.

ولطالما شكّلت عقارات نينوى مصدراً لتمويل الجماعات المسلحة، بمختلف صنوفها، فقد كان تنظيم #القاعدة، ومن بعده داعش، يهددان باستمرار باستهداف الدائرة وموظفيها، في حال تم ترويج معاملات نقل الملكية، لكونهما يعتبران عقارات المدينة مملوكة لهما، بحسب بيانات كانت تصدر عنهما باستمرار. فتعطلت، على مدى سنوات، معاملات نقل الملكية، المتعلّقة بأكثر من مئة وخمسة وعشرين ألف وحدة عقارية. وكان المواطنون يكتفون بتصديق عقود بيع وشراء العقارات لدى المحكمة المدنية، لضمان حقوق طرفي البيع، دون تسجيل ذلك في الدائرة المختصة.

ووصل الأمر بالجماعات المسلحة إلى اغتيال مديرين للدائرة، وهما “درواز نذير”، الذي قُتل صيف 2006 جنوبي الموصل، و”خولة السبعاوي”، التي اغتيلت أمام منزلها، في شباط/فبراير2011.

 

الطرف الرئيسي مسكوتٌ عنه

“خالد العبيدي”، وزير الدفاع العراقي السابق، والنائب الحالي عن محافظة نينوى، ذكر أمثلة عن الطرق، التي يتم بها الاستيلاء على أراضي الدولة، منها «قيام سيدة، تنتمي لجهة سياسية نافذة، باقتحام دائرة التسجيل العقاري، بصحبة أفراد حماية، مدججين بالسلاح، للتلاعب بمستندات الأراضي، فارضةً الأمر على الموظفين بالقوة»، على حد قوله.

وقال “العبيدي” إن تلك السيدة كانت «تستولي على الأراضي الزراعية، وتقوم بتقسيمها وبيعها لجمعيات الإسكان، دون رادع، لكون القوة، التي تقف خلفها، متنفّذة جداً في الموصل».

المحامي “عبد المحسن غسان” قال لـ«الحل نت» إنه فضلاً عن «سيطرة ميلشيات الحشد الشعبي على عقارات، كان يمتلكها عناصر منتمون لداعش، قام أفرادٌ تابعون لها، أو مدعومون منها، بالسيطرة على أراضٍ تابعة للدولة العراقية، داخل مدينة الموصل، كانت مخصصة لإنشاء مرافق عامة عليها، مثل المراكز الصحية والمتنزهات، وقاموا بتقسيمها، وبيعها لمدنيين، بملايين الدولارات«.

محافظ نينوى “نجم الجبوري” ذكر أن «التلاعب جرى في عقارات مُسجلة بأسماء عناصر من تنظيم داعش»، وقال إن «هذه العقارات في الاصل محجوزة بموجب أوامر قضائية، وهنالك من قام بتزوير سندات هذه العقارات، لغرض بيعها، وجزء من هذه الاموال تذهب لتمويل التنظيم».

وأوضح “الجبوري” أن «هذه القضية منظورة الآن أمام المحكمة المختصّة، وهناك تحقيقات تجرى أيضاً، بخصوص تلاعب كبير جرى في سجلات الأراضي الزراعية، توّرط به موظفون حكوميون».

«الحل نت» حصل على معلومات تفيد بـ«تسلّم اللجنة المالية في #مجلس_النواب_العراقي تقريراً من وزارة المالية العراقية، يؤكد تزوير أكثر من مئة وخمسين ألف سند عقاري عائدٍ للدولة، في مختلف مناطق العراق، منذ عام 2003 ولغاية عام 2020».

النائب “ظافر العاني” أكد هذه المعلومات، وأشار الى أن «العقارات المُستولى عليها تتركز في محافظتي نينوى والبصرة، وهي عقارات كانت تعود ملكيتها لأفراد في النظام العراقي السابق، وكذلك لدوائر ومؤسسات حكومية، وضعت أحزاب وكيانات سياسية شيعية مسلّحة اليد عليها، وتصرّفت بها».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.