كسر “مخلب النسر”: هل ستستهدف تركيا “قسد” و”الشعوب الديمقراطي” رداً على تعثّر عملياتها ضد “العمال الكردستاني”

كسر “مخلب النسر”: هل ستستهدف تركيا “قسد” و”الشعوب الديمقراطي” رداً على تعثّر عملياتها ضد “العمال الكردستاني”

«بعد مجزرة “غارا”، التي ارتكبتها ميلشيا #حزب_العمال_الكردستاني، بحق المواطنين الأتراك، لم يعد بإمكان أي دولة أو منظمة أو كيان أو شخص مساءلة #تركيا، عن عملياتها في العراق وسوريا».

بهذه العبارات كشف الرئيس التركي رجب طيب #أردوغان نواياه الجديدة، تجاه سوريا والعراق، وذلك في سياق حديثه عن نتائج عملية “مخلب النسر” الثانية، التي أطلقتها بلاده في العاشر من شباط/فبراير الجاري، قبل أن تُعلن إنهاءها في الرابع عشر من الشهر نفسه.

وكان “خلوصي آكار”، وزير الدفاع التركي، قد أشار إلى أن العملية العسكرية، التي تمت في شمال العراق، «انتهت بعد تحييد خمسين مسلحاً من حزب العمال الكردستاني»، فيما تحدثت وكالة “الأناضول” التركية عن «مقتل ثلاثة عشر مدنياً تركياً، على يد عناصر حزب العمال».

تصريحات وزير الدفاع التركي، قوبلت برواية كُردية مختلفة، فقد أكد حزب  العمال الكردستاني، الذى تصنّفه تركيا منظمةً إرهابية، «وقف الهجوم، بعد تعرّض الجيش التركي لخسائر فادحة، فقد قُتل أكثر من خمسين جندياً، إضافة إلى عشرات الجرحى».

ونفى الحزب الكردي قيامه بقتل ثلاثة عشر مدنياً تركياً، كانوا في قبضته، مؤكداً أنهم «عسكريون وليسوا مدنيين، وقُتلوا بعد استهداف سلاح الجو التركي سجناً كان يضمّهم». بحسب بيان للحزب، اطلع «الحل نت» على نسخة منه.

وأثار تعثّر عملية “مخلب النسر” الثانية حالة من الغضب داخل الأوساط التركية، فشن “كمال كليجدار أوغلو”، زعيم “حزب الشعب الجمهوري” المعارض، هجوماً على الرئيس التركي أردوغان، في كلمة له أمام نواب الحزب في البرلمان التركي، يوم السادس عشر من  شباط/فبراير.

تصريحات “أوغلو” لم تعجب أردوغان، الذى شنّ هجوماً مضاداً على “حزب الشعب” وزعيمه، خلال كلمته يوم الأربعاء، الرابع والعشرين من شهر شباط/فبراير، أمام الكتلة البرلمانية لـ”حزب العدالة والتنمية”، قائلاً «إنهم لا يخجلون، لدرجة أن يحملوني مسؤولية مقتل الجنود».

كما تسببت العملية في خلافات داخل إدارة أردوغان نفسها، فقد انتقد وزير الداخلية التركي “سليمان أوصلو” وزير الدفاع التركي “خلوصي آكار” بحدة، مؤكداً أنه «لو قامت الشرطة المدنية، التابعة لوزارة الداخلية التركية، بالعملية، لحققت نجاحاً أكبر مما حققته القوات العسكرية لوزارة الدفاع»، كما نشرت صحيفة “زمان” التركية.

وفى إشارة واضحة إلى النية بشن عمليات تركية جديدة، تعهّد وزير الداخلية التركي، في تغريدة على موقع “تويتر”، باعتقال “مراد قره يلان”، القائد الكردي الميداني، وعضو المكتب التنفيذي لحزب العمال الكردستاني، و«تمزيقه إرباً»، حسب تعبيره. وأضاف: «إن لم نحقق ذلك، فلتبصق الأمة جمعاء في وجوهنا».

ولم تتوقف عمليات القصف التركي على مناطق #إقليم_كردستان العراق، ومناطق “جبل قنديل”، معقل حزب العمال الكردستاني، حتى ساعة إعداد التقرير.

 

عقدة صعبة

“أنس ماماش”، الباحث الأرميني المتخصص في الشؤون التركية، يؤكد أنه «بعد معركة “كاري” أصبحت حكومة أردوغان تترنح تحت ضغط داخلي وشعبي كبيرين».

وأضاف “ماماش”، في حديثه لموقع «الحل نت»، أنه «حتى تستطيع حكومة حزب العدالة والتنمية التخلّص من كل تلك الضغوطات، فهي مجبرة على عملية عسكرية أخرى»، مشيراً، في الوقت نفسه، إلى أن «هناك عقبات كبيرة أمام تركيا في القيام بذلك، خاصةً بعد وصول جو #بايدن للسلطة بأميركا، فقد قامت الولايات المتحدة، مؤخراً، بزيادة عدد عناصر جيشها في العراق وسوريا».

وأوضح الباحث الأرميني أن «إيران قامت، من جهة أخرى، بتعزيز وجودها في #سنجار، عن طريق #الحشد_الشعبي، لمواجهة أي هجمة تركية مفاجئة»، مشيراً إلى أنه «في حال قيام اردوغان بهجوم على سوريا أو العراق، سيكون هناك تهديد مباشر على سلامة الجيش الأميركي، المتواجد في البلدين، وهو ما لن يسمح به بايدن، فضلاً عن أن حدوث ذلك سيؤزم العلاقات، المتأزمة بطبيعتها، بين #أنقرة وواشنطن».

ويشير “ماماش” إلى أن «أردوغان سيستغلّ العملية ونتائجها في التصعيد ضد الكُرد داخل تركيا، لتصفيتهم سياسياً، وتحميل مسؤولية قتل الجنود الأتراك لـ”حزب الشعوب الديمقراطي”، المُتهم بقربه من حزب العمال، في محاولة لإضعاف السياسة المُشرعنة للكُرد داخل تركيا».

 

عوامل الهزيمة

من جانبه يري الخبير العراقي “د.جواد البيضاني” أن «تركيا لم تقرأ أرض المعركة قراءةً جغرافية موضوعية، فالأرض جبلية وعرة، فيها كهوف، وحواف الجبال بها حادة، وعمليات الإنزال فيها صعبة، إذا لم يكن هناك سيطرة برية مسبقة عليها».

وأوضح لـ«الحل نت» أن «عملية الإنزال التركية حدثت وفق الأساليب التقليدية في الحرب، وهو ما لا يتوافق مع طبيعة المنطقة، وبالتالي فشلت القوات التركية في تحقيق غاياتها، لأن حزب العمال الكردستاني يملك السيطرة على مناطق عديدة بالمنطقة. وعندما وقع الإنزال حدث مالم يتوقعه الجيش التركي، وهو تمكّن الحزب من القضاء على جزء كبير من المقاتلين الأتراك».

وبحسب “البيضاني”، وهو مدير “المعهد العراقي للدراسات الكردية” في #بغداد، فإن «الجيش التركي ضعف كثيراً، بعد محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016، وعمليات التنكيل، التي تعرّضت لها قياداته في الشوارع. ما أدى لخفض الروح المعنوية للجنود. وإذا حدثت أي مواجهة أو صدام مباشر مع قوات أخرى، لن يُثبت الجيش التركي تفوقاً عسكرياً، بسبب الروح المعنوية المنخفضة لجنوده، منذ الانقلاب».

الجانب الآخر في هزيمة الأتراك، كما يري الخبير العراقي، هو «المعنويات العالية لدي مقاتلي “العمال الكردستاني”، الذين يمتلكون عقيدة وفكرة راسخة في أذهانهم، تجعلهم مقاتلين أشداء، رغم ضعف سلاحهم وعتادهم، قياساً بالجيش التركي».

وعن الرد الانتقامي التركي المتوقّع أشار الخبير العراقي إلى أن «تركيا قد تلجأ لانتقاء أهداف ضعيفة، لصناعة انتصار إعلامي في العراق وسوريا، أو قد تضيّق الخناق على #قوات_سوريا_الديمقراطية “قسد”، في جبهة معيّنة، لرد اعتبارها، بعد هذه النكسة الكبيرة»، مشدداً على أن «حظوظ أردوغان في الانتقام داخل سوريا قليلة جداً، فأقصى ما يمكنه فعله الضغط على “قسد” في شمال وشرق سوريا، ولكنّ الأميركيين والروس هم من يديرون المشهد في المنطقة بالنهاية؛ أما في العراق، فلن يستطيع فعل أكثر مما يفعله يومياً، أي تنفيذ ضربات جوية ضد المناطق الجبلية بإقليم كردستان».

 

فشل متوقع

بدوره اعتبر “إبراهيم كابان”، مدير “شبكة الجيوستراتيجي للدراسات”، أن «وجود عناصر أمنية تركية في قبضة حزب العمال الكردستاني شكّل ورقة ضغط كبيرة على النظام التركي، لذا فإن عملية “مخلب النسر” الثانية كان يُقصد بها إنهاء هذا الملف، سواء بتخليص هذه العناصر أو قتلها»، موضحاً لـ«الحل نت» أن  «ما حصل بالضبط هو قتلهم، والتخلّص من ذاك العبء بالنسبة للنظام التركي».

وقال “كابان” إن «تركيا ترى نفسها قوة اقليمية محورية، وتتحرك وفق هذا التصوّر في العراق وسوريا، إلا أن الظروف الدولية أصبحت لا تخدم طموحاتها، فالوضع السوري صار مقيّداً بالمصالح والتحركات الأمريكية والروسية، وبالتالي لا يمكن إجراء أية عمليات عسكرية، دون الحصول على موافقة الطرفين معاً، وهذا في المطلق غير ممكن، بحكم إن التوافقات بين روسيا وأمريكا في عهدة بايدن، والاستراتيجية الأميركية الجديدة أفرزت تطورات جديدة على الساحة السورية، وليس من السهل ان يغامر النظام التركي بأية عمليات عسكرية واسعة».

وبحسب “كابان” فإن «الوضع العراقي أيضاً معقّد، والشارع العراقي منقسم بين الموافق والرافض لأي تحركات تركية، في المناطق التي يتواجد فيها عناصر حزب العمال، فهناك شريحة سياسية وعسكرية وشعبية عراقية ترفض أي عملية عسكرية تركية، فيما هناك شرائح أخرى تؤيد التوجهات التركية، وبذلك لا يحصل النظام التركي على الموافقة الكاملة».

واختتم حديثه بالقول: «إذا أطلقت تركيا عملية عسكرية، ضد حزب العمال، فيجب عليها أن تنهيها بسرعة، أي في وقت محدد، وهذا لا يوفر لها إحراز أي نجاح، خاصةً أن الحزب منتشر أساساً في تركيا، أكثر من الجبال الحدودية في إقليم كردستان العراق، وبذلك فإن ما تسعى إليه القوات التركية، على ما يبدو، هو تكريس وجودها في الإقليم، على المدى الطويل، وليس القضاء، شبه المستحيل، على حزب العمال الكردستاني».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة