فضيحةٌ مُدوّية لـ (الفيسبوك) بعد حظرها حساباتٍ كُرديّة بضغطٍ تركي

فضيحةٌ مُدوّية لـ (الفيسبوك) بعد حظرها حساباتٍ كُرديّة بضغطٍ تركي

«هذه هي الطريقة التي تؤمن بها تركيا، حليفة الناتو، على حدودها»، كتبت وحدات حماية الشعب (العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية) تلك العبارة في أحد حساباتها على موقع “إنستغرام” المملوك لشركة “فيسبوك” مرفقةً معها صوراً لعددٍ من مقاتليها أُصيبوا بجروحٍ قاتلة، عام 2018 إبّان هجوم الجيش التركي وفصائل «الجيش الوطني» المدعوم منه، على مدينة “عفرين” شمالي سوريا، لكن الشركة حذفت الحساب بداعي انتهاكات سياسة النشر.

لكن الحقائق بدت تتكشّف، حول خضوع شركة (الفيسبوك) المملوكة لـ “مارك زوكربيرج” لرغبات تركيا تجاه شعوب المنطقة، والتي قد تكون سبباً في تصنيف الشركة على أنها «مثالٌ سيء للقضايا المستقبلية».

هو ما جاء في موقع (ProPublica) “بروبوبليكا” (مقرّه في نيويورك)، وذكره (إندبندنت) العربية في تحقيقٍ نُشِر بداية آذار مارس الجاري.

فقد تحدّث التقرير عن انحياز (الفيسبوك) لمطالبةٍ تركيّة بحجب صفحات أغلبها من الكُرد، لإسكات «عدو» لتركيا، لمنع تراجع أعمال الشركة وسط حملة عسكرية تركية عام 2018.

التقرير كشف عن وجود تعاون بين إدارة “فيسبوك”، والحكومة التركية منذ عام 2018، عندما شنت الأخيرة هجوماً على مدينة عفرين شمالي سوريا، في مواجهة “قوات سوريا الديمقراطية”، وذلك بحذف منشورات وحدات حماية الشعب.

ووفقاً لرسائل البريد الإلكتروني الداخلية، فقد تضمّن المحتوى الذي اعتبرته تركيا مسيئاً، صوراً على موقع “إنستغرام” المملوك لشركة “فيسبوك” تظهر مقاتلي (YPG) الجرحى والجنود الأتراك وربما المدنيين في ذلك الوقت، حيث انتقدت وحدات حماية الشعب ما فهموا أنه رقابة “فيسبوك” على مثل هذه المواد، واعتبروه «إسكاتاً لصوت الديمقراطية في ظل غزو عفرين، حيث تتعرض تلك الوحدات لهجمات إلكترونية شديدة».

وبعد ثلاث سنوات، لا يزال يتعذر على مستخدمي “فييسبوك” داخل تركيا مشاهدة صور وتحديثات هذه الصفحة، حول الهجمات العنيفة للجيش التركي على الأقلية الكردية في سوريا.

ورغم أن الشركة ذاتها، علّقت فيما مضى على القانون التركي الذي يشترط أن يكون لشركات التواصل الاجتماعي وجود قانوني في البلاد، قائلةً: «نعتقد أن حرية التعبير هي حق أساس من حقوق الإنسان، ونعمل بجد لحماية هذه القيم والدفاع عنها في جميع أنحاء العالم»، إلا أنها رضخت للمطالبات التركية.

وكان الحل النهائي للشركة العالمية، هو “الحظر الجغرافي” أو حظر المستخدمين بشكل انتقائي في منطقة جغرافية من مشاهدة محتوى معين، في حالة تصاعد التهديدات من المسؤولين الأتراك، وسبق أن تجنب “فيسبوك” هذه الممارسة، على الرغم من أنها أصبحت إشاعة بشكل متزايد بين الحكومات التي تريد إخفاء المنشورات من داخل حدودها.

وأكد تقرير “بروبابليكا” أن (الفيسبوك) اتخذ قراراً بتقييد الصفحة في تركيا بناءً على أمر قانوني من حكومة البلاد، وبعد أن أصبح واضحاً أن عدم القيام بذلك سيؤدي إلى إغلاق خدماتها في البلاد تماماً. قالت الشركة إنه تم حظرها من قبل في تركيا، بما في ذلك ست مرات عام 2016.

وفي حكمٍ مؤلف من تسع صفحات صادر عن محكمة السلام الجنائية الثانية في أنقرة، أدرج المسؤولون الحكوميون صفحة وحدات حماية الشعب على “فيسبوك”، ضمن عدة مئات من عناوينURL  الخاصة بوسائل التواصل الاجتماعي التي اعتبروها تثير إشكالية.

من جانبه، أُبلِغ موقع “فيسبوك” عن نحو 15300 طلب حكومي حول العالم لقيود المحتوى خلال النصف الأول من عام 2018. جاء 1600 طلب من تركيا خلال تلك الفترة، كما تظهر بيانات الشركة.

وهو ما يمثل نحو 10 في المئة من الطلبات على مستوى العالم، وفي منشور موجز قال “فيسبوك” “إنه قيد الوصول إلى 1600 عنصر استجابة لطلبات من منظم الاتصالات التركي والمحاكم والوكالات الأخرى.

لا يكشف “فيسبوك” للمستخدمين أن صفحة YPG محظورة بشكل صريح، وفي حال استخدام برامج حجب التصفح في الإنترنت من داخل الدولة، سيرد في إشعار: «قد يكون الرابط معطلاً، أو ربما أزيلت الصفحة».

فيما لا تزال الصفحة متاحة على “فيسبوك” للأشخاص الذين يشاهدون الموقع من خلال مزودي الإنترنت في الولايات المتحدة.

في غضون ذلك، اعتبر فريق المراجعة، الذي ضم رئيسة السياسة العالمية مونيكا بيكرت، أن «الحظر الجغرافي لوحدات حماية الشعب لا يخلو من المخاطر، فمن المرجح أن يلاحظ النشطاء خارج تركيا أفعالنا، وقد يلفت قرارنا الانتباه غير المرغوب فيه إلى سياستنا العامة للحظر الجغرافي».

بدوره قال السيناتور الديمقراطي عن ولاية أوريغون، رون وايدن، وهو ناقد بارز على “فيسبوك”: «لا يمكن لـ”فيسبوك” أن يرضخ للسلطويين لقمع المعارضين السياسيين ومن ثم الادعاء أنهم يتبعون الأوامر القانونية. يتعين على الشركات الأميركية أن تدافع عن حقوق الإنسان العالمية، وليس فقط البحث عن أرباح أكبر».

وعليه، يبدو أن أولوية مالك (الفيسبوك) “مارك زوكربيرغ” هي حماية أصحاب النفوذ والمرابح النهائية لشركته، حتى لو كان ذلك يعني أن الفئات المهمشة تدفع الثمن.


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.