استطاعت الشابة العشرينيّة “آسيا أحمد”، أن تدشن مشروعها الرابع لبيع النظارات الطبيّة والشمسيّة في سوق “منتوجات المرأة” بمدينة القامشلي، لإكمال مسيرتها العملية الخاصة المليئة بالحب والشغف والتي بدأتها وهي بعمر صغير.

تقول “آسيا” لـ( الحل نت)، أنها أول شابة أدارت مشروعها الخاص لبيع النظارات في مدينة القامشلي منذ أن كانت في الرابعة عشر من عمرها، قبل أن يكبر مشروعها ويتوسع، وأضافت: «كنت شغوفة منذ طفولتي بألوان النظارات وتشكيلاتها العصريّة الساحرة، وواظبت على شراء المجلات التي كانت تحوي على صور الفنانات اللواتي يرتدين النظارات الشمسيّة التي تتغير مع مرور الزمن، إضافةً إلى متابعة الدعايات والإعلانات التي تعرض أخر صيحات الموضة، وخاصة تلك النظارات ذات الألوان الصيفية والخريفية التي كانت تجذبني وتجعلني أتمنى اقتناءها أو صنعها».

وتكمل “أحمد”: «كبرت الفكرة لدي بتشجيعٍ من والدي الذي وعدني بافتتاح محل خاص بي لبيع النظارات الشمسيّة، وذلك  حينما كنت في الرابعة عشر من عمري».

تضيف “آسيا” أنها استأجرت محلاً في السوق كبداية لانطلاق مشروعها، الذي بدأ بعرض كمية قليلة من البضاعة وبأصناف محدودة جداً، وأكدت أنها واجهت صعوبات كثيرة منها قلة الإقبال على محلها، ورجّحت إلى أن السبب يعود لـ «عدم توفر أصناف وأشكال مختلفة من النظارات، حيث أن المحال التي تحوي كميات قليلة من البضاعة لا تلفت انتباه الزبائن، وهو ما أصابني بالإحباط في بداية عملي، وكنت أخسر من رأس المال، وأحياناً تكون أرباحي قليلة، وحاولت أن أنفق تلك الأرباح بجلب بضاعة جديدة، حتى امتلأت رفوف المحل وواجهته بالكثير من الموديلات، كما أنني اتفقت مع مورد البضاعة أن أدفع له بالتقسيط وعلى دفعات من ثمن حصتي، حتى دارت عجلة عملي وحققت أرباحاً كبيرة، ومن هنا كانت البداية لازدهار محلي وشعوري بالأمل بأنني سأحقق النجاح».

بعد مرور فترة زمنية طويلة، تزينت واجهة محل “آسيا” بالنظارات الشمسيّة والطبيّة كما تقول، واستطاعت أن توسع عملها لتفتتح محلاً آخر في السوق قريب من محلها القديم، ووصلت لعمر الـ 20 وهي تدير ثلاث محال لبيع النظارات، وتتابع “آسيا”: «أسعار النظارات التي كنت أبيعها، كانت أقل بكثير من أسعار السوق، وكنت أحرص دوماً أن تكون هناك بضاعة تتناسب أسعارها مع كل طبقات المجتمع، حيث ضمت المحلات نظارات تتفاوت أسعارها بين المنخفضة والمرتفعة».

وأضافت في حديثها، أنها تقدمت بطلب الحصول على فرصة افتتاح محل في سوق منتجات المرأة لتديره بنفسها، بعد التسهيلات الكبيرة المقدمة من قبل هيئة البلديات في القامشلي، للنساء الراغبات بإدارة محلات خاصة بهن، حيث قدمت البلدية لكل شابة مبلغ 500 دولار أميركي لشراء البضاعة، مشيرةً إلى أنها كزميلاتها في السوق، لم تدفع أجار المحلات إلا بعد مضي ستة أشهر على افتتاح السوق كدعم من البلدية للمشاركات في المشروع، وتكمل بقولها: «أفكر في افتتاح محلات أخرى في عدة مدن مثل عامودا وديريك والحسكة وغيرها، فطموحي أن أوزع بضاعتي على كافة المناطق  في شمال شرق سوريا».

وتشير “آسيا” الى أنها تحاول قدر الإمكان أن تلبي كل خيارات الزبائن، لأن «الناس أذواق»، وهذا الأمر يجعل بضاعتها مرغوبة من قبل الجميع وتباع بسرعة، على حد وصفها.

وعن التحديات التي تقابلها النساء في حياتهن العملية والتي تشكل عائق أمام تقدمهن وتحقيق طموحهن، تقول “أسيل دانيال” شابة في العقد الثالث من العمر، تعمل مُدرسة في روضة أطفال بمدينة الحسكة، أن «النساء الطموحات تمتلكن قدرات خاصة وطاقة إيجابية، تمكنهن من تخطي كافة العراقيل والمشاكل والصعاب»، وأضافت في حديثها لـ(الحل نت): أن « العديد من النساء اللواتي التقت بهن وتعرفت عليهن عن قرب، غيرن الصورة النمطية المعروفة عن تاء التـأنيث داخل المجتمع الذي تعيش فيه، واستطعن أن يقمن بإنجازات كبيرة من خلال خوضهن عدة تجارب ناجحة، حيث غدت أعمالهن نموذجاً ومثالاً يحتذى به»، كما أضافت: «آسيا وغيرها الآلاف من الفتيات والنساء حققن إنجازات كثيرة وكن شخصيات ملهمة لغيرهن».

ولفتت الباحثة الاجتماعية “أمل مريوش” إلى الدور الاقتصادي الهام الذي تقوم به العاملات في المجتمع من خلال أنشطتهن المتنوعة وخاصةً المشاريع الصغيرة المربحة التي استطعن خلالها إعالة أسرهن والوقوف في سوق العمل والقدرة على إدارة عملهن وتقوية شخصيتهن والوقوف بوجه المجتمع الذي يقف كعائق أمام تقدم المرأة.

وعن نظرة المجتمع لعمل النساء، أضافت “مريوش” لـ(الحل نت): أن «المجتمع كان ولا يزال يعيق وجود المرأة في كافة المهن، لكنها مستمرة بتطوير نفسها وبشكل ملفت وملحوظ لتحقيق أحلامها، حيث رأينا دخول المرأة سوق العمل بقوة وبعدة مجالات ومهن كان يرفضها المجتمع بحجة أنها لا تناسب المرأة، كما استطعن من خلال نجاحهن أن يغيرن محيطهن ليتقبلن ويدعمن المرأة على كافة الأصعدة».


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.