النزوح السوري بسبب الفقر والحرب: هل مازالت المدن العراقية ملاذاً للسوريين رغم انتشار كورونا والفوضى الأمنية؟

النزوح السوري بسبب الفقر والحرب: هل مازالت المدن العراقية ملاذاً للسوريين رغم انتشار كورونا والفوضى الأمنية؟

هرباً من الخدمة الإلزامية في #القوات_النظامية، والظروف القاسية للحرب السورية، وما رافقها من أزمات معيشية كبيرة، وجد آلاف الشبان السوريين، خاصة خريجي الجامعات، طريقة للسفر إلى العراق، عن طريق مكاتب وسماسرة، تلقوا مبالغ طائلة، كي يؤمّنوا سبل الفرار.

ولم يقتصر السفر على الذكور، فقد بات الوضع الاقتصادي المتدهور، والفقر الذي أصاب 80% من السوريين، يجبر الإناث أيضاً على الهجرة طلباً للرزق، رغم العادات والتقاليد التي لا ترحم، ليعملن في الفنادق الكبرى، ومحلات الحلاقة والتجميل، وغيرها من الأعمال، التي لا تتوفر على ضمانات لحقوقهن.

 

تأشيرات بملايين الليرات

تأسست في مدينة #السويداء لوحدها ثمانية مكاتب سفر، خلال سنتين، تخصصت بتأمين عقود عمل، وتأشيرات مؤقتة إلى العراق، خاصةً إقليم كردستان، أحد أصحاب هذه المكاتب أكد لموقع «الحل نت» أن «أعداد الراغبين بالسفر كبيرة جداً، ولا نستطيع تلبية طلباتهم العديدة، خاصة أصحاب الشهادات العالية، مثل الأطباء والمهندسين، ولذلك يلجأ هؤلاء للفيزا المؤقتة، التي تؤمّن لهم السفر إلى العراق لفترة، وخاصة إلى مدينة #أربيل عاصمة إقليم كردستان، لعلهم يجدون ضالتهم هناك، ويحصلون على فرصة عمل». وأشار السمسار، الذي رفض نشر اسمه، إلى أن «آلاف من الشباب يحاولون السفر إلى أربيل، حيث يستطيع من يجد عملاً توفير مبالغ محترمة، تعينه على دفع البدل النقدي للخدمة العسكرية، البالغ ثمانية آلاف دولار، أو يساعد من خلالها عائلته على العيش الكريم، وسط الظروف شديدة الصعوبة في السويداء».

ولا ينكر صاحب المكتب الأجر العالي، الذي يطلبه مكتبه، موضحاً أن «سعر الفيزا المؤقتة إلى العراق يصل إلى مليوني ليرة سورية، مع عمولة المكتب، بينما تحدد عمولة فيزا العمل، بالاتفاق بين المكتب وكفيل العمل والعامل، على أساس نسبة من الراتب الشهري».

الناشط المدني “هشام الحامد”، الذي وصل إلى العراق حديثاً، حذّر، في حديثه لـ«الحل نت»، من «عمليات النصب والاحتيال، التي تتم عن طريق أشخاص من محافظة السويداء، امتهنوا السمسرة، وتفرغوا لإيهام الشباب بفرص عمل في أربيل أو #بغداد،  ليتفاجأ كثير من الشباب، بعد وصولهم، أنهم دفعوا ما يقارب مليوني ليرة، مقابل مجرد فيزا دخول سياحية، وعليهم بعد ذلك أن يبدأوا رحلة بحث شاقة عن فرصة عمل، مهما كان نوعها».

 

البقاء في العراق أهون الشرور

المهندس المدني “أنس العبدالله”، الذي عاد من #لبنان بعد انهيار الوضع الاقتصادي هناك، وانتشار فيروس #كورونا، وإغلاق الحدود، وجد نفسه مرغماً على البحث عن فرصة عمل جديدة في إقليم كردستان، لتأمين البدل النقدي للخدمة العسكرية، وبعد محاولات عديدة وجد عملاً في محل لبيع وصيانة الهواتف المحمولة بالعاصمة أربيل.

“العبد الله” يؤكد لـ«الحل نت» أنه «غير مستعد لأداء الخدمة الإلزامية، حتى لو أضاع عمره في الغربة، ولذلك فإن كل ما كسبه من سفره في لبنان أنفقه لإيجاد عقد عمل بمدينة “أربيل”، وهو غير نادم على ذلك».

أما “رجاء. ط”، وهي سيدة من السويداء، قُتل زوجها، الذي كان متطوعاً في إحدى الميلشيات الداعمة للقوات النظامية،  فظلت مع طفليها وحيدة دون معيل، تعتمد على المساعدات، ما دفعها للبحث عن عمل، لم تجده إلا في صالون تجميل بأربيل، بمرتب قدره ثمانمئة دولار شهرياً. «لم أحلم في حياتي بنيل مثل هذا المبلغ»، تقول “رجاء”.

إلا أن سفرها إلى إقليم كردستان العراق لم يمر ببساطة، «انتشرت كثير من الإشاعات السيئة في بلدتي، عني وعن عملي في الإقليم، ولهذا تمتنع معظم الفتيات عن السفر للبحث عن فرص جديدة، رغم كل الفقر الذي يعشنه»، بحسب السيدة السورية، التي تؤكد أيضاً أن «الوضع في العراق متقلّب بسبب وباء كورونا والوضع الأمني، والضرائب العالية على الإقامات».

 

خطر الترحيل

«ازدادت أعداد السوريين في العراق بشكل كبير في العام 2019، خاصةً في أإقليم كردستان، وكانت الأوضاع جيدة ومريحة مادياً للجميع،  إلا أنه مع صدور قرارات الإغلاق، بسبب وباء كورونا، أصبحت فرص العمل قليلة، وهو ما جعل العاملين يواجهون خيارات صعبة: إما العودة والوقوع في فخ البطالة، والسوق للخدمة الإلزامية، أو البقاء في العراق، رغم التكاليف العالية وتوقف أعمالهم. وقرر الغالبية الصبر»، كما يؤكد المهندس الزراعي “عمران الأباظة” لموقع «الحل نت»، والذي اضطر للعمل حلاقاً في صالون رجالي، بعد أن خسر عمله الأساسي في أربيل.

ويشير “الأباظة” إلى «مشكلة تكاليف تجديد الإقامة في البلاد، والتي تبلغ حوالي سبعمئة دولار، ما يؤدي إلى تبديد جانب كبير مما تبقى من مدخرات السوريين العاملين سواء في بغداد أو إقليم كردستان».

مهندس الطيران “محمد أبو عسلة”، الذي يعمل في صالة ليلية (كوميك)، يؤكد لـ«الحل نت» ما قاله “الأباظة”، مضيفاً أن «تكاليف تجديد الإقامة قد تصل إلى ثلاثة آلاف دولار، لأنها تحتاج إلى توكيل محامٍ في بعض الأحيان».

وأكد المهندس السوري أن «هناك من يقوم بإلغاء إقامته في أربيل، لتخفيف التكاليف، والتوجه إلى بغداد، مع أن الرواتب هناك أقل، والدخول إلى المدينة يكون غالباً بشكل غير قانوني، ما يجعل السوريين يدفعون مبلغ ثلاثمئة وخمسين دولاراً في مطار بغداد، لمخالفتهم شروط الدخول، عند المغادرة بشكل نهائي». مشيراً إلى أن «الشرطة العراقية تقوم بالتفتيش عن الإقامات، وقامت بترحيل عديد من الشباب، كما حدث مع مجموعة من آل “كيوان”، تم ترحيلها في رمضان الماضي إلى سوريا».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.