تستخدم القطط عدة استراتيجات كي تتقرب من البشر وتحببهم بنفسها، فهي تارة تتمسح بملابس المارة وأخرى تجلس وتموء بقربهم وكأنها تدعوهم للعب معها، قلة فقط لا يقعون في شباك سحرها ولا يصابون بحمى “الإدمان على القطط”، الحمى التي يشبهها البعض بأكل المكسرات أو البطاطا المقلية، حيث أن حبة وحدة أو قطة واحدة لا تكفي، ويبدو أن الوحدة والغربة عزّزت هذا الإدمان عند الكثير من السيدات السوريّات اللواتي يصفن أنفسهن بـ”أمهات القطط”.

تُقيّم مديرة قسم التراخيص التجارية في شركة قابضة “إيفا رشدوني” مع أحد عشر قطةً أنقذتهم جميعاً من الشارع، تمشي “إيفا” يومياً في شوارع مدينة “الدوحة” بحثاً عن القطط المُشردة الجائعة أو المريضة، والتي غالباً ما تضطر إلى جلبهم للعيش معها في منزلها كي تتمكن من العناية بهم.

وعن إدمانها على القطط، تقول “إيفا” لـ(الحل نت): «وسط الفشل العام الذي نعيشه، أن نكون قادرين على إحداث فارق في حياة كائن واحد مهما كان صغيراً، فإن ذلك يشعرني بالسعادة المطلقة»، وتتابع: «أشعر بالمسؤولية اتجاه هذه المخلوقات الصغيرة التي لا تستطيع طلب المساعدة بشكلٍ صريح».

ولأن المسؤوليات المادية المترتبة على علاج وإطعام القطط مرتفعة كثيراً في مدينة “الدوحة”، تضطر “إيفا” في بعض الأحيان إلى التقنين من شراء حاجياتها مقابل تأمين علاج القطط التي ترعاها.

من جهتها، تقول الفنانة التشكيلية “فرح طرابلسي”، والتي تعيش في مدينة “إسطنبول”، بمنزلٍ مليءٍ بالقطط: «القطط لا تحكم على تصرفاتي ولا تدخل بخصوصياتي، العيش معها أسهل وأكثر راحة»، مضيفةً: «تمنحني القطط الكثير من الحب والطاقة الإيجابية، هم أولادي الذين لا يمكنني تركهم أو الابتعاد عنهم».

وتتابع “فرح”: «كوني أعيش وحيدة في مدينة “إسطنبول”، فإن التكاليف المادية للقطط تنهكني في كثير من الأحيان، إلا أنني غالباً ما أتدبر أمري، فأنا أعطيهم مادياً وعاطفياً من كل قلبي، الأمر الذي يشعرني بالسعادة، إنهم كائنات ضعيفة بحاجة إلى الحب والرعاية وهم لا يعيشون في ظروفٍ مناسبة، رغم أن “إسطنبول” تعتبر من المدن الصديقة للقطط، لكن العيش وسط الزحام والسيارات أمر غير مناسب للحيوانات التي يتوجب علينا كبشر رعايتها بعدما دمرنا بيئتها».

وتحكي “رهف سعيد” المقيمة أيضاً في “إسطنبول” قصة تبنيها لقطتها الأولى “بيسو” وتقول لـ(الحل نت): «لم أكن من محبي القطط، إلا أن “بيسو” كانت تصرخ طوال اليوم، لم أستطع عدم مساعدتها، أدخلتها إلى منزلي وعالجتها، وبعد “بيسو” أصبت بحمى الإدمان على القطط وأصبحت “أم للقطط”»، وتتابع: «رعاية القطط لا شك أنها مسؤولية، إلا أنها تمنحني شعور جميل، فأنا لا أتوانى عن مساعدة أي قط مشرد جائع أو مريض».

القطط والأمومة

تقول “إيفا” عن قططها: «هم بمثابة أولادي وعائلتي لا يمكنني التخلى عنهم، أخذهم معي أينما أذهب، العناية بهم تمنحني مشاعر اسميها “وهم الأمومة”».

وتشرح فرح علاقتها العاطفية بقططها وتقول: «القطط تسد حاجتي في أن أكون أم بيولوجية، أشعر أنني أم بمسؤليات أخف وأقل تكلفة مادياً وجسدياً».

وعلى الرغم من أن القطط تزيد الأعباء المادية التي تتحملها “رهف”، إلا أنها تعتبرهم أولادها وتقول: «تمتلك قططي جوازات سفر كي اصطحبهم معي في حال اضطريت أن أسافر من تركيا، لا أعرف إذا كانت قططي ستغنيني عن الإنجاب، لكنها بالتأكيد تمنحني الكثير من الحب وتسلي وحدتي».

أصعب وأجمل قصة إنقاذ

تحكي الفنانة “طرابلسي” عن أصعب وأجمل قصة إنقاذ لقطة فتقول: «في إحدى المرات كنت أعتني بقطة صغيرة في حديقة منزلي، حملت رغم أنها لم تتجاوز الأشهر من عمرها، وعند الولادة عانت من صعوبات كبيرة حتى أن صغارها ولدوا ميتين، وهي نزفت كثيراً، حاولت مساعدتها فخافت وهربت أثناء ولادتها بطفلها الأخير».

بقيت الفنانة تبحث عن القطة ست ساعات، وعندما وجدتها وأرادت أخذها إلى الطبيب عضتها القطة بشكل مؤذي، تعالجت بسببها في المستشفى، لكن المهم كما تقول “فرح” أن القطة تعيش اليوم في منزل إحدى الصديقات وهي بصحة جيدة.

من بين عمليات الإنقاذ الكثيرة التي روتها “إيفا”، قصة إنقاذ قطة سحبها الفيضان حدث منذ عدة سنوات في قطر إلى قنوات الصرف الصحي، حيث بقيت عدة أيام إلى أن وجدها عمال النظافة، وتقول “إيفا”: «كانت قطة صغيرة عمرها أقل من شهر، ورغم أنها كانت تموت، حتى أن عينيها كانتا مغلقتان، إلا أنها اليوم تعيش معي وهي بصحة جيدة».

وتختم “إيفا” بالقول: «بالقليل من الشعور بالمسؤولية، أنقذت حياة كائن ومنحته منزل دافىء ورعاية، وهو منحني الحب والرضى، فمن أحياها كأنما أحب الناس جميعاً».


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.