“ميساء الحافظ”.. موسيقيّة تُوثق معاناتها ورحلة علاجها من مرض “الجنف”

“ميساء الحافظ”.. موسيقيّة تُوثق معاناتها ورحلة علاجها من مرض “الجنف”

توصم مصابات الجنف بـ “العار أو العيب” في العالم العربي

من عازفة بيانو وقائدة كورال “موزايك” في إسطنبول، إلى شخصية ملهمة وصاحبة أول محتوى عربي توعوي عن مرض الجنف (انحراف العمود الفقري)، هي “ميساء الحافظ”.

تقول “ميساء” لـ (الحل نت): «في تركيا كنت أقود كورال موزايك، وكنت اضطر للوقوف ساعاتٍ طويلة خلال التدريب، الأمر الذي كان يتسبب لي بألمٍ نفسي وجسدي، كنت مضطرة إلى إخفاء أوجاعي الجسدية كي لا يلاحظ أحد أنني مصابة بـ”الجنف”».

تتابع “الحافظ”: «تم تشخيصي بـ”الجنف” عندما كان عمري 14 عاماً، بالإضافة لميلان العمود الفقري وتشوه شكل جسدي، لقد عانيت منذ البلوغ آلام في الظهر وصعوبة في التنفس».

مضيفةً، أن عائلتها غرست في عقلها مخاوف وتحذيرات عن ضرورة إخفاء إصابتها بالمرض، ونتيجة لذلك كانت تختار ملابس تخفي انحراف عمودها الفقري، مشيرةً بقولها: «لم أكن أتقدم أصدقائي خلال المشي حتى لا يلاحظوا أن كتفاي غير متساويين».

وتحكي “الحافظ” عن تجربتها مع مرض “الجنف”: «بعد تشخيص مرضي، اقترح الطبيب إجراء عملية لتصحيح شكل العمود الفقري، لكن بسبب خطورة وارتفاع تكاليف العملية، ترددت عائلتي كثيراً في إجراءها».

وبعد سنوات من الألم عاشتها “الحافظ” وهي ترتدي مشد طبي مع خضوعها للعلاج الفيزيائي، تقول: «لم يحدث أي تحسن في حالتي، قررت حينها نسيان مرضي والتعايش معه قدر الإمكان، خاصةً أن هناك شائعة “خاطئة” تقول إن تجاوز الإنسان عمر الـ18، يصبح عظمه قاسي ولايمكن تغيره، ولكن ازداد الوضع سوءاً بعد الحمل والولادة وعندما عرفت أن التأمين الصحي في هولندا يغطي تكاليف العملية قررت إجراءها».

وتكمل: «لأنني لم أعالج الانحراف منذ الصغر، أصبح العلاج أصعب ويستغرق وقتاً أطول، فعلاجي كان على مرحلتين، الأولى شد العمود الفقري ليصبح أكثر مرونة والثانية العملية، عندما لاحظت صعوبة رحلة علاجي التي زاد الإهمال من تعقيدها وانعدام وجود أي محتوى توعوي وتشاركي عربي عن مرضي، قررت مشاركة مراحل العلاج وتفاصيله على أمل ألا يمر أحد بالآلم الذي عانيت منه».

وتروي الموسيقيّة عن الحملة التوعوية التي تديرها بجهدها الشخصي: «كانت الصورة الشعاعية لعمودي الفقري، أولى منشوراتي على حساب الحملة في “انستغرام”، والتي صدمت متابعي الحساب، الذين استغربوا من تقدم الانحراف والميلان الذي بدى واضحاً في الصورة، فمن خلال الحملة استطعت أن أنقل تجربتي الكاملة مع المرض منذ اللحظات التي بدأت أشعر فيها بألم في ظهري، إلى اليوم».

وأعربت الموسيقيّة أن الحملة كانت جزء من العلاج النفسي الذي كانت تتلقاه، بحسب ما قاله لها الدكتور المشرف على علاجها، مضيفةً أنها تلقت دعماً كبيراً بعد انتشار حملتها على نطاق واسع بقولها: «لقد وصلتني الكثير من رسائل الدعم المليئة بالحب، كانت أغلبها من سيدات عربيّات من مختلف مناطق العالم العربي، والتي ساعدتني كثيراً، فقد كنت أشارك المتابعين لحظات حزني وبكائي وأحياناً فرحي وشعوري بالانتصار على المرض، وأنا الآن أستغل فكرة أن شهر حزيران/ يونيو، هو شهر التوعية عن مرض “الجنف”، لذلك أنشر كل يوم قصة أقول فيها معلومة عن المرض من خلال تجربتي معه».

وتُرجّع “الحافظ” سبب غلبة الرسائل المرسلة من سيدات، إلى كون عدد الإصابات بين الإناث أكثر بثلاثة أضعاف من المصابين الذكور، كما أن النساء حسب وصفها أكثر دعماً وتعاطفاً.

“الجنف” ووصمة العيب

تُشير “ميساء الحافظ” إلى الأوجاع النفسية التي لا تزال تعاني منها إلى اليوم، رغم خضوعها لعلاج نفسي سبق العملية الجراحية بهدف محي وصمة “العيب” التي يلصقها المجتمع تحديداً بالمصابات.

تقول الموسيقيّة والأم: «بعد بدء علاجي النفسي والجسدي لاحظت أنني أصبحت أقوى وأكثر تقبلاً للعلاج، وأنه من واجبي مساعدة بقية النساء المصابات، فمن حقنا عدم إخفاء مرضنا وعلاجه، ويجب علينا أن نحب أجسادنا مهما كانت عيوبها».

مضيفةً: «بعد العلاج النفسي تمنيت أن يعود بي الزمن إلى مرحلة المراهقة كي أحب جسدي بكل عيوبه».

بعد تجربتها، قررت “الحافظ” ألا تخفي مرضها وأن تترك أثراً عند بقية المصابات اللواتي يجدن أن الإصابة بـ”الجنف” أمر مخجل يجب عدم الإفصاح عنه، فتقول: «شاركت تجربة علاجي لكي أعطي الأمل لبقية المصابات من جهة، وبهدف التوعية حول هذا المرض من جهةٍ أخرى، فهو مرض كبقية الأمراض، غير معيب ولا مخجل»، مؤكدةً أنه: «من المؤسف كيف توصم مصابات “الجنف” بالعيب في العالم العربي، حتى أن بعض المتابعات يكتبن لي رسائل دعم، و يعبّرن أنهن لا يستطعن متابعة الحملة خوفاً من أن يُفتضح أمرهن ويعرفن بأنهن مصابات!».


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.