“القامشلي” تحيي الذكرى الخامسة لأكبر تفجيرٍ في تاريخ المدينة

“القامشلي” تحيي الذكرى الخامسة لأكبر تفجيرٍ في تاريخ المدينة

يحرص “دارا درويش”، وهو رجل في العقد الرابع من عمره، على المشاركة في مناسبة إحياء ذكرى التفجير الذي ضرب مدينة القامشلي قبل خمس سنوات، والذي فقد فيه أربعة أفراد من عائلته.

يتذكر الرجل كيف أن أجزاء كبيرة من حيهم على شارع “عامودا” أُزيلت، بعدما أقدم انتحاري من تنظيم داعش على تفجير نفسه بشاحنةٍ تحمل كمية كبيرة من المتفجرات في صباح يوم الـ27 من تموز/ يوليو 2016، حيث كانت المنطقة تعج بالمدنيين.

يروي “درويش” كيف أنه- ولهول الفاجعة- لم يدرك في البداية ماذا حدث من حوله، ليسمع صراخ والدته ويجدها قد تعرضت لكسر في ساقها، كما تعرف لاحقاً على جثة زوجته التي فارقت الحياة، بينما تعرضت أخته لجروح ورضوض كثيرة وكسر في ظهرها.

بعد خمس سنوات، لم تظهر نتائج التحقيقات بعد، ولا تزال الكثير من تفاصيل أكبر تفجير ضرب القامشلي غير معروفة لسكان المدينة، إلا ن تقرير نشرته منظمة “سوريّون من أجل الحقيقة والعدالة”، الثلاثاء، أورد أن التفجير أسفر عن مقتل 72 مدنياً كان بينهم 11 جثة مجهولة الهوية، بالإضافة إلى مقتل ثلاثة عناصر من قوى الأمن الداخلي في الإدارة الذاتية (الآساييش)، مع فقدان سبعة مدنيين آخرين في التفجير لا يعرف مصيرهم وكيف اختفوا.

ورغم أن عدد من الجهات السياسية والأطراف الحزبية، قدمت تعويضات مادية لعائلات الضحايا، إلا أن الكثير من التفاصيل عن الحادثة لا تزال تشغل بال ذوي الضحايا، كحال “دارا درويش”.

في التجمع الذي شكله ذوو الضحايا في مكان التفجير، والذي يتم كتقليد سنوي لإحياء الذكرى، شارك عدد من ممثلي ومؤسسات “الإدارة الذاتيّة” ومنظمات المجتمع المدني مع قيادات وأنصار لـ”المجلس الوطني الكردي”، بالإضافة إلى مثقفين وكتاب مستقلين.

لكن الأكاديمي والناشط السياسي، “فريد سعدون”، قال لـ(الحل نت)، إن «القوى الظلامية ارتكبت مجزرة مروعة في المدينة، ولا تزال تفاصيلها غامضة ومخفية، وكيف تم الترتيب لها وما كان تداعياتها، ولم يعلن لأحد نتائج التحقيقات التي جرت رغم مرور خمس سنوت».

وحمّل “سعدون” «الجهات المسؤولة والمختصة في “الإدارة الذاتيّة” ومنظمات المجتمع المدني والجهات الدوليّة، مسؤولية تولي إجراء تحقيق شفاف وحقيقي في هذه “المجزرة”».

من جهته، أرجع مستشار القيادة العامة لـ قوات سوريا الديمقراطية، “ريزان كلو”، قيام تنظيم داعش بتنفيذ التفجير «الدموي» إلى «ردة فعل، إثر تكبده ضربات موجعة وقوية من الناحية العسكريّة وكسر شوكتهم آنذاك».

مواصفات منفذ التفجير

في التقرير الذي نشرته منظمة “سوريّون من أجل الحقيقة والعدالة”، يكشف أن التنظيم تعمد تنفيذ التفجير بسيارة شاحنة طويلة في منطقة تكتظ بالمدنيين، لإيقاع أكبر قدر ممكن من الضحايا، وأن مقرات قوى الأمن الداخلي كانت تبعد عن مكان التفجير على الأقل 200 متر، وهو ما أثر فيها بشكلٍ نسبي مقارنةً ببقية المنطقة المحيطة.

وينقل التقرير عن شهود عيان كيف أن رجل بالغ أوقف الشاحنة أمام فرن بدوار “الهلالية” غربي القامشلي، ومن ثم ترك قيادة الشاحنة لمراهق لا يتجاوز من العمر 15 عاماً بعد أن غادر بدراجة نارية، في حين قاد المراهق الشاحنة بصعوبة ليصل إلى شارع عامودا ويفجر الشاحنة.

وتتقاطع هذه المعلومات مع ما سبق أن كشفه موقع (الحل نت) في الذكرى الثانية للتفجير من حقائق نقلها عن مصدرٍ كان يعمل في “سد الفرات”، أثناء سيطرة التنظيم على منطقة الطبقة في تلك الفترة، وكيف أن أمير مؤسسة الكهرباء في التنظيم، ويدعي أبو الليث المهاجر «كان يتحدث لموظفي السد عقب التفجير الانتحاري في مدينة القامشلي، وهو يسرد من باب المفاخرة إنجازاتهم، وكيف يستطيعون أن يصلوا إلى أي منطقة أو مكان يريدون»، بحسب قوله.

وأشار المصدر إلى أن “المهاجر” تحدث عن «شراء رأس جديدة للشاحنة بمبلغ 100 ألف دولار (أي ما يعادل 55 مليون ليرة سوريّة حينها)، وذلك كي يتفادوا أي احتمال لتعطل الشاحنة وتكون درجة الثقة بها عالية، ومن ثم تم تدريب الانتحاري لعشرات المرات للدخول بها إلى شارع “تل أبيض” بمدينة الرقة، لكونه مزدحم، ولأن عملية التفجير في القامشلي ستكون في منطقة مزدحمة، حتى يتمرس الانتحاري على قيادة الشاحنة»، وفق تعبيره.

وأوضح المصدر أن “أبو الليث المهاجر” كان يشغل منصب أمير مؤسسة الكهرباء؛ المسؤول عن التوليد والتنسيق ونقل الطاقة، وكان منصبه أكبر من منصب أمير السدود، وهو سوري الجنسية من مدينة “تلبيسة” في حمص، ويعتبر من الأغنياء، إضافةً إلى كونه كان موظفاً حكومياً سابقا».

وبالرغم من مرور خمس سنوات، لا تزال أجزاء واسعة من المنطقة مدمرة، فيما بنيت بعض المحال وأجزاء من الأبنية بشكلٍ جزئي.


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.