قد تتفاجئ من سماع جملة «عايشين سندويشة باليوم» تصدر من عائلة تعيش في دمشق، بعد أن كانت سوريا البلد الذي يتفاخر ساكنوه عندما تطبخ الأسرة ترسل لجارتها صحناً منه لتذوقه، ولكن يبدو بعد مرور 10 أعوام على الحرب في البلاد، قد ماتت هذه العادة.

تقول “أم وليد”، القاطنة في حي “القدم” الدمشقي، لـ(الحل نت)، «من شهر لم توقد النار في البيت، بسبب عدم توفر المصاريف اللازمة لشراء جرة غاز، وسبب ذلك طرد زوجها من عمله في حراسة المنازل».

وعن كيفية إكمال حياتهم خلال الشهر، أشارت “أم وليد” التي لديها خمسة أولاد أكبرهم 9أعوام، «باليوم سندويشتين لكل ولد وأنا وأبوهم سندويشة».

أكثر العوائل في دمشق، باتوا يوقنون أنّ مستوى معيشتهم دون خط الفقر، فلم يعد يخفى على أحد أن الوضع الاقتصادي في سوريا بات صعباً للغاية خلال سنوات الحرب الأخيرة، إلا أن للأشهر القليلة الماضية وقع مختلف.

وتؤكد “أم وليد” خلال حديثها لـ(الحل نت)، إنّه مع مدى صعوبة وضعها والكلمات التي سردتها عن وضعها، إلّا أنه وفي حال تعمقنا أكثر بباقي الأحياء فسنجد الوضع أصعب بكثير.

ويوضح الأستاذ” رامي زياد”، المعلم في مدارس “الناصر” الاعدادية، أنّ مدى البؤس والفقر يظهر على حياة الناس مع تدهور قيمة العملة المحلية والارتفاع الجنوني في أسعار المواد الغذائية حتى الأساسية منها، «ناهيك عن انقطاع كبير في وقود الطهي (الغاز)، والانقطاعات الطويلة للتيار الكهربائي».

وأشار “زياد”، خلال حديثه لـ(الحل نت)، أنّ معظم السوريين يكرسون الآن أيامهم لإيجاد الوقود للطهي، والوقوف في طوابير طويلة للحصول على الخبز.

وسلطت دراسة استقصائية صادرة عن «مركز السياسات وبحوث العمليات» الضوء على الواقع المعيشي لسكان العاصمة السورية دمشق، والصعوبات الاقتصادية التي يواجهها الأهالي نتيجة الغلاء وتدني نسبة الدخل بالليرة السورية.

ومن خلال مشاركة 600 عائلة متوزعة على ثلاثة أحياء في دمشق، تعبر عن تقسيم الطبقات الاجتماعية، كشفت الدراسة التي أعدها الباحثان السوريان عروة خليفة، والدكتور كرم شعار، عن نسب «مخيفة» للفقر في دمشق، رغم أن المدينة تعد من أكثر المدن السورية التي تتوفر فيها فرص العمل.

وخلصت الدراسة، إلى أنّ 94 في المئة من عائلات المستجيبين تعيش تحت خط الفقر الدَّوْليّ، والذي يُقدر بـ1. 9 دولار يومياً للفرد الواحد.

يشار إلى أن الاقتصاد السوري كان مرّ خلال الأشهر الماضية، بأسوأ مراحله منذ عام 2011، فقد هبطت الليرة في فبراير/شباط إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق مقابل الدولار الأميركي في السوق السوداء، ما أدى إلى انخفاض قيمة الرواتب وارتفاع تكلفة الواردات.

كما زادت أسعار المواد الغذائية أكثر من الضعف في العام الماضي، وحذر بدوره، برنامَج الغذاء العالمي من أن 60% من السوريين، أو 12.4 مليون شخص، معرضون لخطر الجوع، وهو أعلى رَقْم تم تسجيله على الإطلاق منذ بداية الأزمة في البلاد.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.