كانت تربية المواشي المهنة الرئيسية لنسبة كبيرة من سكان ريف محافظة ديرالزور شرقي سوريا، إلا أنها تأثرت كثيراً بعد اندلاع الحرب السورية وتعدد أطراف السيطرة في المنطقة، مما جعلها مقطعة الأوصال.
ظروف كثيرة تقف عائق كبير أمام مربيها،أبرزها الارتفاع الكبير بأسعار الأعلاف وصعوبة تأمنيها لفترات، إلى تأخر هطول الأمطار أحياناً ، و عوامل أخرى تتعلق بالظروف الأمنية.
أعطى حماد العلي مربي ماشية من قرية تشرين ثلاثة رؤوس ماشية لأحد تجار بيع الإعلاف في قريته مقابل حصوله على طنين من التبن لأجل بقية ماشيته، بعد عجزه عن شراء العلف لها.
عجز عن تأمين العلف
يقول العلي ل (الحل نت) إن “مافعله لايتوقف عليه وحده، فنسبة كبيرة من مربي الماشية في المنطقة بدؤوا مؤخراً بمقايضة رؤوس ماشيتهم للتجار، مقابل حصولهم على الإعلاف أو التبن لإطعام ماتبقى منها، بعد أن عجزوا عن تأمينها، بالتزامن مع الارتفاع الكبير بسعرها، وقلة توفر المراعي أيضاً”.
وتتقلص أعداد الماشية ضمن مناطق سيطرة الحكومة في دير الزور، في الوقت الذي تتدنى فيه أسعارها وترتفع أسعار الأعلاف بشكل كبير مقابل ذلك.
حال الحاج تركي الأكو من سكان بلدة المسرب غربي ديرالزور ليس بأفضل من “العلي”، حيث كان لديه العام الماضي قطيع يتألف من 180 رأس من أغنام (العواس) وهو نوع متميز لايتواجد إلا في بادية الشامية.
أسباب التراجع
يقول في حديثه ل (الحل نت) أن “ماتبقى من قطيعه الآن سوى 50 رأس، مرجعاً أسباب تقلصها إلى تحول غالبية المراعي وخصوصاً في البادية إلى أماكن محظورة من قبل قوات الجيش أو المليشيات الإيرانية، إذ يمنع الاقتراب والرعي فيها، بحجة أنها مناطق عسكرية أو أمنية وهذا يعد أبرز الأسباب، لأن الرعي في البادية مجانياً، ويوفر الكثير من المال للمربين، حيث يغني عن شراء الإعلاف لفترات طويلة من السنة”.
كما أن تراجع المساحات المزروعة في المنطقة، لعب دوراً كبيراً في تراجع تربية الماشية، لأن غالبية المربيين يعتمدون على فضلات المواسم الزراعية كمراع لهم أيضاً، وفقاً لذات المصدر.
وقاية مفقودة
مهندس زراعي من مدينة الميادين فضل عدم ذكر اسمه تحدث ل (الحل نت) قائلاً، إن “مايعانيه مربي الماشية يعكس واقع المزارعين وبقية أصحاب المهن الأخرى في المنطقة، فالارتفاع الكبير بالأسعار يقابله عدم رقابة من قبل الجهات المسؤولة، إلى جانب الأتاوات التي تفرضها الحواجز الأمنية وبقية المليشات الأخرى على سيارات التجار القادمة من خارج المحافظة، تزيد بشكل كبير من أسعار المواد بشكل جنوني”
وأضاف أن “الأدوية التي كانت تقدم بالمجان من قبل الوحدات الإرشادية لمربي المواشي، توقفت أيضاً وأن وجدت يتم بيعها بأسعار مرتفعة، ما تسبب بتراجع عميات مكافحة الأمراض والآفات التي تؤثر على الإنتاج وقد تفتك بالمواشي بشكل كبير”
ووجّه مربي الماشية عدة نداءات للمعنيين في المنطقة، طالبوا فيها بضرورة إيجاد حلول سريعة لصعوبة توفير الأعلاف، ولكن المطالب تُركت من قبل الجمعيات والوحدات الفلاحية دون معالجتها بشكل جدي.
ولاتوجد أرقام دقيقة تُحصي العدد الحقيقي للماشية في عموم أرياف ديرالزور سواء الواقعة تحت سيطرة الحكومة السورية والمليشيات الموالية لها، أو الواقعة تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية شمال شرقي النهر.
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.