استمرار إغلاق معبر اليعربية.. صراع روسي على ملف المساعدات الإنسانية

استمرار إغلاق معبر اليعربية.. صراع روسي على ملف المساعدات الإنسانية

تحاول روسيا أن تستغل أي ورقة في الملف السوري من أجل تحقيق مصالحها وتوسيع نفوذها، لذلك بدأت اللعب على ورقة المعابر الإنسانية لتقويض وصول المساعدات عبر معبر باب الهوى الحدودي بدعوى أنها قلقة من وصول هذه المساعدات لمن وصفتهم بالإرهابيين.

إذ قال ديمتري بوليانسكي، نائب المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة في اجتماع مجلس الأمن الدولي، الذي عقد في 20 كانون الأول/ ديسمبر، إن إيصال المساعدات الإنسانية إلى إدلب الخاضعة لمن وصفهم بـ”إلإرهابيين” في ظل غياب آليات توزيعها، يشكل مصدر قلق لروسيا.

وأشار بوليانسكي، إلى أن المخاوف الروسية تتعلق بما يحدث مباشرة في إدلب، التي سيطر عليها “الإرهابيون”، وأردف، أن شحنة المساعدات التي تم تسليمها من حلب إلى سرمدا في محافظة إدلب في آب/ أغسطس، لم يتسنّ توزيعها على سكان المحافظة إلا في شهر ديسمبر.

المعابر ورقة روسيا الرابحة

الكاتب والباحث الأكاديمي، الدكتور زارا صالح قال لـ “الحل نت”، إن روسيا تحاول استخدام كافة المعابر الحدودية كورقة ضغط على مختلف أطراف النزاع الدولية في سوريا.

وأكد صالح، أن المعابر ورقة قوية تمتلكها روسيا حاليا، إضافة إلى تلقيها الدعم من حليفتها الصين في مجلس الأمن من خلال “حق الفيتو” الذي استخدم سابقا في فيما يتعلق بإدخال المساعدات الإنسانية عبر المعابر وفي قضايا أخرى متعلقة بالملف السوري.

لذلك تعمل روسيا على فرض أجندتها من خلال توزيع المساعدات الدولية عبر المعابر التي تتحكم بها حكومة دمشق، وهي إحدى أدوات الضغط من أجل أن تستعيد الحكومة السورية السيطرة الكاملة على الأراضي السورية، وفق ما قاله صالح.

وأضاف صالح، أن إحكام السيطرة على المعابر هي خطة روسية للضغط على كافة الأطراف الدولية خاصة أمريكا وتركيا.

ولفت صالح، إلى إن الولايات المتحدة الأمريكية تنازلت عن معبر اليعربية مقابل تمديد إدخال المساعدات الإنسانية من معبر باب الهوى كل ثمانية أشهر.

اقرأ أيضاً: استغلال سياسي روسي لملف المساعدات الإنسانية بسوريا.. ماذا بعد ذلك؟

ضغط لإجبار الكرد للحوار مع الحكومة السورية

وأوضح الباحث، أن روسيا تستخدم معبر اليعربية للضغط على الجانب الأمريكي، وبالتالي الضغط على الإدارة الذاتية وابتزاز الكرد، لدفعهم باتجاه العودة الانهزامية إلى حضن الحكومة السورية، على حد قوله.

لاسيما أن إغلاق معبر اليعربية سيؤثر بشكل كبير على الوضع الاقتصادي والإنساني في مناطق الإدارة الذاتية، وقال صالح: “إن روسيا تستخدمها لتجبر الكرد على العودة إلى الحوار، والحوار من مفهوم روسيا وحكومة دمشق، هو العودة إلى النظام دون أي شروط أو إعطاء حقوق”.

وملف المعابر سيبقى معلقاً، برأي صالح، حيث قال إن روسيا تمتلك المفاتيح ولا يمكن للولايات المتحدة الأمريكية أن تمارس عليها الضغط.

إذ أن روسيا تعمل تدريجيا لتقويض ملف المساعدات الإنسانية وسحبه لصالح حكومة دمشق وفق مراحل عديدة، أولها توقف دخول المساعدات من جميع المعابر وحصرها بمعبر واحد، وتليها المطالبة بإدخال المساعدات من خلال معابر الحكومة تحت “خطوط التماس”، ومن ثم طرح موضوع “التعافي المبكر”، في محاولة لتحصيل اعتراف جزئي بحكومة دمشق.

تفاهمات أمريكية روسية سابقة حول إدخال المساعدات إلى سوريا

وقالت دراسة لمركز “الحوار السوري” حملت عنوان “المساعدات الإنسانية: بوابة لتعزيز التفاهمات الأمريكية الروسية في إطار سياسة “الخطوة مقابل خطوة”، تحدثت فيها عن انعكاسات التنازلات الأمريكية المستمرة لروسيا والخوف من الوصول إلى منع إدخال المساعدات عبر المعابر الإنسانية.

وذكرت الدراسة ، إن “بقاء ملف المعابر والمساعدات “عبر الحدود” عرضة للمساومات في عملية التفاوض السياسي بين القوى الدولية يمثّل عاملا يهدد الوضع الإنساني في مناطق شمال غرب سوريا خاصة؛ فلا بدَّ من العمل على إخراج هذا الملف خارج إطار التجاذبات السياسية التي تزيد من معاناة السوريين”.

وأشار التقرير، إلى “أن تصريحات مسؤولي الولايات المتحدة والمسؤولين الدوليين التي تتحدث عن الاهتمام بالشأن الإنساني، بدل أن تنعكس على شكل سياسة صارمة تعزل الملف الإنساني عن التجاذبات السياسية وتمنع الابتزاز الروسي؛ فإن الولايات المتحدة تنخرط في سياسة التنازلات لروسيا ونظام الأسد بشكل متدرج، وقد تنتهي لاحقا تدريجيا بإيقاف المساعدات الإنسانية “عبر الحدود”، حيث أن مرور المساعدات “عبر الخطوط” قد يستخدم ذريعة من قبل روسيا لرفض التمديد لاستمرار المساعدات “عبر الحدود” في تموز القادم”.

اقرأ أيضاً: خطر يهدد ملايين السوريين.. روسيا تساوم مجددا على ملف المساعدات الإنسانية

المساعدات الإنسانية ضرورية 

وأكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، من خلال تقرير لـ “مجلس الأمن الدولي” في وقت سابق، أن المساعدات الإنسانية عبر الحدود للسكان السوريين من دون موافقة دمشق، ما زالت ضرورية.

ونشرت وكالة “فرانس برس” هذا التقرير السري، حيث قال غوتيريش فيه: “في هذه المرحلة، لم تبلغ القوافل عبر خطوط الجبهة وحتى المنتشرة بشكل منتظم، مستوى المساعدة الذي حققته العملية العابرة للحدود” عند معبر باب الهوى بين سوريا وتركيا.

كما صرح وكيل أمين عام الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارتن غريفيث، في وقت سابق، أن “العمليات الإنسانية العابرة للحدود التي يتم إجراؤها من تركيا، تعتبر الأكثر كفاءة وتوقعا للوصول إلى ملايين الأشخاص المحتاجين في سوريا”.

ويذكر أن مسؤولا أمميا قد صرح في جلسة لمجلس الأمن الدولي في وقت سابق من هذا العام، حول تطورات الأزمة الإنسانية في سوريا، وقال أن “الاحتياجات الإنسانية في هذا البلد أكبر مما كانت عليه في أي وقت مضى منذ بدء الحرب في عام 2011”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.