العلاقات التركية الإسرائيلية: هل يؤدي الانفتاح في ملف غاز المتوسط إلى تغيرات في سوريا؟

العلاقات التركية الإسرائيلية: هل يؤدي الانفتاح في ملف غاز المتوسط إلى تغيرات في سوريا؟

تشهد العلاقات التركية الإسرائيلية حاليا بعض الانفراج بعد سنوات من التوتر، وخاصة فيما يتعلق بملف المناطق الاقتصادية الخالصة في البحر المتوسط.
وكانت العلاقات التركية الإسرائيلية قد شهدت أسوأ فتراتها التاريخية عام 2010، عندما قتل جنود إسرائيليون تسعة مواطنين أتراك، كانوا على متن سفينة متجهة لكسر الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة. ومؤخرا، أجرى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مكالمات هاتفية مع الرئيس الإسرائيلي الجديد إسحاق هرتسوغ، على أن يلتقيا في تركيا في منتصف آذار/مارس المقبل.
وبحسب تقارير صحفية، عرضت تركيا التوقيع على معاهدة للحدود البحرية، لتحديد المناطق الاقتصادية الخالصة للبلدين في شرق البحر المتوسط، حيث تهدف تركيا إلى منع أي إستكشاف أو حفر إضافي عن مصادر الهيدروكربونات في المنطقة.
ويرى مراقبون أن إيران ستكون مستاءة من الانفراج في العلاقات التركية الإسرائيلية، لأن إسرائيل هي العدو المعلن لحكومة طهران، وتستمر مقاتلاتها الحربية بشن ضربات على مواقع تابعة لإيران في سوريا، ما قد يؤدي لبعض الاحتكاك السياسي بين أنقرة وطهران، وتراجع في التنسيق الميداني بينهما. في حين تشير تقارير إلى أن أنقرة ستحاول إقناع إسرائيل باستثمار علاقاتها مع روسيا، بغية الحصول على موافقة من موسكو، تخولها الاحتفاظ بقواتها في إدلب.

ما أثر التقارب الإسرائيلي التركي على علاقة أنقرة بطهران؟

فيما يخص الشأن السوري، ومدى ارتباط  تحسن العلاقات التركية الإسرائيلية بتغير سياسة أنقرة، التي تدعم مقاتلي المعارضة بشكل مباشر، كما تزج بآلاف الجنود والمعدات العسكرية شمال غربي سوريا، يقول محمد نور فرهود، الصحفي المختص بالشأن التركي، إنه “لا يعتقد بوجود مؤشرات تدل على تأثير التطورات الأخيرة بين أنقرة وتل أبيب على العلاقات مع إيران بشكل مباشر. لأسباب عدة، أهمها أن تركيا تربط علاقاتها في سوريا مع روسيا بشكل مباشر، وليس مع إيران”.
ويضيف فرهود، في حديثه لـ”الحل نت”، أن “تحسين العلاقات مع إسرائيل سيتركز على مسألة شرق المتوسط، والحديث عن ترسيم الحدود البحرية، وإمكانية نقل الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا عبر تركيا. وبناء عليه من غير المتوقع أن يؤدي هذا إلى تغير في العلاقات بين تركيا وإيران. لكن علينا أن لا ننسى أن العلاقات غير مستقرة بشكل عام بين البلدين. لا سيما بعد قطع إيران الغاز عن تركيا مؤخرا”.
في المقابل، يرجح الكاتب والمحلل السياسي فراس علاوي “حدوث نوع من التراجع في التنسيق السياسي والاقتصادي بين أنقرة وطهران. على خلفية المحادثات الحالية بين تركيا وإسرائيل”.
ويضيف، في حديثه لـ”الحل نت”، أن “تركيا تحاول أن تكون بيضة القبان ضمن الإقليم، لذلك تتجنب الصدام أو القطيعة النهائية مع أي دولة”. ولذلك يستبعد علاوي مبدئيا، “حدوث صدام تركي  إيراني في سوريا على خلفية التقارب مع إسرائيل، على الرغم من أننا سنشهد نوعا من الانزعاج الإيراني تجاه هذه الخطوة، لكنها لن تصل لحد القطيعة. لأن سياسة تركيا تقوم حاليا على تصفير المشاكل مع الدول الإقليمية. وكما شاهدنا سابقا حدث تقارب تركي مع الإمارات، على الرغم من سنوات طويلة من القطيعة”.

هل ستدعم أنقرة المعارضة السورية في مواجهة إيران بعد تحسن العلاقات التركية الإسرائيلية؟

يحفز تطور العلاقات التركية الإسرائيلية على التفكير بإمكانية استفادة قوات المعارضة، المدعومة من تركيا، من الامتعاض الإيراني، وما قد ينجم عنه من تباعد بين تركيا وإيران، للحصول على مزيد من الدعم العسكري من أنقرة، على اعتبار أن المعارضة السورية أهم عدو للميلشيات المدعومة من إيران.
فرهود يرى أن “الفصائل المعارضة، وعلى رأسها  الجيش الوطني المدعوم من تركيا، تتمركز على خطوط تماس بمواجهة روسيا أكثر من إيران. ولذا ليس من المرجح أن تساهم التطورات الأخيرة في زيادة دعم المعارضة المسلحة”.
أما فراس علاوي فيستبعد أن “تقوم تركيا بتقديم دعم عسكري نوعي للمعارضة، بسبب وجود قرار دولي بعدم تأسيس جسم عسكري متماسك للمعارضة في سوريا، يمتلك قدرات هجومية. فضلا عن عن عدم وجود احتكاك مباشر بين الميلشيات الموالية لطهران وقوات المعارضة، لأن الوجود العسكري لإيران يتركز في حلب وليس إدلب. ولذلك لن تدعم أنقرة المعارضة سوى للدفاع عن مناطقها، إلا في حال حدوث حرب إقليمية، وهو أمر مستبعد، ولكن يمكن حينها أن تصبح قوات المعارضة أحد أذرع الحرب”.

هل يمكن أن تلعب إسرائيل دور الوسيط بين تركيا وروسيا؟

تفيد التحليلات المتداولة إعلاميا بأن أنقرة قد تستغل فرصة أن سوريا تشكّل نقطة اهتمام مشترك لكل من إسرائيل وتركيا، لإقناع إسرائيل باستغلال علاقاتها مع روسيا، لمصلحة احتفاظ أنقرة بمواقعها العسكرية في إدلب. وبذلك تحقق أفضل استفادة من تطور العلاقات التركية الإسرائيلية.
لكن هناك شكوكا  في قدرة إسرائيل على لعب هذا الدور، خاصة مع الاعتراض الروسي على الضربات الإسرائيلية في سوريا. فقد دعا ألكسندر يفيموف، السفير الروسي في سوريا، إسرائيل إلى “وقف ضرباتها على سوريا”. في حين قالت ماريا زاخاروفا، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، إن “الضربات الإسرائيلية المستمرة ضد أهداف داخل سوريا تثير قلقا عميقا. وهي انتهاك صارخ لسيادة سوريا، وقد تؤدي إلى تصعيد حاد في التوترات. ومثل هذه الإجراءات تشكل مخاطر جسيمة على الرحلات الجوية الدولية”.

مقالات قد تهمك: خط الغاز نورد ستريم 2: هل تتم إعادة تأهيل النظام الإيراني لإيجاد بديل للغاز الروسي؟

وفي هذا السياق يرى محمد نور فرهود أن “سوريا، وإن كانت نقطة اهتمام مشترك لكل من أنقرة وتل أبيب، إلا أن محاور الاهتمام مختلفة. فتركيا معنية الآن بالدرجة الأولى بمواجهة قوات سوريا الديمقراطية “قسد”. أما إسرائيل فتريد ضرب النفوذ الإيراني في سوريا. فضلا عن إن إسرائيل لا تملك نفوذا قويا على روسيا، والعكس صحيح. بمعنى آخر: المصالح مختلفة بين إسرائيل وتركيا في سوريا. ويبقى ملف شرق المتوسط، ونقل الغاز عبر تركيا، المحور الأهم على طاولة التطبيع بين البلدين، وأساس تحسن العلاقات التركية الإسرائيلية”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.