زيارة علي مملوك لطهران: لقاء اعتيادي أم تنسيق شامل على خلفية الأزمة الأوكرانية؟

زيارة علي مملوك لطهران: لقاء اعتيادي أم تنسيق شامل على خلفية الأزمة الأوكرانية؟

زيارة علي مملوك لطهران، وهو رئيس مكتب الأمن الوطني السوري، أثارت كثيرا من التساؤلات حول أبعادها وغاياتها.
وكان علي شمخاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، قد استقبل يوم الأحد، السابع والعشرين من شباط/فبراير الفائت، اللواء مملوك في طهران. في أول لقاء معلن منذ عامين بين أبرز مسؤولَين أمنيين في البلدين. إذ يعود اللقاء الأخير بينهما لمطلع عام 2020، للتعزية بمقتل قاسم سليماني، قائد لواء القدس بالحرس الثوري الإيراني، إثر ضربة أميركية في بغداد.
وأكد شمخاني، خلال استقباله مملوك، دعم إيران للحكومة السورية بالقول: “الجمهورية الإسلامية الإيرانية، التي دعمت الحكومة والشعب السوريين في أصعب الظروف، وذروة تحركات الجماعات الإرهابية، عازمة على مواصلة دعمها لسوريا حكومة وشعبا”. بحسب وكالة “إيرنا” الإيرانية.
فيما صرّح مملوك أن بلاده “تجاوزت الأزمة الأمنية، عبر دعم الدول الصديقة المؤثر”. مشيرا إلى أن “حضور الشركات والنشطاء الاقتصاديين الإيرانيين في سوريا، واستمرار التعاون الاقتصادي والتجاري المشترك، يحققان المصالح المستدامة للبلدين”. كما قدّم تقريرا عن آخر الأوضاع الأمنية في مختلف المناطق السورية، حسب وكالة “نور نيوز”، المقربة من مجلس الأمن القومي الإيراني.
وكالة الأنباء الرسمية السورية “سانا” بدورها أكدت أن زيارة على مملوك لطهران تركزت على “بحث التطورات الأخيرة على الساحة الدولية وانعكاساتها على المنطقة”. مضيفةً أن الطرفين بحثا في “مواجهة المساعي الأميركية، التي تهدف لإعادة تصنيع وإحياء التنظيمات الإرهابية في سوريا”. ونقلت عن مملوك قوله إن “التعاون بين دمشق وطهران في مجال مكافحة الإرهاب يصب في دعم الأمن الإقليمي في المنطقة”.
ورغم أن زيارة علي مملوك لطهران ليست الأولى، إلا أنها تزامنت مع التصعيد الذي تشهده الأزمة الأوكرانية، وبدء القوات الروسية بعملية اجتياح أوكرانيا. وهو ما يطرح أسئلة كثيرة عن التوقيت والغايات.

علاقة زيارة علي مملوك لطهران بالأزمة الأوكرانية

حاتم كريم الفلاحي، الخبير الأمني والعسكري، والعقيد الركن السابق في الجيش العراقي، يرى أن “زيارة علي مملوك لطهران تكتسب أهمية بالغة، كونها تأتي في ظروف استثنائية وتوقيت مهم جدا، فالتصعيد الروسي فيما يخص الأزمة الأوكرانية سيكون له تداعياته على الملف السوري والتواجد الإيراني في سوريا بشكل كبير. لذا فإن الزيارة تأتي من باب التنسيق والتشاور والتعاون، الذي كان يجري دائما بين دمشق وطهران”.
ويضيف الفلاحي، في حديثه لـ”الحل نت”، أن “دمشق تتحسب من التغييرات التي طرأت على المشهد الدولي، لما قد تؤدي إليه من تغيرات على المشهد الإقليمي والسوري، واحتمالية قيام فصائل المعارضة السورية، أو الفصائل المدعومة من واشنطن، بالتصعيد داخل سوريا، للضغط على موسكو”.

زيارة علي مملوك وزيادة الاعتماد على طهران

المعارض الإيراني مسعود محمد يتفق مع هذا الرأي، إذ يرى أن “التطورات العامة، الناتجة عن حرب أوكرانيا، قد تجبر روسيا على تقليص قواتها في سوريا بعد انتهاء الحرب. وفقدانها القدرة على إدارة قواتها هناك، سواء اقتصاديا أو لوجستيا، أو من حيث موقعها الجيوسياسي. ما قد يدفع حكومة دمشق لزيادة الاعتماد على إيران قدر الإمكان. ولذلك فإن زيارة علي مملوك لطهران تأتي في إطار محاولة دمشق لتعزيز تحالفاتها.  إلا أن ما يغيب عن الرئيس الأسد أن ضعف روسيا سيؤدي لضعف النظام الإيراني، ويجعله عرضه للانهيار”.
ويعبر محمد، في حديثه لـ”الحل نت”، عن اعتقاده بأن “الحكومة السورية خائفة جدا من تداعيات الأزمة الأوكرانية، بناء على تصريحات البنتاغون، التي تقول إن روسيا نشرت بالفعل اثنين وثمانين بالمئة من قواتها في أوكرانيا، لكنها لم تحقق نتيجة جادة بعد. ما قد يجعلها مضطرة لسحب بعض قواتها من سوريا، لمساعدة قواتها في أوكرانيا. وهو الأمر الذي سيضعف القوات الروسية في سوريا، المسؤولة إلى حد كبير عن حماية حكومة دمشق. ولذلك فإن زيارة علي مملوك لطهران قد تكون للفت انتباه النظام الإيراني إلى المخاطر التي قد تتعرض لها السلطات السورية، وحثه على حماية مصالحه في سوريا”.

القلق من تأجيل روسيا للملفات السورية

الفلاحي يؤكد أن “زيارة علي مملوك لطهران تطرقت للعديد من الملفات، السياسية والاقتصادية والعسكرية، ومنها ملف القوات الأمريكية المتواجدة في سوريا؛ وكذلك المفاوضات الجارية في فيينا، لإعادة إحياء الاتفاق النووي الإيراني. وهي ملفات مهمة جدا لطهران، لارتباطها بمستقبل النفوذ الإيراني في سوريا والمنطقة، في ظل احتمالية تراجع النفوذ الروسي”.
ومن وجهة نظر الفلاحي فإن “روسيا دخلت حربا في أوكرانيا، ولا يمكنها الاستمرار في خوض حروب متعددة في مناطق كثيرة. ولذلك فهي تركز على حسم الملف الأوكراني أولا”. لذا يرجّح الخبير العسكري أن “تميل الساحة السورية إلى التهدئة بدل التصعيد. حتى يتسنّى لموسكو حسم الحرب في أوكرانيا، وبعدها تفكّر في إمكانية القيام بتصعيد جديد في سوريا، للرد على مواقف بعض الدول بخصوص الأزمة الأوكرانية. ومنها الموقف التركي، الذي أعلن إغلاق المضائق أمام السفن الحربية. إضافة لصفقة طائرات بيرقدار بين أنقرة وكييف. وجميع هذه المواقف تؤجل موسكو الرد عليها إلى ما بعد طي الملف الأوكراني. ولكنها ستؤثر على تعامل موسكو مع الملف السوري”.

مقالات قد تهمك: ما السبب الحقيقي لزيارة علي مملوك إلى إيران؟

بكل الأحوال تبقى اللقاءات الأمنية، مثل زيارة علي مملوك لطهران، من أكثر الوقائع ضبابية، وأبعدها عن إمكانية القراءة والتحليل. إلا أن التصعيد الذي يشهده الشرق الأوربي له تداعياته الكبيرة على الشرق الأوسط، وبالأخص سوريا. نظرا لوجود قطبي الصراع الروسي/الأطلسي على الأرض السورية. مما يزيد الهواجس لدى حكومة دمشق، ويدفعها لمحاولة تعزيز علاقاتها مع إيران.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.