يعاني السوريون من معاناة مضاعفة يوميا، من أزمة الخبز والوقوف لساعات طويلة أمام الأفران، حتى تأمين البنزين أو المازوت والغاز وغيرها، لكن يبدو رغيف الخبز أصبح مصدر خطر على حياة بعض الناس، حيث ضُبط أحد الأفران مؤخرا بمخالفة “استخدام مادة مسرطنة” في الخبز.

جهل أم إهمال تمويني؟

كشف مدير الشؤون الصحية في محافظة دمشق شادي خلوف أن المحافظة أغلقت مخبزا يستخدم مادة مسرطنة تسمى “المعون” وهي نوع من أنواع الخميرة السام الذي يستخدم في صناعة خبز الصمون.

وأردف خلوف خلال حديثه لإذاعة “المدينة أف إم” المحلية، أن هذه المخالفة حدثت مرتين أو ثلاث منذ ثلاث سنوات، موضحا أن “المخبز الذي تم إغلاقه لمدة 37 يوما حديث المنشأ، وباشر العمل منذ شهر تقريبا، ويبدو أنهم لا يعلمون بقرار منع استخدام هذه المادة المسرطنة”، وفق زعم المسؤول الحكومي.

وكشفت مصادر محلية خاصة لـ “الحل نت”، في وقت سابق، حول مسألة الفساد وغياب الدور الرقابي على الأفران، “هناك فساد ومحسوبيات من قبل القائمين على المخابز وتوزيع الخبز، حيث إنهم يقومون بسرقة كميات من الدقيق المخصص للمواطنين، بهدف بيعه بسعر أغلى لأصحاب المطاعم والفنادق ومحلات المواد الغذائية، وهذا يحدث تقريبا بشكل شبه يومي.

وأضاف متسائلا “لماذا لا يتم القبض على هؤلاء ووضع حد لهم، وأن تسير عملية إنتاج الخبز في الوقت المناسب وبيعه للمواطنين دون انتظاره لساعات طويلة، وإحداث المزيد من المعاناة اليومية له؟”.

وقالت أحد المصادر الخاصة الأخرى من العاصمة دمشق، لـ “الحل نت”، إن تبرير المسؤول الحكومي لهذه المخالفة الكارثية، بأنه حديث المنشأ، وأنهم يجهلون أن هذه المادة ممنوع استخدامها في صناعة الخبز، أمر غير مقبول واستهتار بحياة المواطنين.

وعزا المصدر الخاص، حدوث هذه المشكلة إلى “تقاعس وفساد من قبل اللجان الحكومية”، مبينا أنه عند منح الموافقة لأية مخبز يتم إنشاؤه حديثا، فمن المفترض أن يكون هناك نظرة وجولة رقابية عامة على جميع عمليات الفرن وعماله والمواد التي يستخدمها في “التخبيز”، بالإضافة إلى وجوب دوريات التموين اليومية للمخابز لمعالجة مثل هذه المشاكل وعدم وقوعها التي قد تسبب بحالات الموت للمستهلكين.

وأردف المصدر الخاص، “لكن يبدو أن الحكومة تتهاون في مثل هذه الأمور وكله على حساب حياة المواطنين، حيث الفساد والمحسوبية، بات ينخر المؤسسات الحكومية بشكل لا يطاق”.

فيما برر المسؤول الحكومي، ذلك إلى أن “هناك ارتفاع بالوعي لدى المواطن وبات يرفض شراء المادة إذا لم تكن موافقة للشروط الصحية، إضافة للرقابة الدورية للمحلات في الأسواق من قبل مديرية الشؤون الصحية”، لكن 90 بالمئة من مادة الخبز أو الصمون، يكونا مغلفين بأكياس نايلون فقط ودون وجود أي كتابة تشير بالشروط الصحية عليها.

كذلك، وبرر خلوف للإذاعة المحلية، “ارتفاع بعض الأسعار سبّب جنوح بعض أصحاب المحلات إلى الغش بنوعية المواد وخصوصا لحوم نترات الفروج، وتم ضبط أكثر من 100 طن في السنوات السابقة”.

قد يهمك: ارتفاع أسعار القمح عالميا.. ماذا عن رغيف الخبز بسوريا؟

أزمة الخبز المستمرة

رغم مزاعم المؤسسة السورية للحبوب قبل فترة في تصريحات صحفية محلية، أنها استوردت 2 مليون طن من القمح لتأمين احتياجات البلاد من الخبز، إلا أن ذلك لم يحدث أي تحسين أو فارق في توفير الخبز وتحسين وتخفيف الأعباء اليومية على المواطنين، خاصة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، التي تسببت بتقلبات اقتصادية في مختلف الأسواق العالمية.

ويشتكي المواطنون من قرارات الحكومة غير المدروسة، والتي تؤدي إلى تفاقم الأزمات بدلا من حلها، خاصة وأن الحكومة لا تملك القدرة على تنفيذ مثل هذه القرارات، في ظل الوضع الصعب الذي تمر به موازنة الدولة كما تزعم دائما.

ويبدو أن المعضلة الأساسية تكمن في تأمين مصدر الخبز الرئيسي وليس شيء آخر، وبالتالي يمكن القول إن الحكومة هي التي تسببت في أزمات فساد واستغلال التجار وغيرهم من خلال التحكم بالخبز ورفع سعره. دون أن تتخذ الحكومة الإجراءات اللازمة والفورية لحل هذه الأزمة، وهناك ترقب لارتفاع جديد خلال الأيام المقبلة، بحسب المؤشرات والمعطيات الموجودة، بعد الحرب في أوكرانيا، وارتفاع الأسعار بنسبة 25 بالمئة في مختلف المواد السلعية في الأسواق السورية.

الحكومة تتقاعس في معالجة أزمة الخبز

وقالت “هيومن رايتس ووتش ” في تقرير سابق لها، إن تقاعس الحكومة السورية عن معالجة أزمة الخبز، الناجمة عن عقد من النزاع المسلح، بصورة عادلة وملائمة يدفع بملايين السوريين نحو الجوع.

ويضيف التقرير الدولي، أنه هناك أكثر من  12.4مليون سوري، من بين عدد السكان المقدر بحوالي 16 مليون، يفتقرون إلى الأمن الغذائي، بحسب “برنامج الأغذية العالمي”، بزيادة مقلقة قدرها 3.1 مليون في عام واحد.

وتقدر “منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة ” (فاو) وبرنامج الأغذية العالمي أن 46 بالمئة من الأسر السورية قللت حصصها الغذائية اليومية، وخفض 38 بالمئة من البالغين استهلاكهم لضمان حصول الأطفال على ما يكفي من الطعام.

وقالت منظمة “الفاو”، في تقرير نشر في 16 كانون الأول/ديسمبر الماضي، أن سوريا تمثل جزءا من مشكلة أكبر ألا وهي مشكلة انعدام الأمن الغذائي في الشرق الأوسط، حيث أكد التقرير بأن نحو ثلث السكان في منطقة الشرق الأوسط يعيشون حالة انعدام أمن غذائي، وذلك مع ارتفاع في نسبة الجوع التي وصلت إلى 91.1 بالمئة خلال العقدين الأخيرين.

قد يهمك: ارتفاع أسعار القمح عالميا.. ماذا عن رغيف الخبز بسوريا؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.