تعرضت العلاقات اللبنانية، مع كل من السعودية ودول الخليج العربي، إلى اهتزازات مختلفة، خلال الأعوام الماضية، وذلك بسبب السياسات اللبنانية التي وُصفت بأنها معادية لمصالح الخليج، والنابعة من الوقوف في الصف الإيراني بقيادة حزب الله، ودعم الحوثيين في اليمن.

ونتيجة لهذه السياسات، قامت السعودية ودول الخليج، قبل نحو 5 سنوات بسحب سفرائها وبعثاتها الدبلوماسية من لبنان، لتتأزم العلاقات بعد تصريحات وزير الإعلام المستقيل جورج قرداحي حول الحرب في اليمن، والتي أثارت حفيظة السعوديين، والخليج.

إلا أن لبنان يعمل منذ مدة على التخلص مع العديد من المشكلات الخارجية، التي تسبب توترا بينه وبين بعض الدول العربية، وخاصة الخليجية.

المبادرة الكويتية وشروط على لبنان

كانت دول الخليج وضعت أسساً ضمن المبادرة الكويتية التي طرحها وزير الخارجية الكويتي مطلع العام الحالي على المسؤولين اللبنانيين، والتي ضمت بنوداً يتوجب على لبنان الالتزام بها تجاه الخليج والسعودية، أبرزها وقف تحويل بيروت لمنصة استهداف للسعودية، حسب تقارير صحفية

وحسب هذه التقارير، فإن السعودية أبدت تفهمها لعدم قدرة لبنان على تطبيق بعض بنود المبادرة الكويتية، وخاصة ما يتعلق بالقرار 1559 القاضي بسحب سلاح حزب الله، والذي يعتبر أكبر من قدرة اللبنانيين على تنفيذه، كما أن الإمارات وبالتشاور مع السعودية، قررت تعيين سفير جديد لها في بيروت خلفاً لسفيرها السابق وإعادة العلاقات مع لبنان خلال الأسابيع القادمة، فيما أبلغت الكويت رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عبر وزير خارجيتها استعدادها لإعادة سفيرها في حال جرى التوصل إلى اتفاق بين الجانبين يضمن وقف لبنان أي أعمال عدائية تجاه دول الخليج.

وفي هذا السياق، قامت وزارة الداخلية اللبنانية نهاية شهر شباط/فبراير الماضي، بتجاوز حزب الله في ملاحقتها لقناتين تلفزيونيتين تابعتين للحوثين تبثان من الأراضي اللبنانية، حيث طلب وزير الداخلية اللبناني آنذاك إجراء الاستقصاءات اللازمة حول مشغلي وأماكن ووسائط بثهما، بغية اتخاذ الإجراءات الإدارية والفنية والقانونية اللازمة، حسب متابعة “الحل نت”.

قد يهمك:لبنان.. ما الذي سيحصل بعد انسحاب سعد الحريري من المشهد السياسي؟

اجتماعات مختلفة سبقت القرارات الخليجية

لم يأت قرار السعودية ودول الخليج بإعادة السفراء وعودة العلاقات الدبلوماسية مع لبنان بين ليلة وضحاها، حيث سبق اتخاذ هذه القرارات اجتماعات مع الفرنسيين، والبريطانيين، واجتماعات أمنية لمسؤولين خليجيين في لبنان، منها مع حزب الله اللبناني.

حيث جرى لقاء دبلوماسي رفيع بين مسؤولين فرنسيين وسعوديين في الرياض منذ أيام، تضمن نقاطا أساسية متعلقة بالانتخابات البرلمانية وضرورة إعادة الحضور السياسي السعودي في الساحة اللبنانية وتحديدا السنية، بالإضافة لضرورة العمل على تقديم المساعدات الغذائية والصحية والتعليمية لمؤسسات لبنانية غير رسمية، حسب تقارير صحفية.

كما طلب رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ضرورة العودة للبنان لإحداث نوع من التوازن السياسي في ظل اختلال هذا التوازن، في حين أن اجتماعا جديدا لخلية الأزمة المشتركة الفرنسية-السعودية، سيُعقد في الأيام المقبلة لتنسيق المزيد من الخطوات الانتخابية والسياسية، مع اقتراب عودة السفير السعودي إلى لبنان التي أصبحت جدية وقريبة، وقد تكون بحلول شهر رمضان، حسب تقارير صحفية.

وأشارت التقارير إلى أن مبعوثين، من قطر والإمارات، زارا بيروت منتصف الأسبوع الماضي، وأجريا لقاءات سياسية وأمنية بهدف التحضير لعودة السعودية ودول الخليج إلى لبنان، حيث التقيا كل على حدة قيادات من حزب الله لتهدئة الأوضاع والأجواء، مشيرة إلى أن الحزب أعطى إشارات إيجابية حول العلاقة مع السعوديين، وأبدى حرصه على إعادة العلاقة بين لبنان ودول مجلس التعاون الخليجي في ظل تقدم الحوار بين السعودية وإيران.

عودة خلال أيام

ونتيجة لما سبق من اجتماعات ومباحثات، أعلنت السعودية مساء الثلاثاء 22 آذار/مارس في بيان صادر عن وزارة الخارجية، ترحيبها بما تضمنه بيان رئيس الوزراء اللبناني من نقاط إيجابية، وتأمل بأن يُسهم ذلك في استعادة لبنان لدوره ومكانته عربيا ودوليا، وتتطلع المملكة إلى أن يعم لبنان الأمن والسلام، وأن يحظى الشعب اللبناني الشقيق بالاستقرار والأمان في وطنه والنماء والازدهار.

وكان رئيس الوزراء اللبناني، نجيب ميقاتي، أعلن يوم الإثنين الفائت، التزام حكومته بإعادة العلاقات بين بلاده ودول مجلس التعاون الخليجي إلى طبيعتها، فضلا عن التزامها بقرارات جامعة الدول العربية والشرعية الدولية، ومشددا على على التزام لبنان بكل قرارات جامعة الدول العربية والشرعية الدولية، والتزام العمل الجدي والفعلي لمتابعة واستكمال تنفيذ مندرجاتها بما يضمن السلم الأهلي والاستقرار الوطني للبنان وتحصين وحدته، حسب متابعة “الحل نت”.

وقال ميقاتي، في بيانه،” أجدد التزام الحكومة اللبنانية باتخاذ الإجراءات اللازمة والمطلوبة لتعزيز التعاون مع المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي”.

وجاء في البيان،حسب متابعة “الحل نت”، ضرورة وقف كل الأنشطة السياسية والعسكرية والأمنية والإعلامية، التي تمس سيادة السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي وأمنها واستقرارها والتي تنطلق من لبنان، و الالتزام باتخاذ الإجراءات كافة لمنع تهريب الممنوعات، وخصوصا المخدرات  الى دول مجلس التعاون الخليجي بشكل مباشر أو غير مباشر والتشديد على كافة المنافذ، و منع استخدام القنوات المالية والمصرفية اللبنانية لإجراء أي تعاملات مالية، قد يترتب عليها إضرار بأمن السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي، وهي أهم ما جاء في بنود المبادرة الكويتية.

إقرأ:لبنان يلاحق “داعش” و”الحوثيين”.. القصة الكاملة

يشار إلى أن العلاقات بين لبنان والسعودية ودول الخليج، طالما كانت علاقات جيدة من بعد إسهام السعودية في التوصل لإتفاق الطائف لوقف الحرب الأهلية اللبنانية، ولكن التدخل الإيراني، وحزب الله خاصة بعد الحرب في اليمن أدى لتدهور هذه العلاقة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.