تشهد المنطقة العربية بين الحين والآخر، تصعيد إيراني مستمر لا سيما على بعض دول الخليج، حيث تشن ميليشيات “الحوثي” اليمنية، ضرباتها على كل من الإمارات والسعودية في أوقات متفرقة، بغية إرضاء الطرف الإيراني الذي يرغب بإثارة القلاقل وزعزعة الاستقرار في المنطقة، وإرغام دولها على تنفيذ الأجندة الإيرانية، وفق تقديرات محللين سياسيين.

وفي العلاقات الآخذة في التبدل ضمن المنطقة، تخضع العلاقة السعودية- الإيرانية لتبدلات كثيرة، وذلك نتيجة لعدم ثبات إيران على مبادئ سياسية، بالإضافة إلى أطماعها التوسعية من خلال التمدد في البلدان المجاورة، ومحاولة الهيمنة الاقتصادية على منطقة الخليج ودول أخرى.

محاولات جرت لحل الخلافات بين الطرفين، وعقدت عدة جلسات مشتركة بينهما، حيث أظهرت السعودية حسن النية في التعامل مع إيران، من خلال تصريحات ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، مطلع الشهر الحالي، حيث قال، أن إيران ستبقى جارة للسعودية ولا يمكنهما “التخلص” من بعضهما بعضا، ودعا لـ”حل الأمور” بينهما، مؤكدا نية الرياض مواصلة المحادثات مع طهران، حسب متابعة “الحل نت”.

وقف المحادثات بداية تصعيد ضد السعودية؟

قال ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في مقابلته في مطلع الشهر الحالي، “لقد قمنا خلال 4 أشهر بمناقشات، وسمعنا العديد من التصريحات من القادة الإيرانيين، والتي كانت محل ترحيب لدينا في المملكة العربية السعودية، وسوف نستمر في تفاصيل هذه المناقشات، وآمل أن نصل إلى موقف يكون جيدا لكلا البلدين، ويشكل مستقبلا مشرقا للسعودية وإيران”.

بعد أن كان من المفروض أن تعقد الجلسة الخامسة من المحادثات السعودية- الإيرانية، في العراق في منتصف الشهر الحالي، أعلنت إيران قبل الجلسة بيومين، وقف المحادثات مع السعودية من جانب واحد، دون أن يتم تحديد موعد جديد.
ولم يمض أيام على الإعلان الإيراني عن وقف المحادثات، حتى قامت بالتصعيد العسكري ضد السعودية، من خلال استهداف “الحوثيين”، يوم الجمعة الفائت لمنشأة لتخزين النفط قرب مدينة جدة السعودية، معلنين مسؤوليتهم عنها، ومتوعدين بالمزيد من الضربات.

ويرى الباحث السياسي، رشيد حوراني، في حديثه لموقع “الحل نت”، أن إيران تعتمد في سياستها على خطوات تتناسب مع مصالحها في كل مرحلة، وهي اليوم تحاول الاستفادة والاستثمار من خلال الغزو الروسي لأوكرانيا.

وفي هذا السياق، من الواضح أن التصعيد الإيراني ضد السعودية، جاء على خلفية توقيع الكويت وثيقة مع السعودية لتطوير حقل الدرة، الذي من المتوقع أن ينتج مليار قدم مكعبة قياسية من الغاز يوميا و84 ألف برميل يوميا من المكثفات، وفقا لبيان صدر الأسبوع الماضي عن مؤسسة البترول الكويتية.

من جهتها، ردت وزارة الخارجية الإيرانية، على هذا الاتفاق، بالقول، أن هذا الاتفاق بين الكويت والسعودية على تطوير حقل الدرة للغاز الطبيعي غير قانوني، لأن طهران تشارك في الحقل ويجب أن تكون طرفا في أي إجراء لتشغيله أو تطويره.

ويرى مراقبون، أن حقل الدرة من الممكن أن يكون الشرارة المقبلة التي قد تلجأ إيران للتصعيد من خلالها في مياه الخليج العربي، حيث أن هذا التصعيد هو نتيجة لتراكمات وخلافات متعددة بين إيران والسعودية ودول الخليج.

إقرأ:ما أسباب الاعتداءات الأخيرة للحوثيين على “أرامكو” في السعودية؟

سوريا ساحة للتصعيد والتصعيد المضاد؟

تستغل إيران الانشغال الدولي بالغزو الروسي لأوكرانيا، من أجل زيادة وتعزيز نفوذها الميداني في سوريا في مناطق تواجدها، وخاصة في جنوب وشرق سوريا، وتحاول إيصال الرسائل أن نفوذها هو محل تفاوض وورقة على طاولة المفاوضات وخاصة في سوريا، أما محاولاتها لتوتير الأوضاع في الخليج ما هو إلا محاولة منها للفت الانتباه لوجودها وقدرتها على التأثير في ظل الأوضاع المضطربة في المنطقة بشكل عام، حسب رشيد حوراني.

وأوضح حوراني، أنه في مقابل ما تقوم به إيران، فإن الخيار العسكري ضد إيران حاليا أمر مستبعد كخيار رئيسي، لكن من المحتمل أن يكون بشكل جزئي، فمثلا تصريح وزير الخارجية السعودية في مؤتمر الدوحة مؤخرا، يمكن قراءته على أنه رسالة من السعودية، تتضمن احتمال التصعيد ضد إيران على الأرض السورية وهو أمر وارد. بحسب حوراني.

قد يهمك:السعودية بين إيران وإسرائيل.. خارطة جديدة للمنطقة؟

كيف يمكن احتواء إيران؟

يقول رشيد حوراني، أن التصعيد العسكري أو التحالف الخليجي ضد إيران أمر مستبعد، بسبب تشتت واختلاف سياسة دول الخليج تجاه إيران، “مثلا حضرت إيران في مؤتمر الدوحة في قطر مؤخرا، بينما تفاوض السعودية إيران، وتعمل إيران على إجبار السعودية للتفاوض معها تحت تأثير ضربات “الحوثيين” اليمنيين”.

ولكن وحسب حوراني، يمكن احتواء إيران من خلال محاربتها في سوريا، لأن إيران لم تستطع التمدد وتقوية نفوذها، على الرغم من تواجدها في العراق ولبنان قبل الأزمة السورية، إلا بعد أن استطاعت تأسيس نفوذ مؤثر لها في سوريا عبر الميليشيات المحلية والأجنبية.

إقرأ:مناورة إيرانية مع السعودية.. هل يتصاعد التوتر في المنطقة؟

هذا ومن الجدير بالذكر، أن إيران تعمل منذ سنوات طويلة على التغلغل في المنطقة العربية، وكان لنجاحها في التواجد في سوريا أثر سلبي كبير على مختلف دول المنطقة، حيث باتت تتواجد على بوابة الجزيرة العربية الشمالية لتكون قد حاصرت السعودية ودول الخليج بريا وبحريا من الخليج العربي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.