باتت اللحوم شبه محظورة لدى نسبة كبيرة من السوريين بسبب ارتفاع أسعارها المزمن، لاسيما اللحم الأبيض (الدجاج أو الفروج) حيث تعاني الأسواق السورية من أزمات متتالية لأسعار الفروج المرتفعة دون وجود أية ضوابط قادرة على تحجيم الارتفاع المتكرر والكبير لأسعار الدجاج.

سواء خلال الأشهر القليلة الماضية لا سيما منذ رفع الدعم الحكومي عن الكثير من السلع والخدمات في سوريا، برزت أزمة ارتفاع أسعار الفروج بشكل كبير.

ارتفاع متزايد

منتصف شهر آذار/مارس الماضي، عدّلت مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك أسعار بيع مادة الفروج الحي ليصبح 7500 ليرة للكيلو غرام الواحد، كما أصبح سعر الفروج المذبوح والمنظف “لحم” 9900 ليرة، أما الشرحات المقطعة جاهزة/ “شيش” 15750 ليرة، لحم الشاورما 14800 ليرة، صدر بعظمه 11600 ليرة، فخذ 7500-9900 ليرة، جوانح 8400 ليرة، سودا 15300 ليرة، قوانص منظفة 5400 ليرة، قوانص غير منظفة 3300 ليرة، رقاب 3000 ليرة.

وشملت النشرة التأشيرية تحديد سعر الفروج المشوي وزن كيلوغرام واحد بعد الشوي + خبز عدد 2 وسرفيس وثوم معبأ ضمن كرتون 27100 ليرة. وفروج بروستد بعد الشوي + خبز عدد 2+ بطاطا 28300 ليرة، فروج مسحب بعد الشوي + خبز عدد 2+ بطاطا 28900 ليرة.

كما حددت المديرية أسعار الشاورما /لحم دجاج/ بصحن قصدير وعلبة توم ومخلل وخبز عدد 2 بسعر 36000 ليرة، أما بالنسبة للسندويش فتم تسعير سندويشة شاورما 80 غرامَ لحم دجاج بـ 4300 ليرة، وسندويشة الشاورما 50 غرام لحم دجاج بـ 2500 ليرة.

كذلك عدلت مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك أسعار البيض وفق ما ذكرت مواقع إخبارية محلية أن طبق بيض كبير بـ 12000 ليرة، وطبق بيض متوسط بـ 11400 ليرة، وطبق بيض صغير بـ 11100 ليرة.

أحد باعة الدجاج في محافظة اللاذقية، يتحدث لـ”الحل نت” حول ارتفاع أسعار الدجاج قائلا، “ارتفاع الأسعار له أكثر من مرحلة قبل أن يصل إلى المستهلك. الأساس أن مربي الدجاج هم من يرفعون الأسعار قبل أن تصل المادة إلى الباعة. غياب الرقابة يدفع بعض الباعة إلى رفع الأسعار بشكل منطقي ما يؤثر على التسعيرة الوسطية التي يتم من خلالها البيع في السوق”.

ويضيف “إذا لم أرفع السعر أنا وبعض من الباعة إلا أن هناك عدد ليس بالقليل يرفع سعر بضاعته ويتجاوز التسعيرة الرسمية في أحيان بشكل مبالغ فيه. نوعية الدجاج وتاريخ ذبح الدجاج يؤثر على جودته وسعره في بعض الأحيان. لا نريد رفع السعر على المواطن لكن مؤخرا باتت التسعيرة الرسمية التي من المفترض أن تباع للمستهلك أقل من السعر الذي نشتريه من مربي الدجاج”.

الأزمة ليست جديدة

منذ منتصف عام 2020 تزايدت استغاثات قطاع الدواجن في سوريا للتعجيل في إنقاذه قبل وقوعه في الركود مع ظهور مؤشرات خطيرة على تراجع إيرادات العاملين فيه بسبب تكاليف الإنتاج ونقص السيولة بسبب استفحال أزمة الليرة السورية.

ومنذ ذلك الحين أقرت الحكومة السورية خطة تهدف إلى خفض تكاليف إنتاج الدواجن وتشجيع عودة المنشآت المتوقفة عن العمل، في محاولة لانتشال القطاع من أزماته جراء شح السيولة النقدية وتراجع قيمة الليرة إلى مستويات كبيرة.

وذكرت وكالة الأنباء “سانا” أن الخطة التي اقترحتها وزارة الزراعة تتضمن دعما ماليا مباشرا لمربي الدواجن بقيمة 9 مليارات ليرة (26 مليون دولار) وذلك وفقا للسعر الرسمي لصرف العملة في ذلك الوقت.

وأكد عضو لجنة مربي الدواجن في اتحاد غرف الزراعة حكمت حداد، في ذلك الوقت أن المستهلكين يشترون بأقل من سعر التكلفة.

ورغم محاولات دمشق لإنعاش القطاع المهم في الأمن الغذائي والتنموي فإن أسعار مكونات علف الدجاج وصلت إلى نقطة لم يعد بمقدور المربين تأمين قيمة العلف للدواجن.

وتشير الأرقام الرسمية إلى وجود نحو 9600 مدجنة عائدة للقطاع الخاص منها أكثر من 7500 مدجنة مرخصة لمختلف الأنواع توقفت 50 بالمئة منها عن العمل نتيجة ارتفاع أسعار الأعلاف والتي تشكل نسبة 75 بالمئة من التكاليف.

وتقول وزارة الزراعة إنها أنجزت مسحا شاملا لكل المداجن المتوقفة ومعالجة أسباب توقفها ودعمها لإعادتها إلى العمل خلال الفترة القادمة.

الخبير الاقتصادي يوسف الأحمد، قال خلال حديثه لـ”الحل نت” موضحا أسباب الارتفاع المتزايد للدواجن بشكل خاص، خلال الفترة الماضية، حيث بيّن أن الارتفاعات المتكررة لها دواع مختلفة، أبرزها ارتفاع أسعار الكهرباء والمازوت وحتى البنزين “تدفئة الدجاج باتت مكلفة، ونقلها أيضا وأجور العمال والخدمات ارتفعت. السبب الأبرز هو ارتفاع أسعار الأعلاف وتجاوزها الضعف”.

وزاد بالقول “كذلك هناك ارتفاع عام في أسعار المواد والسلع في ظل تخبط سعر صرف الليرة السورية. كل هذه الجوانب أثرت على عدم استقرار أسعار الدجاج، فضلا عن عدم وجود رقابة على ضبط الأسعار وجشع بعض التجار، إلا أن السبب الأهم بتقديري هو تضاعف أسعار الأعلاف. حتى ولو لم يكن هناك إقبال وقوة شرائية فهناك إمكانية لبعض التصدير إلى الدول المجاورة”.

يشار إلى أن عضو لجنة مربي الدواجن حكمت حداد، لفت نهاية شهر آذار/مارس الماضي بأن ما يصل إلى 40 ألف دجاجة بياضة تُذبح يوميا في سوريا، حيث وصل سعر صحن البيض اليوم إلى 14 ألف ليرة.

وقال حداد لصحيفة “الوطن” المحلية، أن نسبة كبيرة من مربي الدواجن يقومون بذبح الدجاج البياض بسبب الخسارة التي يتعرضون لها وفقا للأسعار الحالية في السوق، مشيرا إلى أن ذبح الدجاج البياض بدأ بعد ارتفاع أسعار الأعلاف ووصول سعر كيلو الذرة الصفراء منذ أيام لحدود 2800 ليرة وسعر كسبة فول الصويا لحدود 3600 ليرة.

وأضاف أن ما بين 30 و40 ألف دجاجة بياضة في سوريا تذبح يوميا خلال الفترة الحالية وتباع لحما، الأمر الذي أدى إلى انخفاض الإنتاج حاليا وقلة العرض في الأسواق، موضحا أنه في حال استمرار أسعار الأعلاف في الارتفاع فإننا سنتجه نحو كارثة ستصيب قطاع الدواجن.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.