شهدت فواتير الكهرباء بالعاصمة دمشق، في الدورات الأخيرة، ارتفاعا كبيرا وصادما لتصل في بعض الحالات إلى 70 ألف ليرة سورية للفاتورة الواحدة، بعد أن كانت لا تتعدى حاجز 3 آلاف ليرة.

موقع “صوت العاصمة” المحلي قال إن بعض الفواتير وصلت إلى مبالغ كبيرة جدا، تراوحت بين 50 و70 ألف ليرة سورية للاشتراك المنزلي، مضيفاً أن ذلك يحدث في مناطق بدمشق تُقطع فيها الكهرباء لساعات طويلة.

أصحاب الفواتير تقدموا باعتراضات لمؤسسة الكهرباء، موضحا أنهم لم يحصلوا على أي نتيجة، وأن مؤسسة الكهرباء اكتفت بتقسيم الفاتورة على أشهر تحت بند الشرائح.

مصادر محلية ذكرت بأن موظفي مؤسسة الكهرباء لا يجرون أي زيارة إلى منازلهم، ويضعون الفواتير دون الكشف على العدادات حتى، معتمدين على تسجيل قيم تقديرية للاستهلاك، وعملوا على إضافة مبالغ عليها شهريا.

خصخصة الكهرباء

ولعل ارتفاع أسعار الكهرباء المستمر في ظل غيابها شبه الدائم عن منازل السوريين، يدفع العديد من السوريين إلى التفكير ببدائل أخرى قد تكون من أبرزها وسائل الطاقة المتجددة، وهو خيار دعمته دمشق خلال الشهور القليلة الماضية.

خطوات حثيثة حيال خصخصة قطاع الكهرباء تتجه نحوها حكومة دمشق؛ فخلال الآونة الأخيرة برزت تصريحات عديدة وصدرت قرارات متتالية من دمشق تشي بالنوايا التي باتت تظهر إزاء الخصخصة لأحد القطاعات السيادية لمؤسسات الدولة السورية.

رغبة دمشق باستثمار القطاع الخاص لمؤسسات الدولة وخصخصتها، تنطلق من رغبتها لمواجهة أزماتها الاقتصادية المستمرة، وذلك يكون من خلال استقطاب رؤوس الأموال المحلية أو الأجنبية الحليفة لها من أجل تحقيق انتعاش اقتصادي غير ممكن الحدوث.

لقد حددت وزارة الكهرباء السورية القواعد والشروط والاستطلاعات التي تضعها المؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء بأسعار محددة في حالتين هما: فائض إنتاج المشتركين والمشتركين الرئيسين الذين يعتمد استهلاكهم أساسا على الكهرباء المنتَجة من مصادر توليد الطاقات المتجددة الخاصة بها. أو الكهرباء المنتَجة من مشاريع الطاقات المتجددة المرخصة التي يمكن ربطها على شبكة النقل أو شبكة التوزيع.

فيما كانت قد ذكرت صحيفة “الوطن” المحلية، مؤخرا أن وزارة الكهرباء حددت تعرفة مبيع الكيلو واط الساعي لاستجرار الكهرباء للمشتركين المعفيين من التقنين على التوتر 20/ ك. ف، من القطاع الخاص بسعر 300 ليرة.

نهاية العام الماضي، تحدث مدير التخطيط والتعاون الدولي في وزارة الكهرباء السورية أدهم البلان، عن أسباب زيادة تعرفة الكهرباء في سوريا، مشيرا إلى أن قطاع الكهرباء يعاني من عجز مالي بنحو 4.6 تريليون ليرة سورية.

وأوضح البلان أن أهم الأسباب لزيادة تعرفة الكهرباء كان للحفاظ على قطاع الكهرباء، حيث تصل التكاليف فيه سنويا لحدود 5.3 تريليونات ليرة، وإيراداته حسب التعرفة السابقة لم تكن تتجاوز 300 مليار ليرة، متوقعا تحسن الإيرادات مع التعرفة الجديدة بحدود 600 مليار ليرة.

وبين أن تكلفة الكيلوواط من الكهرباء يصل لحدود 315 ليرة، في حين كان يتم تخديمه للقطاع المنزلي في الشريحة الأولى بـ ليرة واحدة فقط.

وحول الاستهلاك المنزلي الذي يمثل الشريحة الأوسع اعتبر البلان أن إجمالي المشتركين في القطاع المنزلي يصل عددهم لحدود 4.5 ملايين مشترك منهم 3.5 ملايين مشترك استهلاكهم ضمن الشريحة الأولى من 1 إلى 600 كيلوواط في الدورة وهو ما يمثل نحو 70 بالمئة من المشتركين المنزليين وبالتالي لا تتجاوز قيم فواتيرهم في الدورة 1200 ليرة.

وفي الاستهلاك الصناعي بين أن التعرفة الجديدة للصناعيين باتت تتراوح بين 110 إلى 120 ليرة للكيلو واط وهي لا تزال مدعومة أمام التكلفة التي تقدر بـ315 ليرة للكيلو واط.

تلك القرارات والتصريحات تأتي في وقت تمر فيه عموم مناطق سيطرة الحكومة بأزمة كهرباء خانقة هي الأسوأ خلال سنوات الحرب، حيث تصل ساعات انقطاع التيار ما بين 22 – 23 ساعة في اليوم، بينما تغرق كثير من المناطق بالظلام ليومين متتاليين وبعضها لثلاثة.

يذكر بأن الرئيس السوري، بشار الأسد، أصدر قانونا نهاية شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، ينص على إحداث صندوق لدعم استخدام الطاقات المتجددة ورفع كفاءة الطاقة.

الطاقة البديلة

تعتبر الطاقة البديلة خيارا بات يلجأ إليه المواطنون لحل مشكلة غياب الكهرباء، وسط عجز دمشق عن حلها، لكنه خيار يصطدم بتكاليف مرتفعة لا يستطيع المواطنون ذوو الدخل المحدود تحمّلها، وسط أزمة اقتصادية ومعيشية تُخيّم على مناطق سيطرة حكومة دمشق.

الترويج لاستيراد وبدء العمل بالطاقة البديلة في سوريا، بدء بعد حديث الأسد، في خطاب القسم الذي ألقاه بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية التي عُقدت في أيار/مايو الماضي، عن الاستثمار بالطاقة البديلة.

ومنذ ذلك الحديث، بادر مسؤولون ووسائل إعلام محلية بالترويج للطاقة البديلة باعتبارها ”حاملة مستقبل الاقتصاد” في سوريا.

ووعد الأسد حينها بالعمل على تشجيع الاستثمار في الطاقة البديلة، ودعمها عبر السياسات أو عبر التشريعات بهدف إطلاق مشاريع توليد الطاقة من قبل القطاع الخاص أو العام أو بالمشاركة بينهما.

وزارة الكهرباء أصدرت مطلع شهر نيسان/أبريل مذكرة خاصة تظهر توجه الوزارة نحو مشاركة القطاع الخاص ببناء محطات توليد خاصة ومستقلة، لبيع الكهرباء للصناعيين، وحسب المذكرة فإن هذا التوجه هو نتيجة الطلب المرتفع على الطاقة الكهربائية في مختلف المجالات المنزلية والصناعية وغيرها، بحسب متابعة “الحل نت”.

وأضافت المذكرة، أن هناك مستثمرين من القطاع الخاص يرغبون في بناء محطات توليد مستقلة خاصة، ما يفسح المجال لوزارة الكهرباء لتغذية القطاع المنزلي وغيره من القطاعات الخدمية بالكهرباء، وإلزام الصناعيين بتلبية جزء من أحمالهم الكهربائية من مصادر الطاقات المتجددة.

ولا يعتبر قيام وزارة الكهرباء بتوفير الاستثمارات لبناء محطات توليد كهربائية بتمويل من الحكومة عن طريق القروض الميسرة أو تسهيلات دفع مالية الحل الأنجح لتلبية الطلب على الكهرباء والتخفيف من الطلب على “الفيول أويل” والغاز الطبيعي اللازمين لتوليد الكهرباء، وذلك بسبب الدعم المباشر المقدم لسلعة الكهرباء.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.