في ظل الارتفاع الأخير في أسعار الأدوية في سوريا نتيجة تدهور سعر صرف الليرة السورية مقابل النقد الأجنبي، سيما وأن المواد الأولية التي تصنع منها الأدوية مستوردة من الخارج وبالعملة الأجنبية، فضلا عن غياب الدعم الحكومي للقطاع الصحي بشكل عام.

أما بالنسبة للمواطنين، فقد أصبح شراء الأدوية أولوية في ظل الارتفاع المستمر في أسعارها، حتى ولو كان ذلك على حساب بعض المواد الغذائية أو غيرها من الاحتياجات التي يمكن الاستغناء عنها. وهذا ما يفعله الكثير من السوريين نتيجة للواقع الاقتصادي الهش، لا سيما الفئة الفقيرة، التي باتت تشكل نسبتها معظم سكان البلاد اليوم.

وبالتوازي مع الواقع المتدهور، فإننا نشهد بين الحين والآخر مطالبات من المسؤولين في القطاع الصحي، تفيد بضرورة تخفيض أسعار الأدوية بما يتناسب مع مستوى رواتب ومداخيل السوريين، لكن حتى الآن لا يوجد أي استجابة أو إجراء من قبل الحكومة.

ضرورة بقاء الأدوية خارج حسابات “التقشّف”

أمين الشؤون الصحية في الاتحاد العام لنقابات العمال، عبد القادر نحاس، “انتقد التعاطي السلبي مع ملف الأدوية التي تشهد ارتفاعا كبيرا في الأسعار”، في تصريح لصحيفة “البعث” المحلية يوم أمس.

ونوّه نحاس إلى “ضرورة بقاء الأدوية خارج حسابات “التقشّف”، فالتعامل مع المرضى له خصوصيته، إذ لا يمكن الطلب منهم التقليل من أدويتهم واختصارها أو التقليل منها، كما يحدث في باقي القضايا المعيشية”.

وطالب نحاس أثناء حديثه للصحيفة المحلية، بـ”إعادة النظر في أسعار الأدوية نظرا لارتفاعها بشكل كبير، ووجود أكثر من سعر للدواء، نتيجة عدم الرقابة من الجهات الحكومية المختصة، وتأمين الأدوية الضرورية ووضع حد لأصحاب مصانع الدواء بسبب تعنتهم في رفد السوق بالأدوية المطلوبة، رغم رفع الأسعار مرات متعددة”، على حد تعبيره.

 كذلك دعا نحاس الجهات المعنية المركزي للأدوية بتصليح الأجهزة الطبية، ورفع تسعيرة الحد الأدنى لوزارة الصحة لتحسين الخدمات الصحية للقطاعات العاملة وفق نظام الصندوق المشترك وشركات القطاع الاقتصادي.

كما أشار نحاس عبر صحيفة “البعث” المحلية، إلى أن “اللجنة المشكلة في وزارة الصحة لهذا الغرض أنهت أعمالها وقدمت مقترحاتها إلى وزارة المالية لرفد المشافي بأجهزة طبية حديثة ومتطورة وفق حاجتها في المحافظات، وصيانة المعطل منها، وتوسيع مظلة التأمين الصحي ليشمل كافة المعالجات الطبية إضافة إلى تشميل المتقاعدين”، وتبقى الموافقة والتنفيذ بيد الحكومة السورية.

ورغم المطالبة بتخفيض أسعار الأدوية، إلا أن الواقع مختلف تماما، حيث تداولت مؤخرا، أخبارا حول حدوث ارتفاع قريب في تسعيرة الأدوية في الشارع السوري. غير أن رئيس المجلس العلمي لصناعة الأدوية في سوريا رشيد الفيصل، استبعد حدوث ارتفاع حالي لأسعار الأدوية خلال الفترة الحالية، إلا أنه لم يستبعد حدوث ذلك في الفترة القريبة المقبلة، وفق تصريحات صحفية سابقة.

وقال الفيصل في تصريحات لموقع “هاشتاغ” المحلي، قبل أسابيع، إنه لا يوجد الآن ارتفاع جديد لأسعار الأدوية “ضمن الواقع الصعب الذي يعيشه السوريون، والذي لا يحتمل عبئا جديدا”.

لكن الفيصل لم يخف التلميح إلى أن سعر الصرف قد تغير ما يعني حدوث موجة ارتفاع جديدة في قادم الأيام. حيث قال “كان لابد من وجود سعر جديد للدواء في سوريا نتيجة ارتفاع الدولار أمام الليرة السورية، لكن “الأمور مستوية”، وبناء عليه تم تأجيل الفكرة حتى إشعار آخر”، في إشارة إلى الواقع المتردي للسوريين.

قد يهمك: هيمنة روسية على قطاع الأدوية السورية؟

إغلاق لبعض المعامل!

نقيبة الصيادلة في سوريا، وفاء كيشي، أكدت من جانبها، في تصريحات صحفية سابقة، أن رفع سعر الدواء الأخير نهاية شباط/ فبراير الماضي، كان من أجل أن تتمكن معامل الأدوية من توفير الدواء المفقود في الأسواق.

وأشارت كيشي خلال حديثها لموقع “هاشتاغ” المحلي، قبل أسابيع، إلى أن رفع سعر الدواء الأخير كان بهدف أن يعادل سعر التكلفة الحقيقية للزمر المفقودة، والتي اشتكى منها العديد من أصحاب معامل الأدوية وأدت إلى فقدان أصناف عدة منها في الأسواق، مع التلميح إلى إمكانية إغلاق العديد من المعامل قريبا نتيجة خساراتها المتلاحقة.

هذا ويعتبر القطاع الطبي في سوريا من أكثر القطاعات هشاشة جراء الحرب الدائرة في البلاد وعدم قدرة الحكومة على توفير أبسط مستلزمات هذا القطاع، أو دعمه عبر وسائل أخرى.

وشهد القطاع الطبي في الآونة الأخيرة تدهورا كبيرا، من هجرة الكوادر الطبية إلى نقص وارتفاع حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية. فضلا عن الغياب الملحوظ للرقابة الحكومية والنقابية في السنوات الأخيرة. إضافة إلى قيام الشركات الأجنبية بسحب امتيازاتها الممنوحة إلى 58 شركة دواء سورية.

قد يهمك: إغلاق محتمل لمصانع أدوية في سوريا وارتفاع أسعار قريب

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.