لا تزال أزمة الزيوت النباتية في سوريا مستمرة، على الرغم من وعود الحكومة السورية الأخيرة بإنهاء أزمة الزيت وتوفيره بشكل كبير وبأسعار مناسبة، لكن حتى الآن لم يتم تنفيذ هذه الوعود بشكل فعّلي على أرض الواقع. إذ سجل سعر الزيت النباتي نحو 22 ألف ليرة سورية للتر الواحد.

استبدال الزيت النباتي بزيت الزيتون

مؤخرا تداول حديث حول استبدال الزيت النباتي بزيت الزيتون، نظرا لصعوبة الاستغناء عن الزيت النباتي لأنه أصبح بديلا عن مادة السمنة التي حلقت أسعارها إلى حدود عالية وغير مسبوقة في سوريا، حيث سجل كيلو السمنة حسب النوع (حيواني) وصل سعرها لـ 75 ألفا للكيلو من النوع الإكسترا، أما السمنة النباتية بدءا من 17 ألف ليرة للكيلو الواحد.

لكن يبدو أن منع تصدير زيت الزيتون لم يسهم باستبداله بالزيت النباتي، ويبدو أن المنتجين يعانون حاليا من صعوبات في تسويق المادة من جهة، ومن تخزينها في براميل مكلفة ماديا وضمن شروط فنية قد لا تتوفر من جهة أخرى، بحسب تقارير صحفية.

وتساءلت صحيفة “البعث” المحلية في مادة لها قبل يومين حول عزوف ملايين العوائل السورية عن شراء زيت الزيتون ما دام بديله النباتي شبه مفقود، خاصة وأن وزارة التجارة أخلفت بوعدها ولم تستطع تأمينه بسعر أقل من سعره في السوق السوداء، حيث أن سعر ليتر زيت الزيتون، وفق ما صرح به بعض المنتجين الكبار، يتراوح بين 12500 ليرة سورية و15000 ليرة أي أقل من سعر الزيت النباتي.

وفي سياق جواب هذا التساؤل يبدو أنه يعود إلى عدم توفر زيت الزيتون بعبوات من سعة ليتر أو أقل بسعر يوازي مثيله النباتي، إذ ليس بمقدور غالبية الأسر شراء بيدون بسعر 250 ألف ليرة أو 300 ألف، بدليل أن عبوات الليترين من الزيت النباتي اختفت منذ سنوات لأن هناك صعوبة بتصريفها أسوة بعبوة الليتر. أما الشركات الخاصة التي تسوّق زيت الزيتون بعبوات الليتر فأسعارها مرتفعة وأغلى من مثيلاتها النباتية بعدة آلاف، أي لا تجد إقبالا من ملايين المواطنين.

قد يهمك: زيت الزيتون بسوريا: قلة إنتاج والأسعار غالية

هل من حل لتسويق زيت الزيتون محليا؟

يعاني منتجي زيت الزيتون منذ شهرين من انخفاض تسويق مادتهم بنسبة لا تقل عن 80 بالمئة دون أي مساعدة من الحكومة السورية، وفق صحيفة “البعث” المحلية.

ويمكن تخزين زيت الزيتون، لكن العملية مكلفة، فهي تحتاج براميل لا يقل سعر الواحد منها عن 100 ألف ليرة سورية، وتحتاج مساحات واسعة بشروط تخزينية كي لا يفسد الزيت (أي ارتفاع جديد بالتكلفة!).. إلخ، وعندما تقرر الحكومة منع تصدير زيت الزيتون، فالمفترض أن لديها خطة لتسويقه داخليا، من ضمنها بيعه عبر صالات “السورية للتجارة”، وهذا الأمر لم يحصل، وفق الصحيفة المحلية.

وخلصت الصحيفة المحلية حديثها حول أن “السورية للتجارة” كان يتبع لها حتى عام 2011 معمل لتعبئة زيت الزيتون بعبوات زجاجية صغيرة، وبسعر أقل بكثير من مثيلاتها المعبّأة في شركات القطاع الخاص، وكان يُباع المنتج بكميات كبيرة تنفد بسرعة، وقد اختفى منتج “السورية للتجارة” بعد تدمير المعمل جراء الحرب، دون أن تسعى وزارة التجارة بالتنسيق مع وزارة الصناعة لإيجاد البديل لدى إحدى شركات الزيوت العامة.

وبذلك تشير جميع المعطيات والتقارير إلى أن الحكومة السورية ليست جادة في إيجاد حلول لأزمة الزيت في البلاد. وإنما فقط تقوم بإطلاق وعود وقرارات “رنانة”، ويرى البعض من المواطنين وأصحاب المحال التجارية أن “الحكومة هي من تخلق الأزمات وانتعاش السوق السوداء” في سبيل نهب جيوب المواطنين قدر المستطاع.

قد يهمك: بعد الزيت.. الكمون السوري لأعلى سعر منذ 5 أعوام

إجراءات حكومية “غير نافعة”

مع مطلع العام الحالي، وافق مجلس الوزراء على توصية اللجنة الاقتصادية المتضمنة تأييد مقترح وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي بتمديد قرارات وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية المتعلقة بمنع تصدير عدة مواد بينها زيت الزيتون حتى نهاية 2022، بشكله الدوكمة أو المعبأ بعبوات تزيد على سعة 5 ليترات، بحسب متابعة “الحل نت”.

ويعزو المسؤولون الاستمرار في منع تصدير زيت الزيتون، بهدف تأمين حاجة السوق المحلية منها وضبط الأسعار وإعادة التوازن السعري للمواد ضمن الأسواق.ولكن وعلى الرغم من هذا القرار، يجد منتجو زيت الزيتون في سوريا صعوبة تسويق إنتاجهم من الزيت رغم كل النقص في أنواع الزيوت والسمون النباتية وارتفاع أسعارها منذ بداية الحرب الأوكرانية، بحسب موقع “هاشتاغ” المحلي قبل أيام.

وبحسب الموقع، فإن معظم المنتجين في الساحل لم يسوقوا أكثر من  10بالمئة من إنتاجهم، وأن هذا تسبب بمشاكل كبيرة بالنسبة لهم لعدم توافر السيولة بين أيديهم ولصعوبة حفظ الزيت في منازلهم، مشيرا إلى أنهم أبدوا استغرابا كبيرا حيث أن زيت الزيتون تقل أسعاره عن الزيت النباتي، الذي تتسابق الناس للحصول على عبوة منه.

وأشار العديد من منتجي الزيت، إلى أن قرار منع تصدير الزيت الذي صدر مطلع هذا العام لم يعد بالفائدة على المستهلك لأن انخفاض القدرة الشرائية هو ما يحول دون شراء الزيت وليس فتح باب التصدير.

وبحسب متابعة “الحل نت”، فإن كلفة إنتاج تنكة الزيت يصل إلى حدود 160 ألف ليرة. كما أن الموسم الحالي يعتبر الأسوأ من حيث كميات الإنتاج، وضعف اهتمام الحكومة بهذا المحصول الاستراتيجي من جهة ثانية.

يشار إلى أن سوريا صنفت في عام 2012 في المركز الخامس عالميا بإنتاج زيت الزيتون. وتصل الكمية إلى 200 ألف طن سنويا وسبقها في الترتيب تونس واليونان وإيطاليا وإسبانيا.

قد يهمك: كساد زيت الزيتون السوري.. الأسعار نار والتصدير ممنوع

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.