أزمة الوقود في البلاد، لا تزال مستمرة، وبالتالي استمرار أزمة نقل ومواصلات، وظهر ذلك جليا منذ يومين، عندما تداولت وسائل الإعلام ورواد مواقع التواصل الاجتماعي صورة لحافلة نقل الركاب “موديل قديم” وعلى متن سطحها عشرات المسافرين، وكذلك نتيجة لنقص الوقود في المحطات، اتجه السائقون وخاصة أصحاب “التاكسي” إلى شراء الوقود من السوق السوداء، وهو أغلى ثمنا، وبالتالي زيادة تكلفة المواصلات “التوصيلة”.

كذلك، ونتيجة لارتفاع تسعيرة الوقود من المازوت والبنزين، وغياب وسائل النقل العام، ومع ارتفاع أجور النقل والتنقل في السيارات والوسائل الأخرى، فقد فرضت “الطرطيرة” أو كما يسميها البعض “الطريزينة” وهو اسم معروف لدى السوريين، نفسها وسيلة نقل بديلة.

وسيلة نقل بديلة

في السابق كان يعتمد العديد من الذين يعملون في المناطق الريفية من العمال أو الفلاحين وخاصة في المحافظات الشرقية، على “الطرطيرة” في التنقل ونقل الحاجات، وهي وسيلة نقل ذات ثلاث عجلات تعمل على مادة البنزين.

وفي الفترة الماضية ظهرت بكثرة استخدام “الطرطيرة” في ريف محافظة ديرالزور، بحيث يعتمد المزارع والفلاح عليها في نقل المحاصيل باتجاه الأسواق، إضافة إلى الاستخدامات الأخرى، نتيجة ارتفاع أجور النقل والمواصلات عموما، مقارنة مع أجورها المنخفضة.

وفي السياق ذاته، يقول سعيد وهو صاحب “طرطيرة” يعمل عليها، لموقع “المشهد” المحلي، “هذه الآلية تساعدني في عملية التنقل أنا وأسرتي، إضافة إلى تأمين وارد مادي يساعدني في هذه الحياة، وهي وسيلة خفيفة سهلة الاستخدام، وليست جديدة على أبناء دير الزور، ومعروفة منذ فترة طويلة، ولكنها عادت بقوة نتيجة ارتفاع أسعار النقل بين الأحياء، لذلك يلجأ إليها الأهالي كونها توفر عليهم الكثير من الأعباء المادية”.

أما إبراهيم وهو صاحب “طرطيرة” أخرى يقول: “أنا من حي الجورة في ديرالزور، وهذه الآلية تؤمن لي معيشتي من خلال العمل اليومي في النقل والتنقل”. ولهذه الآليات ورش صيانة وإصلاح في مدينة وريف ديرالزور، وقطعها متوفرة كونها قريبة من الدراجات النارية.

ارتفاع جديد في سعر الوقود

وبحسب مصدر في وزارة النفط والثروة المعدنية، فإن سعر مادتي البنزين والمازوت سيشهد ارتفاعا جديدا في السوق السورية، بسبب ارتفاع تكاليف تصنيع واستيراد المشتقات البترولية، حيث ارتفعت تكلفة تصنيع لتر واحد من البنزين أو المازوت إلى 4500 ليرة سورية.

بدوره أشار مدير التشغيل والصيانة في “شركة محروقات”، عيسى عيسى، خلال حديثه لصحيفة “البعث” المحلية، الأحد الفائت، إلى وجود عجز كبير في خزينة الدولة، نتيجة ارتفاع تكاليف إنتاج واستيراد المشتقات النفطية، مضيفا أن ارتفاع أسعار النفط إلى حوالي 112 دولارا للبرميل الواحد كان له تأثير على سوريا وكذلك على باقي دول العالم.

وأشار عيسى، إلى أن تكاليف تأمين المشتقات النفطية في سوريا ارتفعت، لأن ناقلي الوقود طلبوا زيادة تصل إلى 20 بالمئة من سعر المواد، وذلك بسبب المخاطرة الكبيرة التي تتحملها تلك ناقلات النفط التي تورد المادة لسوريا، معتبرا أن النفط تحول من داعم للخزينة العامة إلى مستنزف لها.

قد يهمك: حوالي مليار ليرة مخالفات المحروقات والخبز خلال أسبوعين بسوريا

“الدراجات النارية” وسيلة نقل أيضا

ونتيجة لارتفاع تسعيرة “التكاسي” وغياب وسائل النقل العام، اتجه البعض وخاصة طلاب الجامعات إلى ركوب “الدراجات النارية” كحل بديل.

صحيفة “الوطن” المحلية، نشرت تقريرا أواخر الشهر الفائت، قالت فيه نقلا عن مواطنين أن “غالبية سائقي وأصحاب سيارات التكاسي يستغلون أزمة النقل نتيجة شحّ المازوت المخصص للسرافيس منذ منتصف الشهر الفائت، وقلة عدد السرافيس العاملة بالنقل الداخلي بحماة، بفرض أجرة زائدة للطلبات بالمدينة مهما كانت المسافة قصيرة”.

وأوضح بعض المواطنين للصحيفة المحلية، وقتذاك، أنهم يكونون عرضة للابتزاز من السائقين الذين يطلبون أجرة مضاعفة، بحجة أنهم يشترون البنزين الحر من السوق السوداء، وبسعر 6000 ليرة سورية لليتر الواحد، في حين لم تذكر الصحيفة أن الحكومة لا تقوم بتوزيع كافة مخصصات السائقين، وأنه لا يتوفر الوقود في المحطات بينما يتوفر في السوق السوداء.

وفي السياق ذاته، بيّنت الصحيفة أنه في مدن المحافظات الأخرى فالوضع ليس بأفضل، فقد قال العديد من المواطنين أن “أجرة سيارات التكاسي بمصياف نارية، فأجرة الطلب من أي حي من أحيائها للكراج أو للمشفى الوطني، لن تقل عن 9000 ليرة سورية”.

كما أكد طلاب جامعيون في كليتي الهندسة الزراعية والعمارة أن أجرة السيارة من الساحة العامة للكلية 3000 ليرة وقد كانت قبل أزمة المحروقات الأخيرة 1500 ليرة، من مدينة سلمية.

ونتيجة لهذا الحال نشطت الطلبات على الدراجات النارية التي تقف بالساحة العامة وتعمل بنقل الركاب، وفقا للطلاب الجامعيين.

وأوضح الطلاب إلى أن الأجرة التي يتقاضاها صاحب الدراجة النارية هي 2000 ليرة، ويدفعها كل طالبين مناصفة للوصول إلى كليتهما، وهذا الأمر أفضل مقارنة بارتفاع تكلفة تسعيرة “التكاسي” وغياب وسائل النقل العامة.

من جانبه، قال سائق من محافظة دمشق، إن “الحكومة لا تقوم بتوزيع كافة مخصصات السائقين، وفي بعض الأيام، أصحاب محطات الوقود لا يقومون بمنح مخصصات السائقين نهائيا، وخاصة وسائل النقل الخاصة، بحجة عدم توفر المازوت والبنزين في المحطة”.

وأردف السائق الذي فضل عدم ذكر اسمه، لموقع “الحل نت”، في وقت سابق، “لذلك نضطر إلى الشراء من السوق السوداء، لنقوم بمزاولة عملنا وكسب رزقنا، ومن الطبيعي جدا أن نرفع تسعيرة “التوصيلة”، باعتبار أننا نشتري الوقود بسعر أغلى، وإلا فلتقم الحكومة بدورها وأن توزع كافة مخصصاتنا”.

واستفسر السائق خلال حديثه لـ “الحل نت”، عن توافر المازوت والبنزين بكميات كبيرة في السوق السوداء، وبالمقابل محطات الوقود العامة فارغة؟!، في إشارة إلى وجود فساد وسرقة من محطات الوقود وبتغطية من المسؤولين في الحكومة السورية.

قد يهمك: توقعات بارتفاع جديد لأسعار المحروقات في سوريا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.