قطاع الكهرباء في سوريا لا يزال يشكل المعضلة الأكبر في البلاد، من حيث ساعات التقنين الطويلة والانقطاع شبه الدائم من حين لآخر بسبب الأعطال المتكررة في شبكة الكهرباء، فضلا عن التفاوت المستمر في قيمة فواتيرها، والذي يميل إلى الارتفاع بشكل غير متناسب مع قيمة الصرف.

في ظل ساعات التقنين القاسي بالكاد تتمتع به بعض المدن والبلدات بساعات محدودة جدا من الكهرباء، فقد صعقت وزارة الكهرباء السورية المواطنين مؤخرا بفواتير تتجاوز دخلهم الشهري حينا، وبعدة أضعاف هذا الدخل أغلب الأحيان، ولم تخطط الوزارة لمعالجة هذا النقص الكبير طوال فترة السنوات الماضية، وردها الوحيد “اعترضوا وتقدموا بطلب لتقسيط الفاتورة أو للاستفادة من نظام الشرائح”.

فائض استهلاك

ضمن السياق ذاته، فلا تكتفي وزارة الكهرباء بصعق المواطنين بفواتير “خيالية”، بل لجأت في العام الماضي إلى فواتير بمبالغ كبيرة أطلقت عليها “فائض استهلاك”، ولا يمكن وصف هذه الفواتير “الصاعقة” إلا أنها سرقة موصوفة “شفطت” نصف الدخل الشهري لمعظم المواطنين، أو خمسة أضعاف دخل عدد كبير منهم، وفق تقرير لصحيفة “البعث” المحلية يوم أمس الاثنين.

وأردف التقرير المنشور، أن “فواتير “فائض الاستهلاك” غير نظامية ولا شرعية، ولم توثقها العدادات، وإنما وضعتها وزارة الكهرباء مسبقا وعممتها على شركات الكهرباء لتحصيلها”.

وعليه، فإن الوزارة قطعت الطريق على المعترضين ووجّهت بعدم التحقيق في أي اعتراض على فواتير (فائض الاستهلاك)، وفق ما نشره صحيفة “البعث” المحلية يوم أمس.

ووفق التقرير المحلي، فإن هذه الآلية غير المسبوقة لتحسين “الجباية المالية” لا يمكن تكرارها تلافيا للتباين الفاضح بين أرقام استهلاك العدادات الفعلية والمحصل “وهميا”، وإن الوزارة لجأت إلى الأسلوب المفضل والفعال دائما وهو زيادة قيمة الاستهلاك.

واللافت في الأمر أن تتجاوز قيم فواتير المستهلكين في الدورة الأخيرة خمسة أَضعاف مثيلاتها السابقة، فمن جانبه، برر مسؤول(مدير مركزي) في وزارة الكهرباء الأمر بـ (تراكمات في قيم الفواتير لعدم قراءة العداد)، وترجمة هذا الكلام “تحميل استهلاك يعود لعدة دورات في فاتورة واحدة مقابل فواتير استهلاكها صفر تشتمل فقط على الرسوم المالية”.

قد يهمك: موظفون في حلب لم يتقاضوا منحة حتى الآن.. ما علاقة الكهرباء؟

أرقام خيالية

في إطار قيمة فواتير الكهرباء، قال المدير المركزي في وزارة الكهرباء، إن معظم المستهلكين الذين استهلكوا 1500 كيلوواط وصلت قيم فواتيرهم بعد التعرفة الجديدة لحدود 16 ألف ليرة سورية بدلا من 6100 حسب التعرفة السابقة، في حين من استهلك ألفي كيلوواط بلغت قيمة فاتورته 77500 ليرة بدلا من 12 ألفا حسب التعرفة السابقة، في حين وصلت قيمة الفاتورة ذات الاستهلاك 2500كيلوواط إلى 130 ألف ليرة بدلا من 18 ألف ليرة.

نستنتج من تصريح المسؤول الرسمي أن وزارة الكهرباء ضاعفت قيمة الفواتير بزيادة من 2.6 إلى 7.2 أضعاف عن قيمة الفواتير السابقة، علما أن البعض تجاوزت قيمة فاتورته الـ 500 ألف ليرة، وفق صحيفة “البعث” المحلية.

ووفق الصحيفة المحلية، بما أن المؤشرين لا يزورون منازل المشتركين إلا نادرا أو كل عدة أشهر أو لأكثر من عام، فإن كلام الوزارة عن كون أكثر من 3.5 ملايين مشترك من إجمالي 4.5 ملايين مشترك استهلاكهم ضمن الشريحة الأولى، وقيم فواتيرهم في الدورة 1200 ليرة، يبقى كلاما نظريا لا يمت للواقع بصلة.

واختتمت الصحيفة تقريرها بسؤال، “هل من المنطقي أن تكرر وزارة الكهرباء ادعائها أن سعر “ك و س” مازال أقل من التكلفة، بعد رفع قيم الاستهلاك، ولكن من المنطقي جدا أن يسأل المواطن الوزارة “هل زادت الحكومة دخلنا ورواتبنا لتصعقنا بفواتير لا تقل عن ضعف الفواتير السابقة؟”.

التسعيرة على أساس الكلفة

عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق ياسر اكريّم، أشار إلى أن الأزمة الاقتصادية مستمرة على الرغم من التصريحات الحكومية، مرجعا ذلك إلى بطء التخطيط والإجراءات الحكومية وتعقيداتها الذي يؤثر سلبا على الأسعار، مضيفا أن هناك شروطا تعجيزية للاستيراد وعدم السماح بالمنافسة الحقيقية للجميع، بحسب تقرير لصحيفة “الوطن” المحلية، يوم أمس الاثنين.

وطالب اكريّم بضرورة أن يكون التسعير على أساس التكاليف، وحتى يكون التسعير واضحا وصحيحا يجب أن تكون الضرائب صحيحة وهذا يتطلب أن يعرف التاجر تكاليفه ليكون ربحه واضحا، مشيرا إلى أنه عندما يكون هناك جهل بالتكاليف ترتفع الأسعار من دون مبرر، مؤكدا أن الحكومة هي المسؤولة أولا وأخيرا عن فلتان الأسعار والتضخم الحاصل في الأسواق حاليا.

من جهة ثانية، اقترح اكريّم على الجهات المعنية أن يتم تعويم أسعار الطاقة، أسوة بالدول المجاورة، باعتبارها تؤثر على أكثر من 5 بالمئة من تكاليف الإنتاج، كما دعا إلى ضرورة أن تكون التكاليف التجارية صحيحة حتى تستمر عجلة الاقتصاد وتستقطب رؤوس الأموال والتجار، ومبينا أن المشكلة في سوريا تكمن ببقاء الأسعار والتكاليف مرتفعة أكثر من الدول الأخرى، مما يتسبب بخلق مشكلة بالتصدير.

ومن الجدير بالذكر، أن البلاد تشهد زيادة في التقنين مع بدء فصل الصيف، تشهد البلاد انخفاضا حادا في إمدادات الكهرباء، حيث سجلت معظم المناطق زيادة في عدد ساعات التقنين إلى 4 ساعات فأكثر، فيما ارتفعت إلى 8 ساعات في المتوسط في مناطق أخرى، ويأتي هذا التراجع دون تفسير من قبل الوزارة.

قد يهمك: سوريا.. هل ترتفع أسعار الكهرباء بسبب الصناعيين والتجار؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.